قال شهود عيان لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الفاشر عاصمة دارفور شهدت الإثنين معارك هي الأعنف منذ اندلاع القتال فيها قبل نحو شهر بين قوات الدعم السريع والجيش مدعوما بالحركات المتحالفة معه، في ظل موجة نزوح كبيرة حولت المدينة الأكبر في الإقليم إلى "مدينة اشباح".
واستخدم طرفا القتال الأسلحة الثقيلة والمسيرات وعمليات القصف المكثف التي أحدثت دمارا كبيرا في المستشفيات والمنشآت العامة والأحياء السكنية، في حين يتبادل الطرفان مسؤولية التصعيد الخطير.
وحذرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة من التداعيات الخطيرة المحتملة جرّاء خروج المستشفيات الرئيسية عن الخدمة.
وعبّرت المنظمة في بيان على صفحتها بمنصة "إكس" عن فزعها الشديد من الهجوم الأخير على مستشفى الجنوب، وهو المرفق الوحيد الذي يتمتع بقدرة جراحية في المدينة مما يزيد من تقييد الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة.
ومن جانبها أشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى "التأثير المدمر العميق" على المدنيين نتيجة للاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر، محذرة من أن السكان والنازحين داخليا محاصرون في المدينة ويواجهون خطر المجاعة الوشيك.
ووفقا لمحمد الناير الناطق باسم حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور فإن عشرات الأسر الفارّة من القتال في الفاشر ومناطق أخرى من الإقليم تصل يوميا إلى مناطق سيطرة الحركة عبر الشاحنات والدواب ومشيا على الأقدام، في ظروف إنسانية قاهرة.
وأوضح الناير أن "آلاف الأسر التي وصلت إلى مناطق سيطرة الحركة بجبل مرة تعاني من الجوع والأمراض، لا سيما الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، حيث يموت العشرات يوميا جرّاء سوء التغذية وانعدام الدواء. إننا أمام كارثة إنسانية حقيقية تستدعي التدخل العاجل من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية".
وفشلت حتى الآن كافة الجهود الإقليمية والدولية والمحلية لوقف القتال في المدينة، لكن الهادي إدريس، عضو مجلس السيادة السابق قال لموقع "سكاي نيوز عربية" إن إنقاذ المدنيين العالقين يتطلب وجود آلية حل تؤدي إلى خروج طرفي القتال من المدينة.
وقبل نحو أسبوعين طرحت حركات مسلحة محايدة من بينها تحرير السودان - المجلس الانتقالي- التي يرأسها إدريس خطة لتشكيل قوة مشتركة لحماية المدنيين ومساعدة المنظمات الإنسانية لتوصيل المساعدات للعالقين، لكن الخطة لم تنفذ حتى الآن.
وفي أعقاب الحرب التي اندلعت في البلاد انقسمت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية السلام في جوبا في نهاية 2020، إلى حركات محايدة وهي الغالبية وتقودها حركتي الهادي إبراهيم وأبو بكر حجر، فيما أعلنت ثلاث حركات انحيازها للجيش، وهي مجموعة تتبع لجبريل إبراهيم وزير المالية الحالي ومني أركي مناوي حاكم إقليم دارفور ومجموعة مصطفى تمبور.
وتعتبر الفاشر واحدة من أهم المدن الاستراتيجية في الإقليم الذي يربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى.
وقتل وأصيب المئات منذ اندلاع القتال في المدينة الاستراتيجية والتي تعتبر الوحيدة في إقليم دارفور التي لا يزال للجيش وجود فيها بعد سيطرة قوات الدعم السريع على أكثر من 90 في المئة من مناطق الإقليم.
وكانت المدينة تحتضن قبل اندلاع القتال ربع سكان إقليم دارفور البالغ عددهم نحو 6 مليون نسمة والذي يشكل 20 في المئة من مساحة السودان ويضم نحو 14 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة.