في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لامتصاص ردة الفعل الأميركية القوية المرتقبة على هجوم الأردن، أعلنت كتائب حزب الله العراقي، أحد أكبر الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، تعليق عملياتها ضد القوات الأميركية .
ورغم ذلك يذهب محللون إلى أن القرار جاء متأخرا، وأن سقوط جنود أميركيين قتلى لن يمر دون رد عقابي قوي من واشنطن .
فيما يذهب آخرون إلى أن الإعلان قد يكون نتيجة وساطات أو تفاهمات ما، لتدارك التصعيد المفتوح وعدم ذهاب واشنطن بعيدا في ردها المرتقب .
يقول مدير مركز التفكير السياسي ببغداد إحسان الشمري، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- هذا القرار ينطوي على عدة أسباب أبرزها أن حزب الله غير قادر على دخول مواجهة مباشرة ومفتوحة مع الأميركيين، خاصة وأنها مسؤولة عن قتل 3 جنود منهم خلال هجوم الأردن، وهو ما سيقود لرد عنيف من واشنطن حيث التحضيرات قائمة لهذا الرد المرتقب والذي تشير المعطيات إلى أنه سيهدف لإلحاق ضربة قاصمة بهذا الحزب .
- كما أن الأمر يتعلق بطبيعة التأثير الإيراني على هذه الجماعات، بمعنى أن طهران قلقة ولا تريد الانقلاب الكامل على قواعد الاشتباك، كونها لا تملك قدرات دخول حرب مباشرة مع الولايات المتحدة .
- ولا يخفى أن كتائب حزب الله هي من أكثر الفصائل تبعية لطهران وتقيدا بتوجيهاتها وأجنداتها، وبالتالي فالقرار هو جزء من توجه إيراني لتدارك الأمر ووقف اسقاط قواعد اللعبة .
- كما وأن حزب الله يدرك جيدا أن الأمر الآن لا يقتصر فقط على رد أميركي عابر، بل أنه سيذهب لحد إحداث تغيير في العراق لجهة إنهاء وجود هذه الكتائب عسكريا وسياسيا ووضعها تحت طائلة القانون الدولي والمحاكم الدولية .
- القرار مرده الوصول لقناعة مفادها أنه في حال تواصل عمليات الفصائل فإن بوادر تشكيل تحالف دولي تقوده واشنطن ولندن خاص بالعراق، على غرار تحالف الازدهار ضد الحوثيين .
- علاوة على أن حزب الله يحاول إحراج واشنطن ودفعها لمراجعة حساباتها وخططها للرد، ولكي تتوفر لديه ذريعة للرد في المقابل إن تعرض لهجوم قوي وواسع النطاق .
مخاوف جدية لدى طهران وموالين لها من رد أميركي قوي
من جهته يقول الصحفي والمحلل السياسي إبراهيم خضر، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- قد يسهم القرار في تخفيف حدة الضربات العقابية الأميركية القادمة، وهو لا شك يصب في خانة إعطاء الحكومة العراقية هامشا لتدارك الأمر ورفع الحرج ولو نسبيا عنها، والذهاب نحو خفض التصعيد، وبما يجنب العراق من التورط أكثر في صراع إقليمي كبير .
- السؤال هنا لماذا أصلا لم تراعي هذه الجماعات منذ البداية موقف بغداد وعرضتها لإحراجات دبلوماسية مع مختلف دول التحالف، ما يعني أن الأمر يتعلق باعتبارات متعلقة بسعي إيران لتهدئة اللعب، خاصة وأن سقوط قتلى أميركيين سيقود لرد فعل انتقامي مدمر من واشنطن قد يطال الداخل الإيراني حتى .
- لكن مع ذلك فإن المطلوب هو تعميم هذه الخطوة لتشمل مختلف الفصائل المنفلتة، التي تضرب مصالح العراق عرض الحائط وتستعدي العالم خدمة لأجندات خارجية .
بدوره يقول الخبير العسكري العراقي مهند العزاوي، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية ":
- اللافت أن القرار صدر من حزب الله فقط وليس من بقية الفصائل، مما يعني أنها مناورة لامتصاص زخم الموقف، وبتوجيهات مباشرة من إيران، ما يتصل بالرسائل المتبادلة بين طهران وواشنطن، لخفض التوتر وعدم الذهاب بعيدا نحو حرب بين الطرفين .
- ويبدو أن واشنطن قد أخبرت إيران بشكل الرد الذي اختاره بايدن من بين الخيارات المطروحة على طاولته، بين ضرب الأصول الإيرانية البحرية أو الاستخدام المتدرج للقوة ضمن سياق الردع بضربات مشابهة للضربات السابقة كاستهداف مقرات أو مستودع أسلحة .
- لكن الأكيد أن الضربات ستكون بالدرجة الأولى ضد حزب الله وحركة النجباء كونهما الأبرز بين الفصائل، وهو ما يعني أن وقف الهجمات لن يكون دائما، بل هي تهدئة مشروطة بعدم التصعيد حاليا .
حزب الله العراقي يعلق عملياته العسكرية ضد القوات الأميركية