يواجه مواطني 9 ولايات في السودان خطر الإصابة بالاسهالات المائية الحادة "كوليرا" في توسع لرقعة انتشار هذا الوباء القاتل، في ظل تدهور مريع في القطاع الصحي بالبلاد، وسط قلق أممي إثر الوباء.
وترتفع وتيرة الخوف عند السكان في المناطق الموبوءة التي تتركز في ولايات الخرطوم والقضارف والجزيرة وكسلا والبحر الأحمر شرقي السودان، وسنار والنيل الأبيض وسط البلاد بعد الانتشار المخيف للكوليرا وحدوث وفيات بسببها.
وأودت الكوليرا بحياة 160 شخصاً وإصابة 5200 آخرين في تسع ولايات سودانية خلال الفترة من 26 سبتمبر وحتى الآن، كما زاد معدل الإصابة بنسبة 70%، وذلك حسبما أعلنه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان صحفي يوم الاثنين، والذي أبدى قلقه أيضاً من مآلات الوضع الصحي بالبلاد.
وبحسب مصدر طبي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن معدل الإصابة بالكوليرا في ولايات الجزيرة والقضارف وسنار في تزايد مستمر، وجرى تأسيس العديد من مراكز عزل المرضى، بينما يوجد نقص في بعض الأدوية والمحاليل الوريدية وسط جهود لتوفيره.
ويعتبر الضغط السكاني على تلك المدن بعد وصول آلاف الفارين من الحرب وتدهور الوضع البيئي، أحد أسباب التفشي الواسع لوباء الكوليرا في السودان هذه السنة، وفق المصدر.
وتشكل الكوليرا التي تنتشر بالتزامن مع وباء حمى الضنك في العديد من المناطق السودانية، تحدي جديد يواجه النظام الصحي في البلاد والذي يعاني بدوره من تدهور مريع حيث خرجت أكثر من 70% من المستشفيات في أماكن الصراع المسلح.
إعلان رسمي
وتقول مدير إدارة الطوارئ بوزارة الصحية في ولاية سنار د. مواهب قسم الله لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ولايتها سجلت 83 حالة إصابة بالاسهالات المائية الحادة "كوليرا" و3 حالة وفاة حتى اليوم.
وتضيف: "الوضع الدوائي مطمئن حتى هذه اللحظة، ونقوم بعدة تدابير حالياً لمحاصرة الوباء من بينها البحث النشط، وحملات الإصحاح البيئي، وتعزيز الصحة واغلاق الأسواق بغرض نظافتها".
وتشهد سنار والقضارف وكسلا شرقي السودان، انتشار لوباء الكوليرا في مثل هذا التوقيت من كل عام، ولكن هذه السنة جاء بوتيرة عالية عن سابقاتها.
ومن القضارف، تنقل أم كلثوم التاج وهي ناشطة في منظمات المجتمع المدني واقع مأساوي تعيشه ولايتها مع وباء الكوليرا الذي يحاصرها على مدى الشهرين الماضيين وما يزال مستمراً بنفس الوتيرة.
وتقول التاج لموقع "سكاي نيوز عربية": "أقيمت العديد من مراكز العزل في مدينة القضارف وهناك مستوى عالي من التردد، فهناك أحياء سكنية موبوءة بالكامل وتوجد عائلات جميع أفرادها مصابين بالكوليرا".
وتشير إلى أنه تجري بعض الحملات الوقائية من قبل السلطات الصحية في القضارف من خلال النظافة وإصحاح البيئة وعمليات تحصين، ولكن هناك نقص حاد في لقاع "فاكسين" الذي يتم اعطاءه على مرحلتين للشخص بغرض الوقاية من الكوليرا لذلك استفاد عدد قليل من السكان من التطعيم.
معدل يتزايد
ووفق طبيبة في أحد مراكز العزل بمدينة القضارف، فإن معدل الإصابة بالكوليرا ظل في تزايد مستمر، ولكن الأرقام ليست ثابتة، ففي بعض الأحيان يصل عدد المرضى المحالين إلى الحجر الى 18 شخص خلال اليوم.
وتقول الطبيبة لموقع "سكاي نيوز عربية" مفضلة عدم ذكر اسمها، "تم توفير المحاليل الوريدية ومختلف الادوية الخاصة بعلاج وباء الكوليرا، وهناك قليل من النواقص وعدت وزارة الصحة بتوفيرها".
وتعاني مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض جنوبي السودان من تفشي وباء الكوليرا بصورة واسعة، وكان شبابها قد أطلقوا العديد من منصات التواصل الاجتماعي يطلبون النجدة بعد أن امتلأ المستشفى الوحيد في البلدة وتكدس المرضى.
ويقول منسق الاعلام في الحراك الشعبي لمكافحة الكوليرا بمدينة الدويم عبدالله ود الشريف لموقع '"سكاي نيوز عربية": إن العدد الكلي للإصابة بوباء الكوليرا تراكمياً 419 حالة، مقابل 18 وفاة وفق الحصيلة الرسمية، لكن الحجم الفعلي لتفشي المرض أكثر من ذلك نظراً لعدم وصول كل الحالات إلى المستشفى".
ويشير ود الشريف إلى أن الوضع الصحي في المدينة تحسن مقارنة باللحظة الأولى لظهور الوباء، حيث وصلت الأدوية والمستلزمات الطبية وعقاقير التطعيم، ولكن ما يزال المرض موجوداً ولم نتجاوز محطة الخطر.
ويضيف "قرر مدير مستشفى الدويم إغلاق جميع المطاعم والكافتريات المجاورة للمشفى كإجراء وقائي، ولكن لم تتم الاستجابة من قبل بعض أصحاب المحال، الأمر الذي يهدد بإنتكاسة وموجة جديدة من الكوليرا"..