وسَّعت إسرائيل رقعة الحرب في قطاع غزة، مع إعلانِها بَدء عمليّة برية في جنوبه، وهي العملية التي يصفها خبراء عسكريون بأنها "خطّة توسيع المحاور" لتحسين شروط التفاوض.
ويوضّح خبيران عسكريان لموقع "سكاي نيوز عربية" أهداف إسرائيل من هذه الخطة، وعلاقتها برغبتها في إنشاء منطقة عازلة جنوب غزة، وإنقاذ حكومة إسرائيل من السقوط بعد الحرب التي تقترب مِن الشهرين.
وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الأحد، أنّ الجيش بدأ عملياته البرية جنوبي غزة، بينما تستمر العمليات في الجزء الشمالي من القطاع.
وفي حديثِه أمام الجنود في فرقة غزة جنوبي إسرائيل، قال هاليفي، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إنّ العمليات البريّة في الجنوب "لن تكون أقل قوّة من العمليات في شمال غزة، ولن تكون لها نتائج أقل.. سيُواجه قادة حماس الجيش الإسرائيلي في كل مكان".
توسيع المحاور
في تقدير الخبير العسكري اللواء ماجد القيسي، مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز صُنع السياسات الدولية، يرى أن إسرائيل توسّع رقعة الحرب من خلال صناعة محاور تشمل كل أنحاء القطاع من الشمال حتى رفح.
وأمَّا الهدف من ذلك، رغم تكلفته العسكرية والبشرية على إسرائيل، فيُجيب القيسي:
- إسرائيل تريد إنشاء منطقة عازلة لتأمين المستوطنات شمال وشرق وجنوب شرق غزة، وانتزاع أراضٍ جديدةٍ من القطاع وتقليص مساحته.
- هذه العمليات أيضا تأتي في إطار الضّغط الميداني لتحسين شروط التفاوض مع حركة حماس؛ لأنّ العمليات في الميدان أهم عامل في التفاوض؛ ولذلك سيستمر القصف لعدة أيام، ومِن المتوقع الإعلان عن هدنة جديدة بشروط جديدة.
ووفق الهدنة، التي استمرّت بين إسرائيل وحركة حماس خلال الفترة من 24 نوفمبر الماضي حتى صباح 1 ديسمبر، فإنّه تمّ إطلاق سراح 108 من المحتجزين الـ240 لدى "حماس"، مقابل إطلاق إسرائيل سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وقبولها بزيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية الداخلة إلى غزة، ولم تتضمّن عملية التبادُل رجالا مقاتلين.
هدنة مختلفة
نفس الأمر يتوقّعه الخبير العسكري، مالك الكردي، الذي يقول إن بدء العملية البرية في الجنوب هدفها الضغط على حركة حماس؛ لتقبل إطلاق سراح أسرى جدد بشروط أدنى من السابق.
كما لا يستبعد الخبير العسكري أنّ الهدنة الجديدة ستكون طريقا لوقف دائم للقتال، مع إيجاد تسوية سياسية مع "حماس"، أو القبول بحل القضية الفلسطينية على قاعدة حل الدولتين (دولة فلسطينية بجانب إسرائيل).
ويتوقّع الكردي أن تسعى إسرائيل لأن يكون الضّغط على "حماس" في وقت قصير، كي لا تُستنزف قدراتها أكثر مِن ذلك، وحتّى لا تتعرَّض لانتقادات دولية نتيجة القتلى المدنيين، مِثل التي تعرَّضت لها خلال مدة الحرب السابقة (التي اقتربت من 50 يوما) قبل الهدنة المنتهية.
ولأنّ الحكومة في إسرائيل تخشى السّقوط إن توقّفت الحرب (نتيجة انتقادات داخلية لسياساتها)، وفي نفس الوقت، لا تريد الاستمرار فيها وقتا طويلا، فإنها ستسعى بكل السّبل لإحراز تقدّم تُرضي به الداخل فيما يخص ملف الأسرى، وتقليل المساحة الجغرافية التي تتحكّم فيها "حماس"؛ حتى لا تقدر على إطلاق صواريخها، وذلك في أقصر وقت، وفق الخبير العسكري.
وشهدت مدينة تل أبيب أول مظاهرات حاشدة تطالب الحكومة الإسرائيلية بتحرير باقي المحتجزين لدى "حماس" بعد انتهاء الهدنة.
وشاركت بعض المحتجزات اللاتي أطلق سراحهنّ في المظاهرات، منهنَّ يلينا تروبانوف، التي قالت أمام حشود المتظاهرين: "جئت إلى هنا لأقول لكم شكرا.. لولاكم جميعا لم أكُن لأكون هنا.. والآن علينا أن نُواصل العمل لعودة الجميع الآن! الآن! الآن".
ومما يزيد مِن قلق أهالي الرهائن، وضغوطهم على نتنياهو، خشيتهم على حياة ذويهم، مع إعلان "حماس" مقتل 60 من الرهائن في قصف إسرائيلي قبل الهدنة، بينما أعلنت إسرائيل أنه بعد انتهاء الهدنة، قُتل 6 مدنيين وعقيد في الجيش في الأسر، ولم تؤكّد "حماس" النبأ الأخير.