قال وزير العدل الفلسطيني، الدكتور محمد الشلالدة، إن إدانة محكمة العدل الدولية لإسرائيل بارتكاب "جريمة الإبادة الجماعية" في الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا، تمثل توثيقا ودليلا وإثباتا قانونيا يعتد به أمام المحكمة الجنائية الدولية.
الشلالدة الذي توقع في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تصدر المحكمة خلال أسبوعين أمرا بتدابير مؤقتة لمنع تفاقم النزاع، دعا الأمم المتحدة إلى استحداث منصب المبعوث الأممي المعني بجريمة الفصل العنصري (الأبارتايد)، ووصم إسرائيل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة الفصل العنصري.
وأقدمت دولة جنوب إفريقيا على خطوة وصفت بـ"التاريخية" برفعها دعوى أمام محكمة العدل الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا، ضد إسرائيل، في شكوى تقع في 84 صفحة، تتهم تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي جلسة الاستماع الأولى بمحكمة العدلة الدولية، والتي عقدت الخميس 11 يناير الجاري، اتهمت دولة جنوب إفريقيا، إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، معتبرة أن الهجوم الذي شنّته حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه في قطاع غزة.
وطالب ممثلُ جنوب إفريقيا محكمةَ العدل الدولية، باتخاذ قرار لوقف ما وصفه بالجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، مشددا على أن مستقبل الفلسطينيين مرهونٌ بقرارات المحكمة.
وفي اليوم الثاني من جلسات الاستماع بمحكمة العدل الدولية، قال المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة هي عمل من أعمال الدفاع عن النفس ضد حماس و"المنظمات الإرهابية الأخرى".
ومحكمة العدل الدولية، هي الهيئة القضائية الأعلى في الأمم المتحدة، التي يمكن أن تصدر تدابير مؤقتة تأمر فيها إسرائيل بوقف الحرب.
القرار خلال أسبوعين
وفي تعقيبه، قال وزير العدل الفلسطيني، محمد الشلالدة، إن الدعوى المرفوعة من دولة جنوب إفريقيا استندت إلى نص المادة (9) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها سنة 1948، حيث تتعامل الاتفاقية مع جريمة تنطوي على انتهاك جسيم للحق في الحياة، إلى جانب حقوق أخرى.
وأشار الوزير إلى أن "الاتفاقية تضمنت نصا يمنح المحكمة اختصاص النظر في النزاعات التي تنشأ بشأن تطبيقها وتفسيرها".
وتوقع الشلالدة أن تصدر محكمة العدل الدولية خلال أسبوعين أمرا بتدابير مؤقتة، الغرض منها حفظ حقوق الأطراف وعدم اتخاذ ما من شأنه أن يفاقم النزاع أو يتسبب بوقوع ضرر لا يمكن إصلاحه أو لا يمكن بأي شكل من الأشكال تداركه، وذلك إلى أن يصدر حكم نهائي في القضية الأصلية.
وينبه الوزير الفلسطيني إلى أن "الإجراءات التحفظية ملزمة شأنها في ذلك شأن الأحكام النهائية ولها قوة الحكم الملزم".
ويؤكد الشلالدة في هذا الصدد، أن إقامة الدعوى من دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل تهدف الإعلان عن مسؤولية إسرائيل وإدانتها وفق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وكذلك إجبارها وإلزامها بالتعويض عن كافة الانتهاكات الجسيمة، ودفع المبالغ التي تتلاءم مع طبيعة الأضرار المشكو منها وحجمها وأهميتها.
دليل أمام الجنائية الدولية
الخطوة التالية لمحكمة العدل الدولية، بعد إصدارها التدابير المؤقتة، والحديث للوزير الفلسطيني، تتمثل في استمرار دولة جنوب إفريقيا بمعركتها القانونية بهدف إعلان مسؤولية إسرائيل وإدانتها وفق اتفاقية 1948.
ويؤكد وزير العدل الفلسطيني، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن التدابير المؤقتة والأحكام القضائية التي ستصدر عن محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية، تمثل توثيقا ودليلا وإثباتا قانونيا يعتد به أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ويضيف: "إدانة إسرائيل بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية يعتبر دليلا قانونيا وجنائيا؛ لتحميل مجرمي الحرب الإسرائيليين المسؤولية الجنائية الفردية الشخصية أمام المحكمة الجنائية الدولية".
ويشير الوزير الفلسطيني إلى أن "نجاح المعركة القضائية أمام ساحة العدل الدولية هي انكشاف لدولة الفصل العنصري، التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية، ما يستدعى تعزيز التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لرفع دعاوي أمامها".
مبعوث أممي للفصل العنصري
في هذا الإطار، دعا الشلالدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى استحداث منصب مبعوث الأمم المتحدة المعنى بجريمة الفصل العنصري (الأبارتايد)، ووصم إسرائيل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة الفصل العنصري.
وحرص وزير العدل الفلسطيني على التأكيد أن "الدعوى القضائية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة تستند إلى مبادئ وقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي الجنائي".