مع المناقشات الدائرة حول اقتراح الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأخير لإنهاء الحرب في قطاع غزة، تبحث إسرائيل في بدائل لحكم حركة حماس للقطاع، وتركز على أن يكون الحاكمون الجدد لا يبحثون عن سلطة، ولا تجمعهم بوتقة واحدة، ولا يهمهم قيام الدولة الفلسطينية.
وفي سبيل ذلك تدرس تل أبيب مقترحات بمنح قيادات عشائرية محلية مسؤولية إدارة شؤون الجماعات السكانية التابعة لها في نطاق جغرافي محدد، على أن تتولى إسرائيل تسليحها.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، من المفترض أن يوفر الجيش الإسرائيلي الحماية للأحياء التي تديرها هذه العشائر، على الأقل في البداية، حتى لا تسيطر عليها حماس.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قال، الأحد في بيان: "سنعزل مناطق (في غزة) وسنبعد عناصر حماس من تلك المناطق، وننشر قوات ستمكن من تشكيل حكومة بديلة".
ومقترح تسليم إدارة وحفظ الأمن لعشائر، تبدأ بمهمة استلام وتوزيع المساعدات الإنسانية للسكان، ظهر للعلن في بداية العام الجاري، إلا أنه في مارس أصدرت عدة عشائر بيانات ترفض فيه المقترح، وتمسك بعضها بأن تكون غزة تحت إدارة منظمة التحرير الفلسطينية.
تجارب السجون
عن الخطط الإسرائيلية لحكم غزة، يقول القيادي في حركة فتح الفلسطينية، أيمن الرقب، إن تل أبيب تحاول محاكاة ما تفعله في المعتقلات حيث تفرض على المعتقلين اختيار شخص يمثلهم لاستلام الغذاء ومناقشة الأمور مع السلطات.
ويضيف أن "حديث وزير الدفاع، يوأف غالانت، عن تقسيم غزة إلى جزر إنسانية يعني ان هناك مؤسسات دولية ستعمل في القطاع، وسيتم إنشاء قوة مدنية فلسطينية مهمتها استلام المساعدات وتوزيعها، ومع الوقت يتم دعمها بتوفير عربات للتنقل وأسلحة لضبط الأمن؛ لتتحول في النهاية إلى القوة الحاكمة على الأرض".
إلا أن الرقب، يرى أن هذه الخطة محكوم عليها بالفشل، متستدلا على رأيه بأن:
- شعب غزة مسيس بالكامل، ولن يجدي معه تكرار تجربة الصحوة العشائرية في العراق، أو ما حدث في جنوب لبنان في ثمانينات القرن العشرين.
- التركيبة السكانية في غزة تصعب مثل هذه الأمور؛ لأن 70% من السكان هم لاجئون، ولديهم كراهية ضد إسرائيل.
- إسرائيل لم تتعلم من تجارب الماضي عندما حاولت في السبعينيات إنشاء المخاتير والمجالس البلدية، لكنها مع الوقت تآكلت وأصبحت وجهتها سياسية، كما حاولت في الضفة الغربية إنشاء روابط القرى.
وعلى ما سبق، يرى الرقب أن "الحل الوحيد هو انسحاب الاحتلال من غزة، ثم البدء في مسارات تؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية".
العشائر لمنع قيام الدولة
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، مردخاي كيدار، يصر على أن الحل هو قيام سلطات عشائرية تراعي مصالح أفرادها، دون قيام سلطة تطالب بقيام دولة.
وتفصيلا، يقول كيدار عن رؤيته لتنفيذ هذا المقترح:
- أؤيد فكرة حكم مدني في الضفة وغزة منذ سنين، وطرحت إقامة إمارات صغيرة على أساس عشائري؛ لأن العشائريةَ تجري في عروقهِم مجرى الدم، وللعشائر حضور وشرعية، وشيوخها يعرفون كيف يديرون أمورهم.
- هذا المقترح هو البديل الواقعي لفكرة حل الدولتين أو الدولة الواحدة، وشيوخ العشائر يراعون مساكن الناس، ولا يبحثون عن القتال ضد إسرائيل أو السلطة.
- نحن نبحث عمن يتمكن من أن يدير الأمور لصالح الناس وليس الباحثين عن السلطة.
- يجب تجفيف منابع تمويل السلطة الفلسطينية وحماس لتمكين العشائر من الحكم حسب العادات والتقاليد، وترعى مصالح أفرادها.
- فيما يخص القول بأن سكان غزة معظمهم لاجئون، نعم هم لاجئون، ولكن منذ أكثر من 70 عاما، ما يعني أن هناك 4 أجيال تكفي لتكوين عشيرة.
مقترح "الفرصة الحقيقية"
الجمعة، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، مقترحا جديدا لوقف الحرب في غزة يتضمن 3 مراحل، قائلا إنه "حان الوقت لإنهاء هذه الحرب".
ويشمل المقترح العمل بالتدريج على وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وإعادة إعمار غزة.
وبشأن إصرار الحكومة الإسرائيلية على عدم إنهاء الحرب إلا بالقضاء الكامل على حماس، قال بايدن إن حماس لم تعد قادرة على تنفيذ هجوم آخر كهجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل، مشددا على أن مقترحه "فرصة حقيقية لإنهاء الصراع".
والإثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الأولوية القصوى بالنسبة لإسرائيل في غزة هي القضاء على حماس واستعادة الرهائن.
وقال ديفيد مينسر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن نتنياهو يعتبر مقترح بايدن بشأن غزة "غير مكتمل".
وكرر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، تهديداته بالاستقالة إذا دخل نتنياهو في اتفاق لا يتضمن الاطاحة بحماس.
لكن زعيم المعارضة، يائير لابيد، دعا نتنياهو لقبول الاقتراح، معتبرا أن الوزراء الرافضين له لا يعنيهم الأمن القومي، ويريدون حربا للأبد.
من ناحيتها، قالت حماس في بيان: "مستعدون للتعامل بإيجابية مع أي مقترح يتضمن وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وإعادة الإعمار، وعودة النازحين، وتبادل الأسرى والرهائن".