تحولت أكثر من 500 سفينة حاويات تعد ربع سعة شحنات العالم عن البحر الأحمر، وسط خسائر تتصاعد عربيا ومناشدة صينية بتوقف الحوثيين عن استهداف السفن، وتقديرات ترى أن العالم أكثر تضررا من إسرائيل.
وتشير الأرقام التي أوردتها تقارير غربية إلى تصاعد الأضرار عربيا وعالميا، جراء تصعيد حوثي غير مسبوق، في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، على خلاف ما ذكرت الجماعة المدعومة إيرانيا، بأن تكلفة تصعيدها سيكون الأعلى على إسرائيل، بهدف إيقاف حربها المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
رصاصة في الاتجاه الخاطئ
وفق خبيرين تحدث إليهما موقع "سكاي نيوز عربيه "، وإحصائيات ذات صلة، فالحوثيون، حتى الآن أطلقوا رصاصة في الاتجاه الخاطئ، لم يصب عدوها بخسائر كبيرة كما تكرر البيانات الحوثية، ولكنت أصابت اليمن ذاته ودولا عربية وإقليمية كبرى، بأزمات نقص في العملة وارتفاع أسعار وسط تضخم كبير عالمي يلوح في الأفق، وفق لغة الأرقام.
خسائر عربية ودولية أكبر من إسرائيل
بلغة الأرقام والبيانات الرسمية، هناك أضرار لحقت بعدد من دول المنطقة والعالم، دون أن يكون تأثيرها مماثل على إسرائيل عقب قرار الحوثيين قبل نحو شهر باستهداف السفن التي تعبر لتل أبيب فمثلا:
- تأثرت حركة الملاحة فى قناة السويس المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية في مصر التي تشهد أوضاعا اقتصادية صعبة، بانخفاض نحو 30% فى الفترة من 1 إلى 14 يناير 2024.
- انخفض دخل قناة السويس بنسبة 40% عن نفس الفترة مقارنة بمثيلتها العام الماضى، بانخفاض عدد السفن المارة من 777 سفينة إلى 544 سفينة فى الفترة نفسها.
- وقع تراجع فى التجارة العالمية بنسبة 1,3% خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2023.
- ارتفاع أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170% مع توجه شحن حاويات لتعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
- اضطرت حكومات عربية لاتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة تداعيات الأزمة بينها الحكومة الأردنية خشية الآثار التضخمية المحتملة على السوق المحلية.
كل هذا دفع الصين، أكبر مصدر في العالم، إلى مطالبة الحوثي بوقف المضايقات والهجمات على السفن المدنية، وحث جميع الأطراف المعنية على ضمان السلامة والأمن في البحر الأحمر، وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وين بين، في مؤتمر صحفي دوري الأربعاء.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، الأربعاء، فإن الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار وعمليات الاختطاف على مدى شهرين ضد السفن المدنية في البحر الأحمر أسفرت عن أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، ما رفع تكاليف شركات الشحن في أماكن بعيدة على غرار آسيا وأميركا الشمالية. وتواصل الاضطرابات الانتشار مما يفاقم مخاوف حدوث تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً.
وتضاعفت تكلفة شحن الحاويات من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط بما يفوق 4 أضعاف منذ أواخر نوفمبر الماضي، بحسب ما نقلته "بلومبيرغ"، عن شركة "فريتوس" (Freightos)، وهي شركة لحجوزات شحن البضائع.
كما أن هناك أكثر من 500 سفينة حاويات كانت تبحر في العادة عبر البحر الأحمر من وإلى قناة السويس، وتحمل كل شيء بداية من الملابس والألعاب إلى قطع غيار السيارات، لكنها أصبحت مضطرة لإضافة أسبوعين لمسار سفرها حول رأس الرجاء الصالح بالجزء الجنوبي من أفريقيا، بحسب شركة "فليكسبورت". ويشكل هذا ربع سعة شحن الحاويات في العالم تقريباً، بحسب منصة الخدمات اللوجستية الرقمية.
حرب بالوكالة
وتعقيبا على ذلك، قال أشرف المنش، المحلل السياسي اليمني، لموقع "سكاي نيوز عربية ":
- تأثيرات هجمات الحوثي على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، تتعدى التداعيات السياسية التي تحاول المليشيات بثها لصالح إيران، وباتت تمس الداخل اليمني بشكل مباشر ووصلت أضرارها إلى مصر والصين والهند وأوروبا من خلال تهديد سلاسل الإمداد.
- من المهم الإشارة إلى أن الحرب الحوثية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب والتي توسعت مؤخرا إلى خليج عدن وبحر العرب ليس تصعيدا فقط وإنما حرب مدروسة بعناية تشنها مليشيات الحوثي ومن خلفها خبراء الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله اللبناني.
- هذه الحرب لها تداعيات خطيرة على مستوى الداخل اليمني أولا لأنها رفعت بالفعل أسعار السلع الغذائية في ظل أزمة متفاقمة أصلا، ووصل تأثيرها إلى الدول المطلة على البحر الأحمر وإلى دول مثل الهند والصين.
- أيضا هذه الحرب ارتفعت وتيرتها إثر الميزان الدولي المختل الذي ظل يساوي طيلة السنوات الماضية بين الضحية من أبناء الشعب اليمني والجلاد من الحوثيين، قبل أن تذهب مليشيات الحوثي لمهاجمة سفن الشحن التي استيقظ عليها العالم.
- كذلك من التداعيات المهمة أن حرب الحوثي ضد السفن غيرت الموقف الغربي كليا من هذه الجماعة المتطرفة والإرهابية وهو ما أجبر أميركا إلى شن ضربات جوية في محاولة لتحجيم قدرات هذه المليشيات.
غطاء القضية الفلسطينية
كما استعرض سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بمصر، الأزمة ومستقبلها لموقع "سكاي نيوز عربية " في نقاط:
- ليست إسرائيل وحدها كما يدعي الحوثيون المتضررة، فمصر والأردن ولبنان عربيا في أزمة كبيرة وستؤثر حوادث الاستيلاء على السفن بالبحر الأحمر أو تهديدها على معدلات النمو والاستثمار والبطالة والسياحة سلبا وسط ضغوط اقتصادية تضخمية كبيرة سابقا.
- الحوثيون هم حائط صد عن إيران وجزء من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، التي حاولت تحت غطاء القضية الفلسطينية أن تقلب الطاولة على من يترصد لطهران وإعادة تموضعها بالمنطقة
- الحرب في البحر الأحمر كانت فرصة للحوثيين، للتغطية أيضا على الأزمات الشعبية في مناطق تسيطر عليه في اليمن، وتراجع شعبيتهم، بإعلاء التعاطف مع القضية الفلسطينية.
- احتمالات توسع الحرب في المنطقة مرتفعة في ظل دعم إيران لإحدى أهم أدواتها بالمنطقة وهم الحوثيون في أزمة البحر الأحمر