لم يؤدي الهجوم الإسرائيلي على إيران، الجمعة، إلى ردود فعل قوية من طرف طهران ولم تتوعد بالرد، وهو ما اعتبر كإعلان عن نهاية جولة التصعيد بين البلدين، لكن كيف أجبرت الضربة الإسرائيلية طهران على "الصمت"..
تشير المعطيات إلى أن النطاق المحدود للهجوم والصمت الإيراني حياله يبين ناجح الجهود الدبلوماسية لتجنب حرب شاملة منذ هجوم شنته إيران بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل يوم السبت الماضي.
وكان مسؤول إيراني كبير قد أكد لوكالة رويترز أن طهران ليس لديها خطة للرد الفوري على إسرائيل، وقال "لم نتأكد من المصدر الخارجي المسؤول عن الواقعة. لم نتعرض لأي هجوم خارجي والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوم".
وعلى الجانب الآخر أكدت رويترز أن الجيش الإسرائيلي يرفض التعليق على هجوم إيران.
لذلك فإن عددا من الأسباب يقف وراء انتهاء الجولة التصعيدية بين البلدين:
- محدودية الضربة
شهد هجوم إسرائيلي على ما يبدو بطائرات بدون طيار على إيران قيام القوات بإطلاق الدفاعات الجوية في قاعدة جوية رئيسية وموقع نووي بالقرب من مدينة أصفهان بوسط البلاد.
ووصفت تقارير إسرائيلية وأميركية أن الضربة كانت محدودة وكان الهدف منها هو إرسال رسالة إلى طهران بقدرة إسرائيل على استهداف أي مكان في عمق البلاد.
- إسرائيل لا تتبنى الهجوم
وبينما لم تتهم إيران إسرائيل بالوقف وراء هجوم صبهان، فإن إسرائيل لم تتبنى الضربة التي اعتبرت بمثابة رد على الهجوم الإيراني على الدولة العبرية.
والتزمت القيادة والجيش في إسرائيل الصمت لكنها قالت على مدار الأيام الماضية إنها تخطط للانتقام من طهران بسبب الهجوم الإيراني، المباشر الأول على الإطلاق الذي شنته طهران على إسرائيل بعد عقود من الحرب عبر وكلاء والتي تصاعدت في المنطقة خلال الحرب في غزة الدائرة منذ 6 أشهر.
- أعطت مساحة للرواية الإيرانية
عدم تبني إسرائيل للهجوم أعطى مساحة معقولة للجانب الإيراني لنشر روايته بشأن الهجوم، مما يجعله يحتوي أي رد فعل غاضب في الشارع.
وأشار التلفزيون الرسمي اللإيراني أن "متسللين" أرسلوا طائرات مسيرة صغيرة من داخل البلاد أسقطتها الدفاعات الجوية في أصفهان أطلقها "متسللون من داخل إيران".
وألقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كلمة صباح الجمعة لم يتطرق فيها إلى الانفجارات التي سمع دويها في وسط البلاد ولم تربطها السلطات بالتوتر مع إسرائيل.
وتحدث رئيسي أمام مئات الأشخاص الذين تجمعوا في مدينة دامغان (شمال شرق) باقتضاب عن الوضع الدولي المتوتر في الشرق الأوسط بعد الهجمات غير المسبوقة بمسيرات وصواريخ إيرانية على اسرائيل.
ولم يشر الرئيس إلى الانفجارات التي سُمع دويها بالقرب من مدينة أصفهان بوسط البلاد وقال مسؤولون أميركيون إنها هجوم إسرائيلي.
- تفاهم بشأن تجنب التصعيد
ضغطت واشنطن وقوى عالمية أخرى على إسرائيل لعدم الرد أو لضمان أن تكون أي ضربة انتقامية محدودة لمنع اشتعال صراع أوسع نطاقا .
ودعت الدول في جميع أنحاء العالم الجمعة الجانبين إلى تجنب المزيد من التصعيد.
وأكدت الصين معارضتها لكافة الأعمال التي "تؤدي إلى تصعيد التوترات" بعد انفجارات إيران، فيما قال الكرملين إنه يتابع التقارير حول الهجوم الإسرائيلي داعيا جميع الأطراف إلى "ضبط النفس" لمنع المزيد من التصعيد.
كما نقلت وكالة فرانس برس عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله إن روسيا أبلغت إسرائيل أن "إيران لا تريد تصعيدا".
وقال لافروف في تصريحات لوسائل إعلام روسية اليوم الجمعة، إنه خلال الاتصالات الأخيرة مع الممثلين الإسرائيليين نقلت روسيا إليهم موقف إيران ومفاده أن طهران لا تريد مزيدا من التصعيد.
- "حفظ ماء الوجه"
واعتبرت تقارير أن الضربة الإسرائيلية على إيران "المحدودة" والرد الإيراني "الخافت" يبرز سعي البلدين لـ"حفظ ماء الوجه" وكذلك الاستجابة للدعوات الدولية بوقف التصعيد.
واعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن التعليق المحدود لإيران على الهجوم الإسرائيلي، يشير إلى أن طهران لا تخطط للانتقام، وهو رد بدا أنه يهدف إلى تجنب حرب على مستوى المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن تقليل وسائل إعلام ومسؤولون إيرانيون من حجم الهجوم عندما أشاروا إلى أنه هجوم من قبل "متسللين"، وليس من قبل إسرائيل، مما يتجنب الحاجة إلى الانتقام، وهو ما بين رغبتهم في إيقاف "دورة الردود الإنتقامية" بين إيران وإسرائيل.
وقالت نيويورك تايمز أن رد الفعل الخافت بعد الضربة الإسرائيلية من كلا البلدين يشير إلى أنهما يريدان تخفيف التوترات.