يعيش سكان المناطق والبلدات اللبنانية على طول الشريط الحدودي جنوب البلاد معاناة لا تنتهي على مختلف الأصعدة خصوصاً بعد اشتداد وتيرة الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر العام الماضي.

قصص إنسانية كثيرة تختبئ خلف جدران المنازل وفي الأحياء الصامتة، إلا من أصوات المدافع وهدير الطائرات.

بين هذه القصص، قصة مؤثرة لعائلة لبنانية هربت من بلدتها كفر شوبا المحاذية تماماً لمزارع شبعا في القطاع الشرقي لجنوب لبنان، ولجأت إلى منزل أقارب لها في بلدة الهبارية المجاورة والتي تتعرض بدورها لقصف مدفعي وغارات إسرائيلية بين الحين والآخر.

تروي الزوجة هند عيسى (63 عاما) معاناتها بصوت متقطع يكاد يسمع من سماعة الهاتف، نظراً لصعوبة الكلام بعدما تعرضت لشلل نصفي قبل سنوات جعلها مقعدة وبحاجة ماسة إلى المساعدة والعلاج المستمر.

تقول هند في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية": "أعاني من صعوبة في الحركة لذا لم أغادر البلدة وبقيت على مقربة من منزلي، لم يعد بإمكاني التوجه إلى المركز الصحي في بلدة كفر حمام المجاورة حيث كنت أتابع العلاج المطلوب".

وتوضح هند: "الخوف في كل مكان. حركة السير على الطرق وفي البلدات شبه معدومة باستثناء سيارات الإسعاف التي تتعرض للقصف أحياناً".

ويكمل أبو أحمد زوج هند الحديث نيابة عنها فيقول: "لم نتمكن من الهرب بسبب أوضاعنا الصحية أنا وزوجتي فأنا أيضا مبتور اليد وأعاني من صعوبات في العمل وفي مساعدة زوجتي لذا لجأت إلى شقيقتي في البلدة المجاورة".

ويتابع أبو أحمد: "الصعوبة الكبرى تكمن في تأمين العلاج  خاصة لزوجتي نظراً للأوضاع الأمنية الصعبة، بات من الصعب تأمين أدوية الضغط والقلب الخاصة بها، وإن وُجدت العلاجات في بيروت فكيف ستصلنا؟"

أخبار ذات صلة

بعد هجمات أسفرت عن مقتل مدنيين.. "حزب الله" يتوعد إسرائيل
هل ينعكس اتفاق إطلاق النار على الجبهة اللبنانية؟
هجوم النبطية.. فيديو للحظة استهداف سيارة قيادي في حزب الله
استهداف مسؤول عسكري في حزب الله بمسيّرة جنوبي لبنان

وتشكو المسؤولة عن مركز الرعاية الصحية في بلدة كفر حمام المجاورة لبلدتي الهبارية وكفر شوبا، فاديا ناصر لموقع "سكاي نيوز عربية" فتقول: "لم أغادر المركز رغم كل الغارات التي وقعت بالقرب منه، خوفاً على بعض العائلات التي بقيت في المنطقة، لذا أحاول جاهدة تأمين الرعاية الصحية لهم في المنازل فالوصول إلى المركز بات شبه مستحيل بسبب القصف المستمر".

وأوضحت: "نعم تصلنا المساعدات من وزارة الصحة إنما خلال فترات متباعدة، ونعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) في المنطقة  كي نتمكن من تأمين مرور سيارة الإسعاف الطبية لإيصال الأدوية إلى بعض منازل محتاجيها".

سيكولوجيا الحرب.. لماذا لايعيش البشر في سلام؟

وتضيف: "أحاول جاهدة التنسيق مع منظمات دولية لتأمين العلاجات المفقودة خصوصاً الأدوية المزمنة علني أتمكن من المساعدة، فهناك من بقوا في منازلهم بسبب أوضاعهم الصحية، بعضهم يعانون من حالات شلل وبعضهم من أصحاب الهمم".

وتتابع: "نقلنا معظم الحالات إلى قرى محاذية لكن القصف طال كل البلدات دون استثناء، لذا قررت زيارة المنازل عبر سيارة طبية نقالة  بعد إجراء سلسلة من الاتصالات والتنسيق من قوات الطوارئ الدولية العاملة في المنطقة لحمايتنا".

وتوضح ناصر: "هناك عائلة في بلدة الهبارية القريبة من بلدة كفر شوبا الحدودية من أل دياب بحاجة ماسة إلى وجودنا المستمر وزياراتنا الميدانية التي بدأت تتقلص بعد اشتداد وتيرة الحرب. أشعر بالقلق الدائم على أفرادها".

وفي منزل آخر، يقول أشرف دياب: "نحن هنا كلنا من أصحاب الإعاقة الجزئية هذه حالتنا منذ الطفولة، أنا وشقيقتي عزة وشقيقي فيصل ووالدي أدهم".

ويضيف: "قبل الحرب كنا  نقوم بمساعدة الجيران  ونعيش من عملنا في الأرض رغم مشاكلنا الصحية اليوم فقدنا كل شيء وتعرض والدي لبتر أصابعه نتيجة لإصابته بداء السكري" .

ويطرح أشرف السؤال فيقول: "أخبرونا متى ستتوقف هذه الحرب ؟ هل تعرفون؟ نعيش فصل شتاء قارس وصعوبة في تأمين التدفئة والحاجيات الضرورية".

وفي بلدة مجاورة يروي الناشط الاجتماعي جلال عبدالله وهو ابن بلدة كفر شوبا التي غادرها نحو بلدة كفر حمام المجاورة فيقول: "قصص مأساوية عديدة في هذه المنطقة التي تعرف بالعرقوب، وكثيرة هي العائلات التي باتت بلا تدفئة بسبب تعذر إيصال المحروقات إلى المحطات ومنها من دفع أمس راتبه ثمن قارورة الغاز المنزلي".

ويضيف عبد الله: "هناك من يقصد الحقول ليجمع أغصان الأشجار ويحولها إلى حطب للتدفئة رغم القصف لأنه بحاجة إليها".

ويتابع: "لم يبق في كفر شوبا إلا القليل من السكان الذين لم يغادروها بسبب صعوبة حركتهم وتنقلهم ليس أكثر".

ويكمل: "تعاونا أنا وبعض أبناء البلدة على نقل مرضى السرطان في البلدات المجاورة نحو بيروت فيما لا يزال بعض المرضى بحاجة للنقل إلا أن ظروفهم لا تسمح".

ويختم عبدالله حديثه: "أما بالنسبة للصيدليات فلم يعد لوجودها النفع الكبير بسبب تعذر وصول الأدوية إلى البلدات الحدودية، فالحال من سيء إلى أسوأ وخلف كل جدار في هذه البلدات قصة معاناة على طول الشريط الحدودي في جنوب لبنان لا حدود لها".