في تطور خطير، استهدف هجوم صاروخي، محيط السفارة الأميركية، في العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، في المنطقة الخضراء شديدة التحصين والتي تضم سفارات أجنبية ومؤسسات حكومية عراقية.
في بيان صادر عن اللواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، جاء فيه أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قد وجه القيادات الأمنية كافة، بملاحقة مرتكبي اعتداء إطلاق المقذوفات باتجاه السفارة الأميركية في بغداد، وتقديمهم للعدالة.
وشدد البيان على أن "استهداف البعثات الدبلوماسية أمر لا يمكن تبريره، ولا يمكن القبول به، تحت أي ظرف ومهما كانت الادّعاءات والأوهام التي تقف وراء هذه الأفعال المشينة".
مؤكدا "أن مرتكبي هذه الاعتداءات يقترفون إساءة إزاء العراق واستقراره وأمنه، وأن هذه المجاميع المنفلتة، الخارجة عن القانون، لاتمثل بأي حال من الأحوال إرادة الشعب العراقي، ولا تعكس القرار العراقي الوطني الذي عبرت عنه الحكومة العراقية في مناسبات رسمية عدة".
نبرة قوية
رسول أضاف "التلاعب باستقرار العراق، والإساءة للأمن الداخلي، ومحاولة التعريض بسمعة العراق السياسية، واستهداف أماكن آمنة محمية بقوة القانون والأعراف والاتفاقيات الدولية، هي أعمال إرهابية، وإن قواتنا الأمنية والأجهزة الحكومية والتنفيذية، كلُّ حسب اختصاصه وواجبه، ستواصل حماية البعثات الدبلوماسية، وصيانة المعاهدات الدولية والالتزام بتأمينها".
ويرى مراقبون أن تصعيد الهجمات التي باتت تطال السفارات والبعثات الدبلوماسية وليس فقط قوات التحالف الدولي في العراق، من قبل فصائل مسلحة بات يقتضي موقفا صارما من بغداد وهو ما يفسر حدة نبرة البيان الصادر عن الناطق باسم السوداني، والذهاب لحد وصف تلك الهجمات بالإرهابية.
فيما يبدي محللون تشاؤمهم من قدرة العراق على كبح جماح هذه الفصائل المرتبطة بقوى إقليمية، والتي تضر بالمصالح العليا للبلاد وتجرها نحو التورط في صراعات خارجية.
مشيرين إلى أن الذهاب نحو مواجهة مباشرة مع هذه الجماعات المسلحة، قد يزيد من تعقيد الوضع العراقي وتأزيمه.
يقول مدير مركز التفكير السياسي ببغداد إحسان الشمري، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية:
* رغم أن البيان وصف هجمات الفصائل بإنها تندرج في خانة الأعمال الإرهابية، لكن هذا لا يعني أن الحكومة ستدخل في مواجهة معها، كون البيان موجه بالدرجة الأولى لواشنطن من خلال رفع سقف الخطاب الحكومي المندد بهذه العمليات، لكن عمليا لا جديد.
* لهذا فالبيان لن يقود لصدام عسكري بين الحكومة والفصائل، كون البيئة السياسية الحاضنة والداعمة لرئيس الحكومة هي ذاتها التي تنتمي لها الفصائل، إلا إذا قرر السوداني التمرد على تلك البيئة.
* عدم نجاح بغداد في كبح هذه الهجمات المتكررة رغم مرور نحو شهرين على بدايتها، مرده أن الموضوع عابر للشأن العراقي، فالفصائل تدعي تنفيذ هجماتها نصرة لغزة، في حين أنها جزء من أوراق الضغط والمساومة والابتزاز التي توظفها إيران .
* من الصعوبة مواجهة هذه الجماعات، كونها تعني حدوث اشتباك داخلي بين المنظومة الأمنية وتلك الفصائل، والطرفان ليسا في وارد دخول هكذا مواجهة محفوفة بالمخاطر والمحاذير.
بدوره يقول الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية:
* وإن تأخرت لكن الحكومة لا بد لها من وضع حد لهذه الفصائل المنفلتة، والتي تعمل على خلق شرخ خطير في العلاقات بين بغداد وواشنطن، وتهدد الأمن والاستقرار في البلاد، وتسيء لسمعة العراق الدولية.
* ولهذا فبغداد أمام تحدي إثبات قدرتها على ضبط الأمن وفرض القانون وكبح تمادي هذه الجماعات، في جر العراق لخدمة أجندات خارجية في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية.
* والخيار الأمثل هو تفعيل الجهد الاستخباري لكشف واحباط مثل هذه الهجمات، في ظل تعذر المواجهة المباشرة مع تلك الفصائل والتي ستضر بمصلحة البلاد واستقرارها، خاصة وأنها مجاميع جيدة التسليح.
وتبنّت "المقاومة الإسلامية في العراق" التي تضمّ فصائل مرتبطة بالحشد الشعبي، معظم تلك الهجمات التي تقول إنها تأتي ردا على الدعم الأميركي لإسرائيل.
وأحصت واشنطن حتى الآن 78 هجوما ضدّ قواتها في العراق وسوريا منذ 17 أكتوبر.
وردا على تلك الهجمات، شنّت واشنطن عدة ضربات في العراق على مقاتلين في فصائل متحالفة مع إيران.
وفي 3 ديسمبر، شن التحالف الدولي ضربة جوية "دفاعا عن النفس" ضدّ "5 مسلحين كانوا يستعدون لإطلاق طائرة مسيرة هجومية في اتجاه واحد"، ما أدّى إلى مقتل المقاتلين الخمسة، وفق بيان للقيادة المركزية الأميركية.
وأواخر نوفمبر، استهدفت ضربات أميركية مرتين مقاتلين في فصائل موالية لإيران في العراق، ما أسفرت عن مقتل 9 مقاتلين.
وقصفت واشنطن 3 مرات مواقع مرتبطة بإيران في سوريا.