تميل السياسة التركية بشكل لافت صوب حركة حماس، ما عده مراقبون "استثمارا سياسيا" يجد جذوره في ضغوط داخلية شعبية وحزبية، وأهداف خارجية، لكن استمراره يبدو مرهونا بحزب العدالة والتنمية وتوجهاته المستقبلية.
مساندة لافتة
تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن حماس، في خطاب الأربعاء، أمام اجتماع الكتلة النيابية لحزبه، العدالة والتنمية، في أنقرة، وقال:
- إسرائيل ستمد بصرها إلى الأناضول، إسرائيل لا تهاجم غزة وحدها، بل تهاجمنا نحن أيضا، مستندة إلى أوهام الأرض الموعودة.
- حماس تدافع عن الأناضول في خط متقدم.
هذه التصريحات تعكس موقفا مماثلا لطرح سابق للرئيس التركي، ردا على مهاجمة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، لحماس، في مؤتمر صحفي جمعها بأنقرة، الاثنين الماضي، وقال:
- حركة حماس في غزة هي "خط الدفاع الأمامي لمنطقة الأناضول.
- سنواصل الوقوف إلى جانب حركة "حماس" التي تدافع عن استقلال أرضها وعن الأناضول.
موقف سياسي شعبي
المساندة اللافتة آثارت تساؤلات، حول أهدافها، وهل هي استثمار طويل الأجل أم فقط مناورة سياسية، وأيضا حول احتمالية أن تكرر أنقرة تجربة طهران في دعم فصائل مسلحة في غزة، وشكل ذلك الدعم وتداعياته.
تلك التساؤلات أجاب عنها المحلل التركي المتخصص في الشأن الدولي، فراس رضوان أوغلو، في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، قائلا:
- الأمر ليس شراء وبيعا، الموقف التركي بقيادة العدالة والتنمية اتخذ موقفا قويا جدا مع حماس ضمن أهداف استراتيجية عديدة.
- استمرار الموقف التركي مرهون باستمرار الضغط الشعبي، سواء كانت العدالة والتنمية بالحاكم أو أي حزب آخر، فلن تستطيع أي حكومة مخالفة ذلك.
- هنا يوضع في الاعتبار أن خسارة ولايات انتخابية في تركيا، كان مرده لقضية غزة والموقف منها وكان هذا واضحا.
- تركيا لم تتخذ قرارا بدعم مسلح لحماس، ولن تتخذه، ولكن سيبقى شكل الدعم سياسيا وإعلاميا، ليس أكثر من ذلك.
- أنقرة تدرك تماما أن موقفها محل إجماع دولي، ويتمثل في أنها تدعم قضية تحرير وطن، وبالتالي تحركاتها قانونية ولا تداعيات يمكن أن تنالها مثلها مثل مواقف الأمم المتحدة تجاه القضية ذاتها.
مكاسب محتملة
وحول ما يمكن أن تجنيه تركيا من هذا الموقف، قال الخبير المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، كرم سعيد، في حديث مع سكاي نيوز عربية:
- العدالة والتنمية يحول معالجة الخسارة الأخيرة في المحليات، والتي كانت أسبابها الرئيسية الموقف مما يحدث في غزة، الذي قامت المعارضة بتوظيفه، وحاليا يرفع أردوغان سقف التجاوب مع التعاطف الشعبي، كما رأينا في وقف التبادل التجاري مع إسرائيل، ودعم حماس.
- يضاف للمساندة اللافتة لحماس، محاولة استثمار تركيا هذا الدعم، في سياق تحييد ضغوط غربية عليها، خاصة بعد إلغاء زيارة أردوغان لبايدن هذا الشهر.
- لن تحمل خطوات دعم تركيا لحماس أي مشروع تسليح، لكن تستهدف تعزيز دورها كوسيط بين الحركة وإسرائيل، والتواجد بإعمار غزة، ومحاولة شرعنة الدور السياسي لحماس في أي ترتيبات لاحقة ودعم ذلك في المؤسسات الدولية.
- الدعم التركي يبدو مدروسا وفق خطوات، ومشروطا ألا يصل سقفه لقطيعة مع الغرب أو الولايات المتحدة أو إسرائيل.
- تداعيات الدعم ستنعكس على العدالة والتنمية داخليا، ويقطع الطريق على استثمار وتوظيف المعارضة للقضية الفلسطينية، وسيعيد الصورة الذهنية لتركيا كمدافع عن القضية الفلسطينية، ويزيد من تحييد تركيا لضغوط الغرب، والاستفادة من هذا الدور في حل قضايا خلافية معه.
صفقة رابحة؟
ولا يذهب المحلل السياسي التركي، جواد جوك، بعيدا عن المنطلقات السابقة، وقال في حديث مع "سكاي نيوز عربية" قائلا:
- الدعم المعلن من أردوغان هو استثمار سياسي أمام الداخل التركي لأن الحكومة تحت ضغط داخلي.
- تركيا وإيران ليستا متنافستين على حماس، هما متعاونتان؛ فأنقرة تقدم الدعم السياسي والإنساني، وطهران تقدّم الدعم العسكري.
- ربما تخسر الحكومة التركية بسبب دعم حماس كجماعة وليس الشعب الفلسطيني بشكل واضح.
ليس مستداما
المحلل السياسي الفلسطيني زيد الأيوبي، يثير نقطة ارتباط دعم حماس بوجود أردوغان في الحكم، ويقول في حديث مع سكاي نيوز عربية:
- العلاقات بين حماس وتركيا مرتبطة بوجود أردوغان في الحكم باعتبار أن القضية الفلسطينية من أهم محاور وقضايا الحزب الحاكم.
مقاتلات إف 16
يعتبر الأيوبي أيضا أن ورقة دعم حماس قد تفيد تركيا في مساومتها لواشنطن بشأن طائرات إف 16، قائلا إن "تصريحات أردوغان تأتي في توقيت عقد صفقة بين أنقرة وواشنطن بشأن مقاتلات "إف-16" الأميركية، وقبلها كان قراره بتعليق التجارة مع إسرائيلط.
"كل ذلك يعد جزءا من أوراق الضغط على الولايات المتحدة لإنجاز صفقة المقاتلات".