يرصد محللون سياسيون ما وصفوه بـ"الازدواجية الغربية" في أزمة السودان، بتوجيه مزاعم بلا إدلة لدولة الإمارات العربية المتحدة، بأنها تساند طرفا دون آخر، بينما يتم التغاضي عن التدخل الإيراني "رغم وجود الأدلة".
ونفت الإمارات مرارا أنها تزوّد أيا من أطراف الصراع الدائر في السودان منذ 15 أبريل 2023، بالأسلحة والذخائر، مؤكدة موقفها الرسمي الداعي لإنهاء الصراع واحترام سيادة السودان.
ويعرض محللون سياسيون في تعليقاتهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، الأسباب التي تدفع إلى نسج مزاعم ضد الإمارات في ملف السودان، رغم دورها "الإنساني" في إغاثة متضرري الصراع.
رسالة إماراتية
في 21 أبريل الماضي، وجّهت الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن ما يثار حول دورها في السودان، جاء فيها:
- إن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة بعد مرور عام على الصراع، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية لمعالجة الأزمة الإنسانية.
- تؤكد الإمارات التزامها بدعم الحل السلمي، ومواصلة العمل مع جميع المعنيين لدعم أي عملية تهدف لوضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.
ما سبب الحملة؟
من بيروت، يُرجع أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية خالد العزي، الحملة الممنهجة على الإمارات إلى ما يلي:
- الأبواق الإعلامية الإخوانية تحاول تحميل أزماتها لدول راسخة بالمنطقة، وهذا ما يحدث في السودان من خلال اتهام الإمارات بمساعدة أحد طرفي النزاع على خلاف الحقيقة.
- دور الإمارات التاريخي المناهض للحركات الإخوانية.
- يتم التشويش على دور الإمارات ودول الاعتدال العربي، في نفس الوقت الذي يجري الصمت على التدخلات الإيرانية المباشرة.
- التدخلات الإيرانية تهدف لتحويل السودان إلى سوريا جديدة، باستغلال طهران الصراعات الداخلية لزيادة نفوذها، كما أنها تنظر للسودان على أنه ساحة لتسوية حساباتها في المنطقة.
"خطاب كراهية"
- من القاهرة، يرصد الباحث في الشؤون الإقليمية، هاني الجمل، أبعادا أخرى للحملة الجارية ضد الإمارات، ومنها:
- اهتمام الإمارات بالتنمية وإقامة كيانات اقتصادية كبرى، حتى خارج حدودها، وزيادة وجهات الاستثمار، جعلاها في منافسة قوية مع الدول الكبرى؛ ما دفع بعضها لزيادة "خطاب الكراهية" ضدها.
- حظي وفد الإمارات المشارك في قمة دول "الإيغاد" الخاصة بالأزمة السودانية، بترحيب كبير وشكر لدور الإمارات في حل الأزمة، ومن بعد ذلك تعالت أصوات غربية لتحجيم هذا الدور، باتهامها بدعم فصيل بعينه دون أسانيد واقعية.
- ويلفت الجمل إلى أن هذا تسبّب في جدل داخل السودان بشأن تأثير ذلك على علاقات البلدين، والبعض هناك "يتهم السلطات السودانية بأنها تفتقر للكياسة".
- وتحتضن الإمارات أكبر جالية سودانية في الخليج العربي بعد السعودية، كما وصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والسودان السنوات القليلة الماضية، إلى أكثر من ملياري دولار، وفق الجمل.
تدخّل إيراني
عن تاريخ تدخل إيران في السودان، يقول الخبير في الشؤون الإيرانية، وجدان عبدالرحمن، المقيم في لندن، إنه بدأ من عام 1989 خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير، ووصل لدرجة إنشاء شركات لتصنيع السلاح في السودان.
وعن أهداف تدخل طهران في الأزمة السودانية الحالية، يوضّح عبدالرحمن:
- تسعى إيران لبسط نفوذها للفوز بنصيب من الثروات السودانية، معتمدة على علاقاتها بالجماعات الإسلامية هناك.
- تريد طهران أن يكون لها وجود على ضفتي البحر الأحمر، بأن توجد في السودان بعدما باتت تتحكم في جماعة الحوثي في اليمن على الضفة الأخرى، وذلك بإنشاء مليشيات؛ لتحقق حلمها بأن يكون البحر الأحمر ساحة إيرانية.
ونقلت "رويترز" الشهر الماضي، عن مصدر كبير في الجيش السوداني، أن طائرات مسيّرة إيرانية مسلحة، ساعدت الجيش على تحويل دفة الصراع، ووقف تقدّم قوات الدعم السريع المنافسة، وفي استعادة أراضٍ حول الخرطوم.
وأوردت وكالة "بلومبيرغ" أن إيران تزوّد الجيش السوداني بشحنات أسلحة بطائرات مسيّرة طراز "مهاجر 6".
ورصد تحليل نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، يناير الماضي، مخاوف بشأن مشروع لطهران بتحويل جيش السودان إلى مليشيات تشبه "الحشد الشعبي" التابعة لها في العراق.
"فشل سياسي دولي"
من واشنطن، تقول الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، إن دور إيران يتوسّع في السودان وإثيوبيا والصومال ونيجيريا، وغيرها بإفريقيا.
ومن وسائل طهران لهذا التمدد، حسب الباحثة الأميركية:
- تجنيد المليشيات وتهريب السلاح.
- دعم الجماعات الإرهابية والفصائل المتطرفة.
- تأجيج وتسليح الصراعات الداخلية.
- وعن الموقف الدولي إزاء هذا التغلغل، ترى إيرينا تسوكرمان أن هذه الأمور مرصودة، لكن "لا توجد إرادة سياسية للعمل الدولي المتضافر لمعاقبة إيران".
- وتنتقد ما تقول إنه "تردد المجتمع الدولي في مواجهة إيران"، واصفة ذلك بأنه "فشل سياسي".