مع تلقّي طهران وجماعة حزب الله المرتبطة بها ضربات موجعة، السبت، باغتيال إسرائيل عدة قيادات تابعة لهما في سوريا ولبنان، يرى خبراء أن بصمات الاستخبارات الإسرائيلية باتت واضحة في مناطق النفوذ الإيرانية، بينما تراجعت قدرة طهران على الرد المماثل.
ويرصد محللون سياسيون في تعليقهم على هذه الأحداث لموقع "سكاي نيوز عربية"، الفارق في ميزان القوة الاستخباراتية والعملياتية بين طهران وتل أبيب في الفترة الأخيرة، وما وراء نجاح العمليات الإسرائيلية وفرص طهران في الرد.
ماذا حدث السبت؟
• أكدت وكالة مهر الإيرانية للأنباء، مقتل "مسؤولين رفيعي المستوى في الحرس الثوري الإيراني"، في هجوم منسوب لإسرائيل على حي المزة بالعاصمة السورية دمشق.
• أعلن الحرس الثوري الإيراني، في بيان رسمي، مقتل 4 جنود إيرانيين في هذا الهجوم ووصفهم بـ"المستشارين العسكريين الإيرانيين"، ولطالما أشارت طهران إلى القوات العسكرية الإيرانية في سوريا على أنها "مستشارون".
• كما جاء في البيان، فإن أسماء أعضاء الحرس الأربعة المقتولين؛ هم حجة الله أميدار "اسمه الحركيالحاج صادق"، وعلي آغازاده، وحسين محمدي، وسعيد كريمي.
• في لبنان، قالت مصادر لـ"سكاي نيوز عربية" إن غارة إسرائيلية على جنوب لبنان قتلت عنصرين من وحدة الإمداد العسكري في جماعة حزب الله، بينما كانا يستقلان سيارة، بينما قالت مصادر أمنية في لبنان لرويترز، إن غارة إسرائيلية قتلت عضوين في حركة حماس، ولم يصدر بيان رسمي من أي جهة بشأن هوية المستهدفين حتى الآن.
ولم تعلّق إسرائيل بعد على هذه الهجمات.
تأتي هجمات السبت بعد 4 أسابيع من مقتل رضي موسوي، وهو مسؤول في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، في هجوم بحي السيدة زينب في ريف دمشق، إضافة لمقتل قيادات تابعة لحزب الله في لبنان، وصالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله في بيروت.
لا خطوط حمراء
بتعبير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان (معارض ومقره لندن)، رامي عبدالرحمن، لـ"سكاي نيوز عربية"، فإن الضربة الإسرائيلية لإيران في دمشق تحمل رسالة لها بأنه "لا توجد خطوط حمراء، وكل الأهداف الإيرانية في سوريا باتت مستباحة لإسرائيل".
ووقوع الهجوم في داخل منطقة المزة بالعاصمة يعتبره عبدالرحمن "فشلا واضحا للحرس الثوري في تأمين هذه المنطقة الأمنية التي تشكّل تجمعا لقادة الحرس الثوري، وللجماعات الموالية له؛ كحزب الله اللبناني والجهاد الإسلامي وغيرهما".
بنية الموساد في دول النفوذ الإيراني
يؤكد الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي الإيراني، فراس إلياس، أن الهجمات الأخيرة تعني أن كفة القوة الاستخباراتية تميل لمصلحة إسرائيل، مستدلا على ذلك بهذه الأحداث:
• تمكنت إسرائيل من تنفيذ عدة عمليات اغتيال لقيادات بارزة في إيران، سوريا، لبنان، غزة، والضفة، في حين فشلت إيران وحلفاؤها في تنفيذ عمليات مماثلة ضد قيادات إسرائيلية بنفس الأهمية.
• تتمحور العمليات الإسرائيلية حول الكيف؛ فتقتل قيادات مؤثرة، أما العمليات الإيرانية فتركّز على الكم (في إشارة فيما يبدو لعدد الهجمات الصاروخية لحزب الله والجماعات المسلحة في العراق وغيرها ضد أهداف إسرائيلية وأميركية)، وهذا يعكس الفارق في الثقافة الاستخبارية بين الجانبين.
• نجحت إسرائيل في تكوين بنية تحتية استخبارية في إيران وباقي بلدان ما يعرف بـ"محور المقاومة" (في إشارة للدول التي توجد بها جماعات تابعة لإيران؛ مثل لبنان واليمن وسوريا والعراق)، وبالشكل الذي منحها أفضلية تنفيذ عمليات اغتيال بالوقت والمكان الذي تريد.
• هذه البنية جاءت نتيجة عمل متراكم، ووجود بيئة مهيأة للعمل، وتتمثل في تجنيد العملاء، ومصادر دقيقة للمعلومات، والأهم جواسيس من المستوى الأول، وهذا ما مكنها من اغتيال قيادات مؤثرة، بدءًا من عماد مغنية وانتهاءً بعملية المزة.
• بهجمات الأسابيع الأخيرة، أرسلت إسرائيل رسالة من خلال اغتيال قادة الحرس الثوري في سوريا، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، وقائد قوات النخبة في حزب الله وسام الطويل في لبنان؛ وهي أن قائمة الاستهداف في المستقبل ممتدة.
اختراق إسرائيلي واضح
يتفق المحلل السياسي اللبناني، نضال السبع، في أن نجاح إسرائيل في تنفيذ اغتيالات بمنطقة المزة بدمشق، يعني اختراقا واضحا لمربع أمني شديد التعقيد، ويشير إلى وجود عنصر بشري تابع للموساد في العاصمة السورية.
كما يرى في حرص تل أبيب على هذا الاختراق "محاولة منها لتحسين سمعتها التي تأثّرت بشدة بعد إخفاقها الأمني في منع هجمات حركة حماس عليها في 7 أكتوبر الماضي".
وعن الرد الإيراني المتوقع إزاء هذه الخروقات المستمرة لأمنها، يقول الباحث في الشأن الإيراني، محمود جابر: "من الواضح أن القيادة الإيرانية غير قادرة على اتخاذ موقف حيال إسرائيل، والخروقات تزداد".