لم تبقَ سوى أيام على عقد "المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية" المقرر في مدينة سرت الساحلية يوم 28 أبريل، والذي يهدف لطي صفحة أزمة الانقسامات المتواصلة منذ 13 عاما، لكنه يواجه تهديدا بالفشل نتيجة تراجع قوى أساسية عن المشاركة فيه.
المؤتمر المقرر عقده بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، يسعى لضمان تجميع الفرقاء السياسيين والعسكريين، والزعماء القبليين، في شرق وغرب البلاد.
وبحسب وسائل الإعلام الليبية وعدد من السياسيين، يفتقد المؤتمر لقوى سياسية وعسكرية، والتي تجعله "جامعا"؛ مما يعني عدم التزامها بأي توصيات أو قرارات قد تخرج عنه.
باتيلي غير متفاءل
والثلاثاء، انتقد المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، مواقف القادة الليبيين، قائلا خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الملف الليبي:
- اقترحت سبلا لإقامة الانتخابات ولم أجد ردا إلا عدم الاكتراث بمصلحة الشعب الليبي.
- يوجد رفض مقصود ورغبة عنيدة في تأجيل الانتخابات إلى حد غير معلوم.
- في إطار هذه البيئة من المواقف التي لا تتزحزح والتعقيدات الإقليمية والعالمية، واجهت الأمم المتحدة وجهودها في ليبيا تحديات متزايدة وهي تسعى للحفاظ على حيادها.
- القادة وافقوا على المشاركة في مؤتمر الحوار، لكن وضعوا شروطا (لا يقبل بها الطرف الآخر) تكشف غياب رغبتهم في الوصول إلى حل لهذا النزاع؛ لأنهم رغم ادعاءاتهم برغبتهم في الحلول لكنهم لم يتحلوا بالنوايا الحسنة بعد.
- هذه المواقف سببها انقسام على الساحة العالمية والإقليمية؛ مما يؤدي لإطالة الوضع القائم الذي قد يهدد ليبيا والمنطقة.
- السكان ينتابهم شعور بأن بلادهم أصبحت ملعبا لتنافس شديد بين أطراف إقليمية ودولية لدواع سياسية واقتصادية وجيوسياسية.
أبرز الرافضين حتى الآن للمشاركة
- أعلن ممثلو القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، مارس الماضي، تعليق مشاركتهم في ملف المصالحة الوطنية؛ ردّا على قرار رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بالتراجع عن ضم قتلى وجرحى قوات الجيش إلى هيئة الشهداء.
- رفض فريق سيف الإسلام القذافي، ابن الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، ديسمبر الماضي، المشاركة في المؤتمر المرتقب؛ بسبب عدم الإفراج عن بعض رموز النظام الحاكم السابق الذين لا يزالون في السجن.
بناء على ما سبق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة سرت، الدكتور عبد العزيز عقيلة، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن لنجاح أي مشروع للمصالحة في ليبيا يجب أن يكون جميع الأطراف ممثلين على طاولة الحوار.
ولعدم تضييع الفرصة، يدعو عقيلة القوى الدولية ذات العلاقة بالملف الليبي إلى دفع جميع الفرقاء في ليبيا للمشاركة؛ لأن هذا "هو الضامن لأن تكون نتائج المؤتمر ملزمة للجميع، وتحدث حلحلة للانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد".
وفي هذا السياق، شددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان، على ضرورة ضمان حق ضحايا الحرب ووضعهم في "صميم أي عملية للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية".
وهنا، يحذر الخبير العسكري الليبي، محمد الترهوني، من أن المؤتمر "فقد أهميته قبل أن يبدأ".
ويُضيف الخبير العسكري لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه "في حال تعليق ممثلي العشائر والقبائل الأمازيغية المشاركة أيضا، ستكون فرص النجاح لهذا المؤتمر ضعيفة للغاية، فهو فشل في تجميع ممثلي الجيش الوطني الليبي، وأنصار النظام السابق، وغيرهم من الأطراف السياسية التي من المحتمل أن تعلق مشاركتها، مما يلغي صفة -المؤتمر الجامع- منه".
وكان أعضاء بمجلس الأمن الدولي (15 دولة) أكدوا في فبراير الماضي، على أهمية البدء في عملية مصالحة شاملة تقوم على مبادئ العدالة الانتقالية والمساءلة، ورحبوا بجهود المجلس الرئاسي لإطلاق عملية المصالحة الوطنية، بدعم من الاتحاد الإفريقي، بما في ذلك تسهيل عقد مؤتمر المصالحة الوطنية في 28 أبريل.
وانعقدت الكثير من مؤتمرات المصالحة الوطنية في ليبيا، وبرعاية إقليمية ودولية، لكنها لم تنجح حتى الآن في إنهاء الفوضى السياسية المتواصلة في البلاد منذ سقوط نظام حكم معمر القذافي، ومقتله في أكتوبر 2011.