أرجأ مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي حتى الأربعاء ثالث اجتماعاته المتعلقة باتخاذ قرار الرد على أول هجوم مباشر تشنه إيران على إسرائيل على الإطلاق.
جاء ذلك وسط مساع من حلفاء غربيين لفرض عقوبات جديدة على طهران بهدف إثناء إسرائيل عن تصعيد كبير في الشرق الأوسط.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي "إطلاق هذا العدد الكبير من الصواريخ، صواريخ كروز، والطائرات المسيرة على الأراضي الإسرائيلية سيُقابل برد". لكنه لم يقدم تفاصيل.
ولم يؤد الهجوم إلى سقوط قتلى وأحدث أضرارا محدودة، بسبب الدفاعات الجوية والإجراءات المضادة من إسرائيل وحلفاء لها، لكنه أجج المخاوف من اتساع نطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة ونشوب حرب مفتوحة بين الخصمين اللدودين إسرائيل وإيران.
وشنت طهران الهجوم ردا على غارة جوية قالت إنها إسرائيلية على مجمع سفارتها في دمشق في الأول من أبريل نيسان، وأشارت إلى أنها لا تسعى لمزيد من التصعيد.
وقال مصدر في الحكومة الإسرائيلية إن جلسة مجلس وزراء الحرب التي كان من المقرر عقدها الثلاثاء تأجلت إلى الأربعاء، دون الخوض في تفاصيل.
وأبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطلع الأسبوع بأن الولايات المتحدة، التي ساعدت إسرائيل في صد هجوم طهران، لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي مضاد على إيران.
وسعت واشنطن، بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين، اليوم إلى تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية على إيران في محاولة لإثناء إسرائيل عن رد عنيف.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس "أقود هجوما دبلوماسيا على إيران". وأضاف أنه بعث برسائل إلى 32 دولة ودعا إلى فرض عقوبات على مشروع الصواريخ الإيراني وإعلان الحرس الثوري منظمة إرهابية.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن الولايات المتحدة ستستخدم العقوبات وتعمل مع الحلفاء لمواصلة عرقلة "أنشطة إيران الخبيثة والمزعزعة للاستقرار".
وأضافت خلال مؤتمر صحفي في واشنطن أن كل الخيارات لعرقلة "تمويل الإرهاب" الإيراني مطروحة على الطاولة، وأنها تتوقع إعلان مزيد من العقوبات على طهران في الأيام المقبلة.
وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد طلبت توسيع نطاق العقوبات على إيران ردا على هجومها على إسرائيل، موضحا أن الهيئة الدبلوماسية للاتحاد ستبدأ العمل على هذا المقترح.
وأضاف، متحدثا في بروكسل بعد مؤتمر طارئ لوزراء خارجية الاتحاد، أن المقترح سيوسع نظام العقوبات الذي يهدف إلى تقييد إمدادات الطائرات المسيرة الإيرانية إلى روسيا ليشمل أيضا التزويد بالصواريخ وربما يغطي أيضا الشحنات المرسلة إلى وكلاء طهران في الشرق الأوسط.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في وقت سابق اليوم إن عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تعهدت بالنظر مرة أخرى في تمديد تلك العقوبات، معلنة أنها ستتوجه إلى إسرائيل في غضون ساعات لمناقشة كيفية منع التصعيد.
سوناك يحادث نتنياهو
قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لنظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي إن التصعيد في الشرق الأوسط ليس في مصلحة أحد.
وذكر مكتب سوناك في بيان عن الاتصال "شدد (سوناك) على أن التصعيد الكبير ليس في مصلحة أحد وأنه سيزيد فحسب انعدام الأمن في الشرق الأوسط. هذه لحظة يجب أن يسود فيها الهدوء".
وقال سوناك الاثنين إن مجموعة السبع تعمل على حزمة من الإجراءات المنسقة ضد إيران.
وقالت إيطاليا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة السبع، إنها لا تمانع في فرض عقوبات وأشارت إلى أن أي إجراءات جديدة ستستهدف أفرادا.
وهدد علي باقري كني مساعد وزير الخارجية الإيراني في تصريحات للتلفزيون الإيراني مساء الاثنين بأن الهجوم المضاد الذي ستشنه طهران في أعقاب أي انتقام إسرائيلي سيكون "في غضون ثوان لأن إيران لن تنتظر 12 يوما أخرى للرد".
ويثير احتمال رد إسرائيل قلق كثير من الإيرانيين الذين يواجهون بالفعل متاعب اقتصادية وقيودا اجتماعية وسياسية أشد منذ الاحتجاجات التي شهدتها إيران في عامي 2022 و2023.
ومنذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر تشرين الأول، وقع تبادل لإطلاق النار بين إسرائيل وجماعات متحالفة مع إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق.
وقالت إسرائيل إن أربعة من جنودها أصيبوا على بعد مئات الأمتار داخل الأراضي اللبنانية الليلة الماضية، في أول إعلان لواقعة تسلل بري إسرائيلي منذ اندلاع حرب غزة، على الرغم من تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله المسلحة في لبنان مرات عديدة.
وأحجم جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض أمس الاثنين عن قول ما إذا كان بايدن حث نتنياهو خلال محادثات مساء السبت على ممارسة ضبط النفس في الرد على إيران.
وقال كيربي في مؤتمر صحفي "لا نريد أن نرى حربا مع إيران. لا نريد أن نرى صراعا إقليميا"، مضيفا أن الأمر متروك لإسرائيل لتقرر "ما إذا كانت سترد وكيف سترد".
ومع ذلك قال محللون إنه من غير المرجح أن تسعى إدارة بايدن إلى تغليظ العقوبات على صادرات النفط الإيرانية نظرا للمخاوف إزاء ما يترتب على هذه العقوبات من ارتفاع أسعار الخام وإثارة غضب الصين أكبر مشتر للنفط.
وذكرت وسائل إعلام صينية رسمية أن وزير الخارجية الصيني وانغ يي أبلغ نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في اتصال هاتفي بأن الصين تعتقد أن إيران ستكون قادرة على "التعامل مع الوضع بشكل جيد وتجنيب المنطقة المزيد من الاضطراب" مع الحفاظ على سيادتها وكرامتها.
ولم يتسبب الهجوم الذي شنته إيران بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة سوى في أضرار محدودة في إسرائيل مع إصابة طفلة عمرها سبعة أعوام. فقد تسنى إسقاط معظم الصواريخ والطائرات المسيرة بواسطة نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي وبمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن.
وفي قطاع غزة نفسه، حيث قُتل أكثر من 33 ألف فلسطيني في الحملة العسكرية الإسرائيلية وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع، لاقى الهجوم الإيراني استحسانا.
وبدأت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة بعد هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، الذي تقول إسرائيل إنه أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وتسبب الهجوم الإيراني في اضطراب حركة السفر، إذ أقدمت 12 شركة طيران على الأقل على إلغاء رحلاتها أو تغيير مساراتها، وأعادت الهيئة المنظمة للطيران في أوروبا التأكيد على نصح شركات الطيران بتوخي الحذر في المجالين الجويين الإسرائيلي والإيراني.