اختارت جماعة حزب الله في لبنان "إمساك العصا من المنتصف" بتوجيه هجمة صاروخية باتجاه إسرائيل، لكنها لا تُلحق خسائر كبيرة، لإظهار أنها قامت بالرد على الضربات التي تلقتها من تل أبيب الأسبوع الأخير، مع الاحتفاظ بعدم التصعيد، وفق خبراء.
وأعلن حزب الله، صباح السبت، إطلاقه أكثر من 60 صاروخا باتجاه "قاعدة مراقبة جوية" في شمال إسرائيل، قائلا إنها أتت "في إطار الرد الأوّلي" على مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية ببيروت، معقل الحزب.
وجاء هذا بعد يوم من تأكيد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في كلمة تلفزيونية له، الجمعة، بأن "الرد آت حتما"، وأن "القرار في الميدان، الميدان سيرد، والميدان لا ينتظر".
من ناحيته، قالالجيش الإسرائيلي إن وحداته "قصفت سلسلة أهداف إرهابية لحزب الله" في جنوب لبنان، بينها "منصة إطلاق ومواقع عسكرية وبنى تحتية إرهابية".
وقُتل العاروري يوم الثلاثاء، وبعده بيوم تم قتل 4 من أعضاء حزب الله في الناقورة، جنوب لبنان، وقالت مصادر لبنانية إن الواقعتين تمتا بغارتين إسرائيليتين.
حسابات المكسب والخسارة
ويربط المحلل السياسي الفلسطيني، زيد الأيوبي، الضربات الصاروخية لحزب الله، السبت، وحجمها، بهذه الملفات:
- هي عملية مرتبطة بإيران التي تبحث عن مزيد من الأوراق للحصول على مكتسبات في المنطقة.
- الضغوط الداخلية في الشارع اللبناني والقوى اللبنانية الرافضة، خاصة مع الأزمة الاقتصادية في البلاد.
- حسابات المكسب والخسارة للحزب، تجعله أيضا يُبقي على قواعد الاشتباك المحدودة؛ وبذلك يرضي أنصاره من ناحية، وفي نفس الوقت لا يجلب كارثة قد تؤدي إلى نهاية سلاح الحزب في لبنان.
- حرب غزة اثبتت أن حزب الله ليس معنيا بالقضية الفلسطينية؛ فهو خرج في أكثر من خطاب منذ اندلاع الحرب يتوعد بالتصعيد، ولكن مرَّ نحو 3 أشهر ولم يتحرك بشكل حقيقي في مواجهة إسرائيل.
الثمن المنتظر
بالمثل، يرى الخبير العسكري السوري، العميد أحمد رحال، أن نصرالله يضع عملياته الآن مع إسرائيل في هذا الإطار:
- تمكين إيران من الحصول على أوراق ضغط.
- أن يظهر الحزب بمظهر الحريص على الدولة اللبنانية، وفي نفس الوقت يحصل على ثمن داخل لبنان من واشنطن وتل أبيب، فيما يخص منصب رئيس الجمهورية الذي لم يُحسم بعد، والغاز اللبناني، إضافة لبقاء الحزب كقوة سياسية وعسكرية.
- النأي بنفسه عن حماس؛ فطهران والحزب لن يقدما أثمانا وتضحيات تضر بمصالحهما لأجلها، وإن كانا لم يردَّا على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني (بغارة أميركية في بغداد عام 2020)، أو القيادي في فيلق القدس في سوريا، رضي موسوي (ديسمبر 2023) فلن يكون هناك رد على اغتيال العاروري.
وتعلق الباحثة اللبنانية في العلاقات الدولية، أورنيلا سكر، بأن رد الحزب بهذا المستوى من عدم التصعيد، يدلل على أن الحزب غير قادر على الرد؛ لأنه سيدفع ثمنا كبيرا في حال التصعيد، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان واستمرار شغور منصب رئيس الجمهورية.
وفي تقدير الباحثة، فإن ما تقول إنه قيام حزب الله بكشف مكان العاروري لإسرائيل، هو مقابل ألا تقدم تل أبيب على ضرب لبنان، وهذا "له صلة بأهاف متصلة بتسوية إستراتيجية في المنطقة، وتغيرات ديموغرافية، وصفقات الغاز وترسيم الحدود، وسيكون للحزب دور أساسي فيها".