يبدوا أن لعملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حماس في 7 أكتوبر الماضي، تأثيرا سلبيا فادحا على صادرت وسوق السلاح الإسرائيلي خلال عام 2023 مع توقع تراجعها بشكل كبير خلال 2024، بعد فسخ دول عقود الصفقات، جراء تراجع هيبة الأسلحة الإسرائيلية بالمعارك خصوصا الدبابة "ميركافا" التي باتت مثار سخرية بعد اصطيادها من قبل "كتائب القسّام" و"سرايا القدس" بقذائف بدائية الصنع مقل قذيفة "الياسين-105".
وبعد أن سجلت إجمالي صادرات إسرائيل من السلاح لعديد الأسواق حوالي 12.5 مليار دولار عام 2022 ، وفق بيان إسرائيلي، أصبح سلاحها في أعقاب الخسائر الميدانية يهدد 10 آلاف إسرائيلي بالتسريح وإغلاق نحو 200 مصنع للإنتاج الحربي والدفاعي بعد قرارها بوقف تصدير السلاح للجيوش الأجنبية في ظل الحاجة الملحة له بحرب غزة.
ووفق تقارير عسكرية وإسرائيلية، يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي في مجمله على تصدير الأسلحة وتقنيات التجسس الإلكتروني، كما تعدّ تل أبيب، أكبر مصدّر للدرونات العسكرية عالميا، وفق تقديرات نشرتها وزارة الأمن الإسرائيلية عام 2017.
قائمة الصادرات وآخر الإحصائيات
وفي بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية، خلال شهر ديمسر الجاري، فإن إجمالي صادرات البلاد من الأسلحة للأسواق العالمية بلغ 12.5 مليار دولار عام 2022، بفعل الطلب المتزايد على الطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي، فيما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن تلك الزيادة جاءت جراء الطلبات المتزايدة من جيوش حلف "الناتو" على خلفية حرب أوكرانيا، كما عقدت إسرائيل عقود تضمنت صفقات وزعتها كالتالي:
- المسيرات الهجومية أو الاستطلاعية سلجت ربع العقود مع الجيوش الأجنبية.
- توقيع نحو 120 شركة إسرائيلية مئات من عقود البيع الجديدة مع دول في جميع القارات، بعضها شمل "صفقات ضخمة" مثل بيع نظام الدفاع الجوي "السهم 3" إلى ألمانيا.
- شملت الصادرات 25 % لأنظمة الطائرات المسيرة، و19 % لقذائف وصواريخ وأنظمة دفاع جوي، و13 % أنظمة رادار وحرب إلكترونية، بالإضافة إلى 5 % كانت للطائرات وإلكترونيات الطيران.
- حازت أنظمة المراقبة والإلكترونيات الضوئية على نصيب 10 % من قيمة الصادرات، بينما 5 % كانت لوسائل رماية وإطلاق، ومثلها للمركبات العسكرية.
- بلغت قيمة أسلحة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حوالي 6%، ومثله لأدوات الحرب السيبرانية.
- سجلت الصادرات من الذخيرة حوالي 4%، و1% للأنظمة البحرية، ومثل تلك القمة كان خدمات متنوعة للعملاء.
أبرز العملاء وقائمة الشركات
بحسب قاعدة بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حيث جاءت الهند على رأس القائمة باستيراد ما قيمته 247 مليون دولار.
- حلت الفلبين بالمركز الثاني بمبلغ 206 ملايين دولار.
- الولايات المتحدة حصلت على أسلحة إسرائيلية بنحو 128 مليون دولار.
- بريطانيا تلقت أسلحة بمبلغ 75 مليون دولار.
- استوردت كل من التشيك، وتايلاند، وفنلندا، وألمانيا، وسنغافورة، وكندا، كميات متفاوتة.
يضاف إلى ذلك توجد في إسرائيل حاليا وفق كتاب "صناعة الدفاع الإسرائيلية والمساعدات الأمنية الأميركية" الصادر عن معهد الدراسات القومي الإسرائيلي، نحو 600 شركة تعمل بالصناعات الدفاعية، حيث رصد حجم إنتاجها كما يلي:
- تقوم بتصدير 70% من إنتاجها للخارج بمتوسط مبيعات يبلغ سنويا 10 مليارات دولار، متفوقة على أميركا وروسيا.
- تلك الشركات يعمل بها أكثر من 45 ألف شخص.
ومن أبرز الشركات الإسرائيلية ، بحسب آخر إحصائية لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام بشأن أفضل 100 شركة لإنتاج الأسلحة عام 2022، 3 شركات احتلت مراكز متقدمة، حيث جاءت "إلبيت سيستمز" في المركز 24، والصناعات الجوية بالمركز 35، و"رفائيل" تبوأت المركز الـ42 عالميا.
