أثارت الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة للمرة الرابعة ضد أهداف لجماعة الحوثي في اليمن، تساؤلات بشأن مدى استمرارها خلال الفترة المقبلة، والمخاوف المرتبطة بتداعياتها على اتساع رقعة التصعيد في المنطقة، بما في ذلك تأثيرها على حركة الملاحة بالبحر الأحمر وقناة السويس.
وأوضح محللون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن استمرار الضربات الأميركية "مخاطرة تهدد باتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، ولن تحل بالضرورة أزمة التهديدات التي تحيق بالسفن التجارية في البحر الأحمر، وسيكون لها تداعيات خلال المرحلة القادمة".
بيد أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ، قال في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هدف واشنطن من تلك الضربات يتمثل في تخفيف التوترات واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر، مضيفا: "رسالتنا واضحة: لن نتردد في الدفاع عن الأرواح وحماية حرية تدفق التجارة في واحد من أهم الممرات المائية العالمية في مواجهة التهديدات المستمرة".
خيارات صعبة
• ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أن الضربات الأميركية الأخيرة تركت جدلا داخل البيت الأبيض بشأن كيفية منع الحوثيين من تعطيل ممرات الشحن الحيوية للتجارة العالمية، حيث لا تزال لديهم القدرات لاستهداف مزيد من السفن.
• أوضحت الصحيفة أن الوضع الراهن ترك للإدارة الأميركية خيارات صعبة، إذ يمكن للرئيس جو بايدن أن يأمر بضربات أخرى ضد دفاعات الحوثيين ومستودعات الأسلحة ومنشآت إطلاق وإنتاج الصواريخ والطائرات بدون طيار، لكن محللين يقولون إن ذلك سيمثل مخاطرة تهدد بتوسيع الحرب أكثر.
• اعتبرت مجلة تايم الأميركية أن بايدن، من خلال التصعيد مع الحوثيين، عزز دون قصد قدرة الجماعة المسلحة على تعطيل الشحن الدولي، إذ تسببوا في زيادة تكلفة شحن الحاويات في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحماس من خلال شنّ هجمات صاروخية على سفن الشحن التي تمر عبر الممر المائي الحيوي، لكن الضربات التي شنتها إدارة بايدن على الحوثيين أوقفت شركات الشحن، ربما بشكل لا رجعة فيه، حتى تنتهي الحرب.
• تايم لفتت إلى أنه "يمكن لبايدن أن يختار رفع الرهان وتكثيف استهداف مستودعات أسلحة الحوثيين وقاذفات الصواريخ، ولكن ما لم يكن هناك تدهور كبير في قدراتهم العسكرية -وهو سيناريو يبدو غير محتمل نظرا لترسانتهم الكبيرة من الصواريخ المضادة للسفن وما يقدر بنحو 200000 مقاتل- فإن الضربات المستمرة لن تؤدي إلا إلى تصاعد التوترات التي تعزز الحصار الفعلي للحوثيين وتزيد من احتمال توسع الصراع إلى حرب إقليمية كاملة.
ماذا تريد واشنطن؟
وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ، فإن "واشنطن ستستمر في تقييم الوضع، وستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها ومصالح شركائها".
واعتبر وربيرغ، أن هذه الضربات جاءت استجابة لاستمرار الهجمات غير القانونية والخطيرة والمزعزعة للاستقرار التي ينفذها الحوثيون ضد السفن، بما في ذلك الشحن التجاري، في البحر الأحمر "وفقا للحق الفردي والجماعي في الدفاع عن النفس، والمتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة".
وشدد في حديثه لـموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تلك الضربات الدقيقة تهدف إلى "تعطيل وتقليل قدرات الحوثيين التي يستخدمونها لتهديد التجارة العالمية وأرواح البحارة الدوليين في واحد من أهم الممرات المائية في العالم، كما أنها تُظهر الالتزام المشترك بحرية الملاحة، التجارة الدولية".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة: "تأمل أن تكون جماعة الحوثي قد فهمت الرسالة التي أرسلناها بعد أن قمنا بتحذيرهم مرارا وتكرارا وأصدرنا قرارا في مجلس الأمن. نحن على استعداد لاتخاذ خطوات إضافية إذا لزم الأمر لحماية حرية الملاحة والتجارة الدولية".
وشدد على التزام الإدارة الأميركية بالعمل مع حلفائها لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.
الحل من غزة
يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن وقف التهديدات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر يكمن في حل النزاع في غزة، مضيفا: "عند ذلك يكون هو الوقت الذي يهدأ فيه البحر الأحمر أخيرا ويمكن أن تستأنف التجارة الدولية دون توقف أو عراقيل".
ولا يعتقد مورغان أن الجهود الأميركية البريطانية يمكن أن توقف هجمات الحوثيين كما تعتقد الحكومتان حاليا، إذ كانت "ضرباتهم مثل الوخز بالنسبة لترسانة الأسلحة التي تمتلكها جماعة الحوثي في أحسن الأحوال".
واختتم حديثه قائلا: "الضربات لم تردع الحوثيين عن هجماتهم، في حين أعلنت شركات جديدة أن البحر الأحمر غير آمن لنقل منتجاتها، وآخر ذلك قرار شركة (شل) بتعليق جميع الشحنات عبر هذا الممر إلى أجل غير مسمى".