تواجه طهران تحديا كبيرا وسط الأحداث المشتعلة في الشرق الأوسط، بسبب "تعقد دور" القوات الموالية لها في المنطقة، بينما تواصل التمسك ببطاقة "إنكار الارتباط" بالقوات الموالية لها، وذلك لتجنب وقوعها في "فخ" المواجهة المباشرة مع الغرب.
رسائل خلف الأبواب
بالعودة إلى بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي جاء بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر. وقتها، عقد المرشد الإيراني علي خامنئي اجتماعا لقادة الميليشيات الموالية، عبر تحالف تسميه طهران "محور المقاومة".
خامنئي أشاد بهجوم حماس واعتبره "نصرا ملحميا"، لكن خلف الأبواب المغلقة، أخبر الزعيم الإيراني كبار ممثلي حماس، إلى جانب قادة الميليشيات اللبنانية والعراقية واليمنية، أن طهران ليس لديها نية للدخول مباشرة في الصراع وتوسيع الحرب، وهو ما أشار إليه تقرير جديد من "وول ستريت جورنال".
لحظة الحقيقة لمحور إيران
ووفقا للصحيفة، يواجه المحور "لحظة الحقيقة" الآن، حيث يؤجج حلفاء إيران المزيد من الحرائق في جميع أنحاء المنطقة، بدءا من الهجمات على السفن في البحر الأحمر إلى غارة الطائرات بدون طيار الأحد، والتي أسفرت عن مقتل 3 جنود أميركيين في الأردن، كل هذا يدفع طهران إلى حافة "الصراع المباشر" مع واشنطن، الذي طالما سعت لتجنبه.
وتشكل القوة العسكرية والمالية الإيرانية العمود الفقري لهذا التحالف، لكن طهران لا تمارس القيادة والسيطرة "الكاملة" عليه، وفقا للصحيفة.
هجوم البرج 22
وألقى المسؤولون الأميركيون باللوم في غارة الطائرات بدون طيار التي وقعت الأحد مستهدفة قاعدة عسكرية على حدود سوريا والعراق أطلق عليها "البرج 22"، على جماعة مدعومة من إيران، وقال البيت الأبيض الاثنين إنه يعتقد أن الجناة مدعومون من الحرس الثوري وهم تابعون على الأغلب لكتائب حزب الله العراقية.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يدرس كيفية الرد، بينما أنكرت إيران تورطها.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أن فصائل المقاومة في المنطقة لا تتلقى أوامر من إيران في قراراتها وتصرفاتها، ولا تتدخل طهران في قراراتها بشأن كيفية دعم الشعب الفلسطيني أو الدفاع عن نفسها وشعب بلدها ضد أي عدوان واحتلال.
وقال "كنعاني"، ردا على الهجوم على القوات الأمريكية، إن إيران حذرت مرارا وتكرارا من خطورة توسيع نطاق الصراع في المنطقة؛ بسبب استمرار اعتداءات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ودعم الولايات المتحدة الشامل للإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، حسبما ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية "إرنا".
وأضاف أن إيران تؤكد أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار والأمن في المنطقة وتعتقد أن الحرب في غزة ليست الحل وأن إنهاء اعتداءات الكيان الصهيوني على غزة والوقف الفوري لإطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى عودة الهدوء إلى المنطقة.
ولدى إيران استراتيجية ثابتة، وهي جعل الصراعات خارج حدودها، وهو الدافع الرئيسي لخلق ميليشيات موالية لها في الإقليم، لتضع خطا أحمر وهو عدم مواجهة الخصوم على الأرض الإيرانية مهما كلف الأمر.
ورقة "الإنكار" التي تستخدمها إيران
بالنسبة لطهران، تكمن قوة المحور في إمكانية الإنكار المعقولة التي تأتي من الاستقلال التشغيلي والإقليمي لكل عضو. وتستطيع إيران أن تنأى بنفسها عن الميليشيات حتى عندما تخدم أفعالها مصالح إيران الاستراتيجية، وتواجه القوة الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.
وقال نورمان رول، الخبير السابق في شؤون الشرق الأوسط لدى وكالة المخابرات المركزية الأميركية، إن هذا النهج سمح لطهران بتجنب "الانتقام الشامل" من إسرائيل والولايات المتحدة. وقال إن العدوان الإيراني "يتضمن الآن أفعالا تنسب إلى طهران ولكن يمكن لإيران أن تنفيها".
وفقا للصحيفة، في النهاية، إيران قامت ببناء محور من الميليشيات لضمان بقائها، وليس بقاء حماس.
وقال إميل حكيم، الخبير في الشؤون الأمنية والجهات الفاعلة غير الحكومية في الشرق الأوسط في المعهد الدولي الاستراتيجي، إنه "في حين أن حماس تعتبر حليفا مهما، فإن إيران لن تخاطر بتدمير شريكها الأقوى، حزب الله، لإنقاذ حماس أو غزة".
وأشار حكيم: "طهران لن تنشر قوات حزب الله في حرب لا يعتبرها الإيرانيون حربا وجودية".