مع عدم إعلان إسرائيل حتى الآن عن موعد وتفاصيل خطة الاجتياح العسكري الذي تهدّد به لمدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة، يضع خبراء عسكريون سيناريوهيْن للاجتياح الذي إن تم سينسف محادثات الهدنة الجارية.
السيناريوهان هما الاجتياح من الشرق أو الاجتياح من الغرب، فماذا يميّز كلاهما عن الآخر؟ وأيهما الأكثر قربا للتنفيذ؟ مع تأكيد الخبراء أن كليهما سيسبّب كارثة وسط الفلسطينيين المكدّسين في رفح، والمقدّر عددهم بـ1.4 مليون شخص ما بين سكان المدينة والنازحين إليها من الشمال فرارا من العمليات العسكرية الإسرائيلية هناك.
السيناريو الأول: الاجتياح من الشرق
- يُشبه السيناريو الذي لجأت له إسرائيل في حربها على غزة عام 2014 عقب اختطاف الجندي الإسرائيلي، هدار غولدن، وأدى إلى تهجير نصف السكان لمناطق الوسط والغرب، ومقتل وإصابة المئات.
- التقدّم البري من ناحية الشرق يمكن أن يؤدي إلى إخلاء نحو 10 أحياء سكنية بالكامل من السكان والنازحين، وخروج مستشفى أبو يوسف النجار ومستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة، وهما المستشفيان الرئيسيان في رفح.
السيناريو الآخر: الاجتياح من الغرب
- وفيه تتحرّك الدبابات والآليات من مدينة خان يونس التي يوجد فيها الجيش الإسرائيلي بالفعل حاليا تجاه منطقة المواصي وصولا لقلب رفح، وذلك بعد قطع الطريق بين وسط وجنوب القطاع.
- يهدّد هذا السيناريو حياة مئات الآلاف من العائلات النازحة في المواصي والمناطق الحدودية في غرب رفح، حيث ستكون في مواجهة الدبابات، وعرْضة إما للقتل، أو الاعتقال أو الإصابة، خاصة أن المنطقة مكدسة بالنازحين من شمال القطاع.
- لتجنّب هذه الخسائر الفادحة، يحتاج الجيش الإسرائيلي قبل اجتياح رفح إلى إفراغ المواصي من النازحين، ونقلهم إلى مناطق جديدة، وهو الأمر الذي سيكون صعبا للغاية في ظل استمرار العمليات العسكرية بخان يونس ومناطق أخرى في القطاع.
السيناريو الأقرب
يعلّق الخبير العسكري، اللواء يوسف الشرقاوي، على هذين السيناريوهين بأنه وفقا للتقديرات الأولية، فإن الجيش الإسرائيلي "لا يمتلك أي خطة لإجلاء النازحين أو التعامل مع الكم الهائل من الإصابات التي قد تنتج عن اجتياحه لرفح، كما أنه يدرك خطورة تجاهل التحذيرات الدولية من الاجتياح".
وعن السيناريو الأقرب للتنفيذ، يرجّح الشرقاوي في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن يكون الاجتياح من الغرب هو ما يفضّله الإسرائيليون، مستندا في ذلك إلى هذه النقاط:
- الجيش الإسرائيلي تجنّب الاجتياح من الناحية الشرقية في مختلف مناطق القطاع منذ إطلاق عمليته البرية في أكتوبر الماضي، بسبب الاستعدادات العسكرية لحماس والفصائل المسلحة هناك، وحاجته لضغط السكان في مناطق الوسط والغرب كما حدث في 2014؛ ما يعني تعريضهم لكارثة.
- أما الناحية الغربية من رفح، فهي تخلو من الأنفاق.
- الاجتياح من الغرب في نفس الوقت سيُجبر إسرائيل على توفير مناطق آمنة للنازحين، مرجحا أن تكون في مناطق الوسط، وفي خان يونس؛ ما يعني انسحابا عسكريا إسرائيليا جزئيا، ووقفا مؤقّتا لبعض العمليات هناك.
- في تقديري، سيبدأ الاجتياح البري من منطقة المواصي غربا بعد إخلاء النازحين، وسيتم تعزيزه لاحقا من مناطق الشرق والوسط.
تطوّرات محادثات الهدنة
وسط قلقهم من الاجتياح، يراقب أهالي غزة مستجدات المحادثات الجارية للوصول إلى هدنة أو قف طويل لإطلاق النار.
وقالت القناة 12 بالتلفزيون الإسرائيلي الخميس، إن تل أبيب ستشارك بوفد يقوده رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، ديفيد بارنياع، في المحادثات الجارية في باريس بشأن اتفاق محتمل لإطلاق سراح أكثر من 100 رهينة لدى "حماس".
من جانبها، أعلنت "حماس" أن وفد قيادة الحركة برئاسة رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، اختتم زيارة لمصر، استغرقت عدة أيام، في أقوى إشارة تظهر منذ أسابيع على أن المفاوضات ما زالت مستمرة.
وفشلت محادثات قبل أسبوعين عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عرضا من "حماس" بهدنة 4 أشهر ونصف الشهر، مقابل أن تنتهي بانسحاب إسرائيل من غزة، بينما تقول إسرائيل إنها لن تنسحب قبل القضاء على الحركة.
ما بعد حرب غزة
قدّم نتنياهو، الخميس، رسميا إلى المجلس السياسي والأمني، خطة "اليوم التالي"، التي تعني اليوم الذي يلي وقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد جاء في وثيقة المقترح:
- إقامة منطقة أمنية في المنطقة المتاخمة لإسرائيل داخل قطاع غزة ما دامت توجد حاجة أمنية لذلك.
- تسيطر إسرائيل على الحدود بين غزة ومصر، وتعمل بالتعاون مع مصر وبمساعدة الولايات المتحدة في منع التهريب.
- نزع سلاح قطاع غزة بالكامل، باستثناء الأسلحة الضرورية للحفاظ على النظام العام، وإسرائيل ستشرف عن عملية نزع السلاح.
- سيطرة إسرائيل على أمن المنطقة الواقعة غربي الأردن بكاملها، بما في ذلك غلاف غزة (أرض، بحر، جو، الطيف).
- الإدارة المدنية للقطاع ستتولاها عناصر محلية ذات خبرة إدارية غير مرتبطة بالدول أو الجهات التي تدعم "الإرهاب"، ولن تتلقى أموالا منها.
- مكافحة "الإرهاب" عبر اجتثاث فكر التطرّف من المؤسسات الدينية والتعليمية في غزة.
- إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، واستبدال ذلك بوكالات دولية أخرى.
- فيما يخص إعادة الإعمار، فلن يبدأ إلا بعد نزع السلاح واجتثاث التطرف.