بينما يهاجم الجيش الإسرائيلي مناطق جنوب غزة ويطارد قادة "حماس" فوق الأرض، فإنه لا يزال يضع نصب عينيه تنفيذ خطته لإغراق الأنفاق بالمياه، وتعطيل "شبكة مترو غزة".
وفي حين لم يستطع المسؤولون الأميركيون تحديد ما إذا كانت إسرائيل قد جمّعت بالفعل مضخات لإغراق الأنفاق، يبدو أن الصور التي نشرها الجيش الإسرائيلي وصور الأقمار الصناعية تُظهر أنابيب متصلة بالبحر، بحسب تحليل لشبكة "إن بي سي نيوز" الإخبارية الأميركية.
يأتي ذلك في الوقت الذي أثار الكشف عن إقامة إسرائيل لنظام كبير من المضخات ضمن خطة مقترحة لغمر الأنفاق التي تستخدمها حركة حماس داخل قطاع غزة، الكثير من التساؤلات بشأن مُضي الجيش الإسرائيلي في تنفيذها، على الرغم من وجود الكثير من الرهائن داخلها حتى الآن، فضلا عن الحديث عن تسببها تلوث بيئي داخل القطاع المحاصر منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وسبق أن قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن الجيش الإسرائيلي انتهى من تجميع مضخات كبيرة لمياه البحر على بعد ميل تقريبا شمال مخيم الشاطئ للاجئين منتصف الشهر الماضي.
ويمكن لكل مضخة من المضخات الخمس على الأقل سحب المياه من البحر الأبيض المتوسط ونقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة إلى الأنفاق، مما يؤدي إلى إغراقها في غضون أسابيع.
هل تنفذ إسرائيل خطتها؟
على شاطئ بمدينة غزة شمالي القطاع، أظهرت صور الأقمار الصناعية التابعة لشركة "بلانيت لابز"، يوم 30 نوفمبر، أن أنابيب تعمل من البحر بين أكوام من الرمال، في حين لم يكن هناك أنابيب أو أكوام من الرمال في صورة مماثلة التقطت في نفس الموقع يوم 8 أكتوبر، بعد يوم واحد من هجوم حماس المباغت.
كما أظهرت صورة نشرها الجيش الإسرائيلي في 3 ديسمبر أيضا وجود القوات الإسرائيلية على الشاطئ في اليوم السابق، جنبا إلى جنب مع أنابيب طويلة.
وتعليقا على إمكانية تنفيذ إسرائيل لخطة إغراق أنفاق حماس، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن إسرائيل ستنفذ خطتها لإغراق أنفاق غزة بمياه البحر "إذا اعتقدوا أنهم يستطيعون فعل ذلك دون قتل أي من الرهائن".
وحدد ملروي الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، رؤيته من الجانب العسكري لخطة إغراق الأنفاق داخل قطاع غزة، قائلا:
• أعتقد أن الجيش الإسرائيلي قد ينظر إلى إغراق الأنفاق ببطء كطريقة لإجبار مقاتلي حماس على تفريغها سريعا من الرهائن.
• أتمنى أن يقوم الجيش الإسرائيلي بتقييم المخاطر قبل أن يقرر المضي قدما في خطة إغراق الأنفاق.
• يمكن استخدام طرق بديلة سواءً الكلاب أو الروبوتات، للبحث عن الرهائن قبل اللجوء لخطة إغراق الأنفاق.
شبكة معقدة من الأنفاق
حدد الإسرائيليون حوالي 800 نفق حتى الآن تحت غزة، على الرغم من اعترافهم بأن الشبكة أكبر من ذلك.
وتعد خطة الإغراق واحدة من بين الخيارات التي تدرسها إسرائيل لتدمير نظام الأنفاق الذي برز كهدف رئيسي لحملتها على قطاع غزة.
وتقول تل أبيب إن قواتها تقوم بتفجير مداخل الأنفاق بعد اكتشاف المئات منها في جميع أنحاء غزة، لكنها ربما تدرس أيضا كيفية جعل هذه الشبكة بأكملها غير صالحة للعمل على المدى الطويل.
وقال مسؤولون أميركيون إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أولا بالخيار في أوائل الشهر الماضي، مما أدى إلى مناقشة مدى جدواه وتأثيره على البيئة، مقابل القيمة العسكرية لتعطيل الأنفاق.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية هرتسي هاليفي، إن إغراق أنفاق حماس في قطاع غزة بالمياه "فكرة جيدة"، مشددا على أن "كل قيادة حماس مستهدفة وسنصل إليها".
لكن نائب الرئيس الأول لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جون ألترمان، قال إنه لأنه ليس من الواضح مدى نفاذية الأنفاق أو كمية مياه البحر التي ستتسرب إلى التربة وبأي تأثير، ومن الصعب إجراء تقييم كامل لتأثير ضخ مياه البحر في الأنفاق.
وأضاف ألترمان أنه: "من الصعب معرفة ما سيفعله ضخ مياه البحر للبنية التحتية الحالية للمياه والصرف الصحي، واحتياطيات المياه الجوفية، وكذلك من الصعب معرفة تأثير ذلك على استقرار المباني المجاورة للأنفاق".
وأقرّ مسؤولون أميركيون سابقون بأن هذه العملية ستضع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في موقف بالغ الحرج، وربما تثير إدانة دولية، ولكنهم وصفوها بأنها "واحدة من بضعة خيارات فعالة" لتعطيل منظومة أنفاق حماس بشكل دائم.