قال مسؤولون إسرائيليون وغربيون حاليون وسابقون، إن هدف إسرائيل المتمثل في تدمير حركة حماس "لا يزال بعيد المنال"، رغم الدمار الهائل الذي ألحقته بقطاع غزة على مدار ما يقترب من 5 أشهر.

وفي تصريحاتهم لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أبدى المسؤولون قناعتهم أن هزيمة حماس "تحتاج حملة مطولة" داخل قطاع غزة.

وقال مسؤول في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن إسرائيل منخرطة في مهمة شاملة لكشف القدرات العسكرية لحماس.

وتابع: "هل من الممكن أن تترك هذه المهمة لأطفالي؟ الجواب نعم"، في إشارة إلى أن تحقيق هدف إسرائيل في القضاء على حركة حماس يحتاج سنوات.

ويتناغم حديث المسؤول الإسرائيلي مع آراء أميركية "رسمية"، إذ تعتقد واشنطن أن إسرائيل لن تكون قادرة على تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس في المستقبل المنظور.

وبينما تعلن وزارة الصحة في غزة أن الهجمات الإسرائيلية على القطاع خلفت ما يقترب من 30 ألف قتيل، فإن إسرائيل تقول إنها قضت على أكثر من 10 آلاف مسلح من المنتمين لحماس.

ولا توضح إسرائيل كيف تستخلص عدد قتلى حماس، ويقول مراقبون إنه من الصعب الحصول على رقم دقيق في ظل فوضى الحرب.

شهادات من سكان غزة تظهر مدى الافتقار لأدنى مقومات المعيشة

وكان مسؤولون إسرائيليون قالوا إن الجيش فكك الهيكل القيادي لـ18 من كتائب حماس في غزة البالغ عددها 24، وقتل القادة ونواب القادة ومقاتلين آخرين، مما جعل الوحدات غير فعالة.

لكن الآلاف من مقاتلي حماس الملحقين بالكتائب المتبقية أو الذين يعملون بشكل مستقل، لا يزالون فوق وتحت الأرض، وفقا لمسؤولين أمنيين سابقين وحاليين في إسرائيل.

ولم تكشف حماس سوى القليل من خسائرها، رغم أنها أعلنت مقتل اثنين من كبار قادتها الميدانيين على الأقل، هما أيمن نوفل وأحمد الغندور.

وفي المقابل، تصدر الحركة بانتظام بيانات تقول إنها وجهت ضربات وقتلت جنودا إسرائيليين في أنحاء القطاع.

وفي وقت سابق من شهر فبراير الجاري، قال ممثل حماس في الجزائر يوسف حمدان إن "المقاومة لا تزال قادرة على إلحاق الألم بالعدو".

ويقول محللون إسرائيليون إنه خلال معارك غزة تجنبت حماس المواجهات المباشرة مع القوات الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته إسرائيل علامة ضعف، لكن خبراء آخرين يقولون إن حماس لديها سبب وراء هذه الاستراتيجية.

وطبقا لمسؤولين غربيين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، فإن قيادة حماس تعتقد أنه إذا نجا أي عدد كبير من قوتها العسكرية من الحرب، فإن ذلك يمثل نصرا للحركة.

غزة تخسر 80% من اقتصادها في 3 أشهر

الشمال

استدل مسؤولون إسرائيليون على صعوبة القضاء على حماس بما حدث شمالي قطاع غزة.

ففي بداية الاجتياح البري للقطاع، أعلنت إسرائيل أنها دمرت العديد من الأنفاق وسوت مناطق بالأرض، وفككت الهيكل القيادي لحماس في الشمال.

لكن مسؤولا في الاستخبارات العسكرية قال إن مجموعات من مقاتلي حماس في الشمال تعمل حتى الآن بمعزل عن غيرها، من دون دعم من الجناح العسكري الأوسع.

وتشير حقيقة عودة الجنود الإسرائيليين إلى شمال قطاع غزة قبل أسابيع، بعد انسحابهم منه، إلى أن حماس لا تزال نشطة هناك، وقال ضابط في الاستخبارات إن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن ما لا يقل عن 5 آلاف مقاتل لا يزالوا في الشمال.

وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن ذلك يمثل "قوة صغيرة لكنها قادرة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ومهاجمة القوات البرية".

وأوضح العقيد نوتشي ماندل قائد لواء ناحال الذي يعمل في الشمال: "لم تُهزم حماس بشكل كامل في شمال غزة. قمنا بالكثير من العمل لكن لا يزال هناك المزيد للقيام به".