هل يضرب سقوط "ميركافا" والنمر" صناعة السلاح؟
بخلاف اعتراف إسرائيل بمقتل 500 ضابط وجندي منذ بداية "طوفان الأقصى" تعرضت دبابة ميركافا، التي يقدر سعرها بحوالي 6 ملايين دولار، للتدمير والإعطاب، حيث وصل تعداد ما دُمِّر كليا أو جزئيا، بالإضافة لناقلات الجند "النمر" التي يبلغ ثمنها نحو 3 ملايين دولار، وفق بيان كتائب القسّام، نحو أكثر من 700 آلية عسكرية، بعد استهدافها بقذائف "الياسين 105"وصورايخ "كورنيت" وعبوتي "شواظ" و"العمل الفدائي" في غزة.
وبحسب محللين فإن هذا السقوط المدوي جراء ضربات حماس، وجه ضربة موجعة للصادرات العسكرية الإسرائيلية خلال 2023 ومن المنتظر أن تظهر تداعياته السلبية على سوق السلاح خلال عام 2024، وكان أبرز التداعيات:
- إصدار قرار من الدفاع الإسرائيلية بوقف تصدير مئات الدبابات إلى العملاء الأجانب بما في ذلك أوروبا لحاجة الحرب، ووفق موقع الدفاع العربي.
- كوريا الجنوبية شرعت في مراجعة مدى فاعلية نظام المراقبة والحماية الذي اشترته من شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية لرصد المنطقة العازلة مع كوريا الشمالية.
أوقفت تل أبيب جميع مبيعات المعدات العسكرية والأمنية إلى كولومبيا.
حجم خسائر "ميركافا" بات يهدد آلاف العمال بالتوقف عن العمل وإغلاق نحو 200 مصنع لشركات الأسلحة ما يعني تراجع قياسي بمبيعات السلاح خلال عام 2024.
لجأ الجيش الإسرائيلي إلى اتباع سياسة "التوفير والاقتصاد" بالذخيرة وعدم الإفراط باستخدام السلاح للحفاظ على احتياط العتاد العسكري بالمستودعات بعد أن وصلت تكلفة الحرب حتى الآن 18 مليار دولار، وفق وزارة الأمن الإسرائيلية.
تداعيات كارثية
يقول الخبير العسكري الروسي ليونيد إيفاشوف، إن اختراق وتدمير القذائف البدائية التي تمتلكها الفصائل الفلسطينية لدبابات "ميركافا 4" التي تتباهى بها تل أبيب، كونها الأكثر قوة من حيث الهيكل والتدريع، أمر يقلب موازين القوى العسكرية، وكارثة على مبيعات تصدير السلاح الإسرائيلي حول العالم.
يُضيف إيفاشوف لموقع "سكاي نيوز عربية":
- قدرة الدول على تصدير الأسلحة ترتبط بفاعلية تلك الذخائر وتجربتها في عمليات قتالية حقيقية ومن ثم فإن إخفاق السلاح يدمر سمعة المبيعات العسكرية للدول.
- إسرائيل أنفقت حوالي 64 مليار شيكل أي ما يعادل ميزانية وزارة دفاعها السنوية بأكملها باستثناء أموال المساعدات الأميركية.
- مبيعات الأسلحة تُنفذ وفق اتفاقات تُنَفَّذ على عدة سنوات، وتداعيات حرب غزة على مبيعات السلاح الإسرائيلي بعد الأداء المتدني لها بالميدان ستظهر تباعا خلال الأعوام المقبلة.
- أول الأسلحة المتوقع تراجع مبيعاتها بعد إخفاقها وفشلها في تحقيق الميزات المروجة عنها هي مدرعة "النمر" ودبابة "الميركافا" وأنظمة المراقبة الإسرائيلية، وهي أسلحة تسببت في تراجع سمعة السلاح الإسرائيلي.
- الخسارة الاستراتيجية الكبيرة المتوقعة لإسرائيل ليست عوائد تصدير السلاح فقط، بل تراجع علاقاتها الدولية لأن العلاقات الوطيدة بين شركات الأسلحة الإسرائيلية وبعض عملائهما ساعدت تل أبيب في بناء شبكة تعاون وعلاقات دولية.
- عدم الإقبال على شراء السلاح الإسرائيلي سيجمد أيضا عمليات التدريب على التشغيل والصيانة وقطع الغيار، وهي موارد اقتصادية أخرى لإسرائيل التي يعتمد اقتصادها على التصنيع العسكري.