أثار استمرار استهداف إسرائيل لقادة جماعة حزب الله في لبنان، بما فاق أكثر من 300 شخص، التساؤلات عن الهدف الإستراتيجي لها من ذلك، خاصة مع التحضيرات التي يعلنها مسؤولون إسرائيليون بشأن منطقة الحدود الشمالية.
وعقب إعلان الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، مقتل أبو طالب عبد الله، القيادي البارز في "وحدة نصر" بحزب الله، و3 آخرين في غارة على مركز للقيادة والتحكم بجنوب شرق لبنان، أعلن الجيش أيضا أن الحزب أطلق ما لا يقل عن 215 صاروخا من لبنان على شمال إسرائيل.
وجاء في بيان للجيش: "تم تنفيذ الهجوم الأخير ضد مجتمع شلومي في شمال البلاد. وسقط صاروخ في منطقة مفتوحة دون وقوع إصابات".
وتوعّد رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، هاشم صفي الدين، بزيادة العمليات ضدّ اسرائيل "كمّاً ونوعاً".
وقال في كلمة خلال تشييع عبد الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، "إذا كانت رسالة العدو (..) النيل من عزيمتنا لنتراجع عن موقفنا في إسناد المظلومين والمجاهدين والمقاومين في غزة الأبية فعليه أن يعلم أن جوابنا القطعي ... سنزيد من عملياتنا شدة وبأسا وكما ونوعا".
ومنذ 7 أكتوبر، أعلن حزب الله مقتل 334 عنصرا، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أكثر من 320 عنصرا.
ويستعرض محللون سياسيون لموقع "سكاي نيوز عربية" ما يرونها أهداف إسرائيل من وراء استهداف قيادات حزب الله.
3 أهداف رئيسية
يقول الخبير في الشؤون الإيرانية والجماعات الشيعية محمود جابر إنه يمكن تلخيص ما تريده إسرائيل في 3 نقاط:
- استهداف السمعة.. فحزب الله من أكثر الكيانات السياسية والعسكرية تأثيرًا في المنطقة، وله قاعدة شعبية كبيرة في لبنان وخارجه، ومن خلال استهداف قادته، تسعى إسرائيل إلى تقويض هذه السمعة وإظهاره بأنه غير قادر على حماية قادته ومناصريه.
- القضاء على قدراته الاستراتيجية.. يشكل قادة الحزب المستهدفين جزء من نواة التخطيط والقرار، وكانوا يمتلكون خبرات عسكرية واستخباراتية هائلة مكَّنتهم من تنفيذ عمليات ناجحة ضد إسرائيل، وبقتلهم تريد إسرائيل الحد من قدرات الحزب على التخطيط والتنفيذ.
- كسب الوقت.. يُعد حزب الله تهديدًا دائمًا لإسرائيل، واستهداف قادته يمكن أن يعطل أنشطته لفترة، ويجعله في وضع دفاعي، وقد يضطر الحزب لعملية إعادة هيكلة إستراتيجية؛ ما يمنح إسرائيل الوقت اللازم للتحضير والاستعداد للتعامل مع أي تهديدات قادمة.
رسالة ردع
تتفق الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون السياسية، إيرينا توسكرمان، في أن اغتيال إسرائيل لهذا الكم من قادة حزب الله هدفه تعطيل الحزب وردعه.
إلا أنها لا تتوقع أن يتحقق هذا الهدف، بل ترجح أن هذا الاستهداف المتواصل سيؤدي لرد فعل أقوى من الحزب.
وعلى هذا، تعتبر أن الضربات الإسرائيلية لقادة حزب الله: "ذات قيمة تكتيكية أكثر منها إستراتيجية"، وتريد منها إسرائيل "إظهار قدراتها على تحديد هوية ومواقع القادة، وأنها قادرة على الوصول إلى مواقعهم".
استمررا عمليات الاغتيالات.. ورد حزب الله
يضع المحلل السياسي، علي يحيى، الاغتيالات الإسرائيلية المكثفة في إطار أنها "محاولة للتعويض عن عدم اتخاذ قرار الهجوم العسكري الشامل" على جنوب لبنان.
وعن رد حزب الله، يقول: "المتوقع أن يرد على هذه العملية بمسارين، الأول بسلسلة عمليات انتقامية لإيقاع خسائر بشرية إسرائيلية؛ للمحافظة على الردع، والثاني برفع مستوى العمليات بجميع أشكالها، وفقا لتوصيف رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، هاشم صفي الدين".
تجنب الحرب المفتوحة
ويرى متخصصون أن حزب الله من جانبه، يستهدف من خلال هجماته على شمال إسرائيل إثبات الهيمنة على مسار التصعيد والمساحة الجغرافية التي تم فرض الاشتباك فيها.
وفي نفس الوقت، يحرص الحزب على تجنب الوقوع في حرب مفتوحة في الوقت الحالي، نظرًا لعدة أسباب تتعلق بالتوازنات الإقليمية والدولية.