وأضاف أن الجيش عاد في وقت سابق من فبراير الجاري إلى محيط مستشفى الشفاء، الذي كان مسرحا لقتال عنيف في نوفمبر، لمحاربة المقاتلين الذين أعادوا تجميع صفوفهم في المنطقة، و"سيعود إلى أجزاء أخرى من الشمال في الأسابيع المقبلة".

إلا أن ماندل أكد أن الجيش لم يعد يواجه مقاومة قوية.

وقال مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون لـ"نيويورك تايمز"، إن القوات الإسرائيلية ستواصل على الأرجح عملها شمالي غزة لإخماد نشاط حماس في المستقبل المنظور، على الأقل لحين التوصل إلى نوع من التسوية السياسية للقطاع ما بعد الحرب.

غزة ما بعد الحرب.. المبادرات المطروحة

خانيونس

منذ انتهاء الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحماس أوائل ديسمبر الماضي، تقدمت القوات الإسرائيلية عبر مدينة خانيونس جنوبي غزة واتجهت غربا نحو البحر، وحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين فإن المدينة كانت واحدة من أهم مراكز النشاط العسكري لحماس.

وقال مسؤول الاستخبارات الذي تحدث للصحيفة الأميركية، إن القوات الإسرائيلية تستهدف شبكة الأنفاق الواسعة التابعة لحركة حماس داخل المدينة وحولها، وأضاف أن العديد من مراكز القيادة الرئيسية تحت الأرض دمرت، لكن في الواقع ظل معظم شبكة الأنفاق سليما.

وقال محللون عسكريون إن مقاتلي حماس تجنبوا بشكل واضح المواجهات مع الجيش الإسرائيلي في خانيونس، على أمل الصمود أكثر من خصومهم في مناطقهم الآمنة تحت الأرض.

وقال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هاريل، إن "الجيش يتصرف بشكل عدواني للغاية هناك من دون أن يواجه منافسة كبيرة من الجانب الآخر".

وخلال يناير الماضي، ركزت القوات الإسرائيلية على الطرف الغربي لخانيونس الذي يضم مستشفيين رئيسيين، الأمل وناصر، من أجل استهداف ما وصفه المسؤولون بآخر معاقل مقاومة حماس المنظمة في المنطقة.

وقبل أيام اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى ناصر واعتقلت مئات الأشخاص من داخله قائلة إنهم ينتمون إلى حماس وجماعات مسلحة أخرى.

وفر العديد من الفلسطينيين الذين كانوا يحتمون داخل المجمع الطبي إلى رفح، بمن فيهم مرضى ومصابون.

وضع إنساني يزداد سوءا في قطاع غزة

رفح

قال قادة إسرائيل إن القوات ستدخل في نهاية المطاف رفح، المدينة الواقعة في أقصى الجنوب على الحدود مع مصر، لمواجهة 4 كتائب لحماس يقولون إنها متمركزة هناك.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن ما يقرب من 10 آلاف من مقاتلي حماس لا يزالون في المنطقة.

لكنها عملية من المحتمل أن تتسبب في سقوط ضحايا على نطاق واسع بين المدنيين، إذ يحتمي ما يقترب من المليون ونصف المليون شخص بالمدينة.

وبينما ينتظرون الغزو الإسرائيلي المتوقع، يعاني الفلسطينيون المكدسون في الخيام والشقق والمدارس في رفح حالة من عدم اليقين، وسط انتشار الجوع على نطاق واسع.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هناك خطة لإجلاء المدنيين من رفح قبل اجتياحها، لكن يبدو أن كلماته لم تفعل الكثير لتهدئة الانتقادات المتزايدة من الأمم المتحدة وواشنطن بشأن استهداف المدينة.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن عملية رفح ضرورية لاستئصال ما تبقى من قوات حماس، وتدمير الأنفاق بين مصر وغزة.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي للصحفيين الأسبوع الماضي، إن الجيش وضع بالفعل خططا متعددة لعملية برية في رفح، وأن توقيت العملية سيتطلب قرارا من القيادة السياسية في البلاد.

وفي الأيام الأخيرة، ظهر خلاف داخل مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي حول موعد بدء عملية رفح، حسبما قال مسؤول إسرائيلي تحدث لـ"نيويورك تايمز" شريطة عدم الكشف عن هويته.

وقال المسؤول إن عضوي المجلس بيني غانتس وغادي أيزنكوت، اللذين انضما إلى الحكومة من المعارضة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، يفضلان التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة قبل تنفيذ عملية.

وأضاف أن نتنياهو ورون ديرمر، أقرب حليف له في حكومة الحرب المكونة من 5 أشخاص، أرادا غزو رفح قبل إبرام مثل هذه الصفقة، لإطلاق سراح الرهائن.

ورفض مكتب نتنياهو التعليق على ما إذا كان هناك خلاف بشأن رفح في حكومة الحرب.