قال كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن طرفي الصراع الدائر في السودان يرتكبان جرائم انتهاكا للقانون الدولي في منطقة دارفور بغرب البلاد؛ مطالبا مجلس الأمن الدولي بتطبيق القانون والتخلي عن النهج القديم.
وأوضح خان في إحاطة قدمها الاثنين لمجلس الأمن عبر تقنية الفيديو من العاصمة التشادية انجمينا؛ "استنتاجي وتقييمي الواضح هو أن هناك أسبابًا للاعتقاد بأن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي تُرتكب حاليًا في دارفور من قبل كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والجماعات التابعة لها".
وحذر خان مجلس الأمن من أن السودان يتجه نحو "نقطة الانهيار"؛ في ظل استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع للشهر العاشر على التوالي.
وتابع: "نقترب بسرعة من نقطة الانهيار التي تتطلب اهتمامكم في ظل الصراع في السودان الآن أكثر من أي وقت مضى"، مضيفا "لا يمكننا الاستمرار في تطبيق القانون بطريقة تدريجية؛ إن واجب دعم القانون يفرضه ميثاق الأمم المتحدة؛ ويتطلبه نظام روما الأساسي؛ وتتطلبه قراراتكم ... كل ذلك يجبرنا على اتباع نهج مختلف تجاه المشكلة القديمة في دارفور".
ومنذ السبت انخرط خان في اجتماعات مع اللاجئين السودانيين الفارين من دارفور لجمع المزيد من المعلومات حول الانتهاكات التي تعرضوا لها خلال الحرب الحالية والحرب الأهلية التي اندلعت في الإقليم في 2003؛ وسط تساؤلات كبيرة عن مكان الرئيس السابق عمر البشير وعدد من أعوانه المطلوبين لدى المحكمة في جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية.
وزار خان ومحققون في المحكمة عددا من المعسكرات التي يبلغ إجماليها نحو 14 معسكرا تضم أكثر من مليون لاجئ.
وبعد اندلاع الحرب الحالية تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل كبير في دارفور وسط تقارير عن انتهاكات كبيرة ارتكبت هناك شملت عمليات قصف جوي وأرضي وتصفيات واغتصابات وأعمال حرق ونهب أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد نحو مليونين إلى دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى المجاورتين.
واعتبر مراقبون أن استمرار ارتكاب الجرائم في حق المدنيين في دارفور هو بسبب التقاعس في محاكمة المتورطين في أعمال مشابهة خلال الحرب السابقة التي اندلعت في العام 2003 والتي أدت إلى قتل وتشريد نحو 3 ملايين.
وفي عام 2009، أصدرت المحكمة الجنائية مذكرة توقيف في حق البشير و18 من أعوانه من بينهم مساعده أحمد هارون ووزير دفاعه عبدالرحيم محمد حسين؛ لكن أيا منهم لم يسلم للمحكمة على الرغم من سقوط نظام البشير في عام 2019.
وقبل اندلاع الحرب كان البشير وحسين يقيمان في مستشفى تابع للجيش في مدينة أم درمان شمال الخرطوم بينما كان هارون والمتهمين الآخرين محتجزين في سجن كوبر شرقي الخرطوم وتمكنوا من الخروج بعد أن هاجمت قوى مسلحة السجن وأطلقت سراح آلاف السجناء وأخذت معها 28 من ضباط جهاز الأمن الذين كانوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في جريمة قتل المعلم أحمد الخير داخل معتقله خلال الحراك الذي أطاح بنظام البشير. ويعتقد الكثير من المراقبين أن أنصار البشير عملوا على تهريبهم مستغلين حالة الفوضى العارمة التي تعيشها الخرطوم حاليا.
ولا يعرف حتى الآن مكان البشير والمطلوبين الآخرين بعد فرارهم من المعتقل في أعقاب جريمة انقلاب 1989 والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام والتي كان يحاكم فيها البشير بعد الإطاحة به في أبريل 2019 وحكم للبلاد دام ثلاثين عاما.
لكن المحامي المعز حضرة وهو عضو في هيئة الاتهام المكلفة بقضية انقلاب 1989؛ قال لموقع سكاي نيوز عربية إن المعلومات المتوافرة لديهم تشير إلى إخلاء البشير وحسين من مستشفى السلاح الطبي إلى جهة غير معلومة وذلك بعد أسابيع من اندلاع القتال. وأضاف "حسب معلوماتنا؛ يتواجد هارون وعدد من المطلوبين الآخرين في مناطق تحت سيطرة الجيش في شرق وشمال البلاد".
وجاءت إحاطة مدعي المحكمة الدولية بعد ساعات قليلة من إدارج الولايات المتحدة؛ أحمد محمد هارون في برنامجها لمكافآت الإرشاد عن المشتبه بارتكابهم جرائم حرب، الذي يقدم مكافآت تصل إلى خمسة ملايين دولار.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن هارون الذي كان وزيرا إبان حكم عمر البشير مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنه ارتكبها في دارفور بين 2003 و2004.