قدمت جنوب أفريقيا طلبا إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل بسبب العمليات العسكرية التي تشنها في قطاع غزة، إلا أن هذا التحرك يواجه تحديات عدة قد تمنع من تحقيق أهدافه.
وبحسب بيان لمحكمة العدل الدولية فقد اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب ما وصفته بأنه "أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، موضحة أن "أفعال إسرائيل مصحوبة بالنية المحددة المطلوبة لتدمير فلسطينيي غزة كجزء من المجموعة القومية والعرقية والإثنية الأوسع أي الفلسطينيين".
إسرائيل وصفت طلب جنوب أفريقيا بأنه لا يستند إلى أي أساس قانوني، متهمة بريتوريا بالتعاون مع ما سمتها "جماعة إرهابية تدعو لتدمير إسرائيل" في إشارة إلى حركة حماس، وادعت أن إسرائيل تعمل على الحد من وقوع الضرر على المدنيين.
رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، من جانبه قال إن إسرائيل لن تقاطع إجراءات محكمة العدل الدولية بعد أن طلبت جنوب إفريقيا من المحكمة بدء إجراءات ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضاف هنغبي أن المشاركة تهدف لرفض التماس جنوب أفريقيا ودحض الاتهام الموجه إليها والذي وصفه بالسخيف.
ويرى الدكتور محمد حمودة، المحامي الجنائي الدولي وأستاذ القانون الفرنسي من جامعة باريس، أن محكمة العدل الدولية أصدرت سابقا أحكاما عدة لكن المشكلة تكمن في غياب آلية فعلية لتنفيذ تلك الأحكام طالما تحظى إسرائيل بدعم أميركي وغربي في مثل هذه المواقف.
وأضاف حمودة لسكاي نيوز عربية أن الشعب الفلسطيني يتعرض بلا شك لجريمة إبادة، مشددا على أن هذه التحركات تهدف لإثبات ما ارتكب بحقه من جرائم ليس أكثر.
وأوضح المحامي الجنائي الدولي مفهوم الإبادة البشرية ومسؤوليتها الجنائية دوليا:
- جريمة الإبادة ضد الإنسانية هي القتل دون تمييز من نساء وأطفال وغيرهم، وهو ما ينطبق على ما يحدث في قطاع غزة.
- هذه الجريمة تضع مرتكبيها أمام المسؤولية الجنائية الدولية سواء كانت محكمة الجنايات الدولية، أو محكمة العدل في لاهاي.
- المحكمة الجنائية الدولية تصدر قرارات ذات فاعلية في القبض على مرتكبي الجرائم وتوقيفهم وغيرها من الإجراءات من الناحية الجنائية.
- محكمة العدل الدولية تدين فقط، أي أنها تشير للمخطئ دون إعطاء قرار بالقبض عليه.
كان رئيس جنوب إفريقيا "ماتاميلا رامافوزا" قد أعلن في نوفمبر الماضي، أن بلاده قدمت شكوى للمحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في "جرائم حرب" ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة.
وفي وقت سابق قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إن المحكمة ستكثف جهودها للتحقيق في ادعاءات ارتكاب جرائم حرب وقعت خلال هذا الصراع منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، فيما لم يسمح لمحققي المحكمة بدخول قطاع غزة أو إسرائيل التي ليست لديها عضوية في المحكمة الجنائية الدولية.
وبين حمودة سبب لجوء جنوب أفريقيا لمحكمة العدل والسلوك الأفضل للتأثير على الموقف الإسرائيلي:
- سبب اللجوء إلى محكمة العدل هو رفض المدعي العام للمحكمة الجنايات الدولية (كريم خان) إدانة إسرائيل، أو الإقرار بما ترتكبه، برغم من قيامه سابقا بوضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحت طائلة الجنايات الدولية، حتى مع ابتعاد الجيش الروسي عن استهداف المدنيين بشكل مباشر.
- رفع القضية في حد ذاته ليس فعلا كافيا طالما لم تتخذ الدول الكبرى مواقف مساندة لهذا التحرك، لأن التحرك أمام محكمة العدل لن يكون سوى محاولة إثبات الخطأ ولكن بلا عقاب.
- مع تقاعس محكمة الجنايات الدولية والمدعي العام لها فإن الأفضل رفع قضية أمام محاكم بعض الدول الأوروبية التي تجيز تلقي بلاغات واتخاذ إجراءات في الجرائم ضد الإنسانية، أو الإبادة البشرية حتى لو لم تقع على شعبها، مثل بلجيكا وغيرها.
- عند رفع قضية بهذا الشكل يمكن لقاضي المحكمة إصدار أمر بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو والمسؤولين معه.
- في هذه الحالة لا يستطيع نتنياهو أو الفريق التابع له الذهاب لأوروبا لأن الاتحاد الأوروبي كتلة واحدة، وسيتم توقيفه في أي دولة من دول التكتل هو والمسؤولين التابعين له.
- هذا التحرك قمنا به في عام 2002 ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون في بلجيكا، وظل شارون يخشى التوجه لأوروبا مخافة أن يصدر أي قاضي حتى ولو كان قاضيا صغيرا حكما بالقبض عليه، وهو التحرك الذي كنت أتمنى أن نقوم به في الوقت الحالي لا سيما في ظل التعاطف العالمي مع قطاع غزة.
- نناشد الأوساط العاقلة في إسرائيل التخلص من الحكومة المتطرفة التي تتسم بالإجرام.
وشدد أستاذ القانون الدولي على أن ما يجري في غزة هو محاولة لتهجير الفلسطينيين إلى مصر بصورة فجة وهو ما يمس الأمن المصري بشكل مباشر، مشددا على أن العمليات العسكرية تؤثر على الاقتصاد المصري والتي يجب تعويضها عن هذه الأوضاع والاستماع إلى ما تقوله في ظل خبرتها الطويلة بهذا الملف.