أثار الإعلان عن مقترح جرى تداوله خلال محادثات في الدوحة مع رؤساء أجهزة استخبارات الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل، يقضي بإطلاق سراح كل الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح لعدد ضخم من الأسرى الفلسطينيين، ووقف طويل لإطلاق النار في قطاع غزة، تساؤلات كثيرة، أبرزها المتصل بإنهاء الحرب.
ويعتقد باحثون سياسيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك الكثير من العراقيل التي تحول دون التوصل إلى وقف طويل الأمد للقتال في غزة، على رأسها المعارضة الداخلية في إسرائيل لتلك المبادرات، بالنظر إلى الأهداف التي حددتها الحكومة قبل بدء الحرب بتدمير قدرات حركة حماس، واستعادة كافة الأسرى.
على الجانب الآخر، يعتقد المراقبون أن الفصائل الفلسطينية ستعارض دعوات تفكيك القدرات العسكرية التي مضت في بنائها على مدار السنوات الماضية، ومن ثم يتطلب الوقف الشامل للحرب "تنازلات كبرى" من الجانبين.
ماذا يتضمن المقترح؟
- قالت هيئة البث الإسرائيلية إن هناك مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يتم بموجبه إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة، بما في ذلك الجنود، ومن ناحية أخرى، ستطلق إسرائيل سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بشكل جماعي، وكجزء من الاتفاق، يناقش الطرفان وقف إطلاق النار لفترة ممتدة من الزمن.
- في علامة على جدية المحادثات، وصل مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى قطر الثلاثاء، كما حضر المحادثات ديفيد بارنيع، رئيس الموساد، ورئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، ومسؤولين كبار من قطر.
- نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين مصريين قولهم إن الهدف من المباحثات في الدوحة "هو نقل المناقشات إلى ما هو أبعد من الترتيب الحالي الذي يقضي بتمديد الاتفاق الأولي الذي مدته أربعة أيام بيوم واحد مقابل كل 10 رهائن تقوم حماس بتسليمهم".
- وأشار المسؤولون المصريون إلى أن الوسطاء القطريين والمصريين يضغطون من أجل المضي قدما لوقف القتال لفترة أطول، على أمل أن يتطور إلى وقف دائم لإطلاق النار.
تنازلات كبيرة
قال المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن جلسة المباحثات في قطر ناقشت تمديد الهدنة في قطاع غزة لمدة 3 أيام مقبلة، كبادرة للحديث عن مقترحات جديدة تسعى في مجملها لوقف طويل الأمد للحرب.
وأوضح الرقب في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن محادثات الدوحة تطرقت إلى الحديث عن وقف الحرب مقابل تنازلات كبيرة من كلا الطرفين، مثل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين جميعا بما في ذلك الجنود، وتفكيك سلاح الفصائل، حتى لا يتكرر هجوم 7 أكتوبر الماضي.
لكنه يرى في الوقت ذاته أن فرص نجاح هذا المقترح "صعبة جدا" في هذا التوقيت، مضيفا أن الأقرب هو التوصل لهُدن متواصلة أو متقطعة دون اتفاق نهائي في الوقت الحالي.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين مصريين وقطريين أن وقف إطلاق النار على المدى الطويل بين إسرائيل وحماس يتطلب من الجانبين "تقديم تنازلات كبيرة، بعضها صعب".
شروط صعبة
وتقول الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "لا توجد هدنة طويلة الأمد حتى الآن، بل وقف مؤقت لإطلاق النار ستعود بعده إسرائيل لمواصلة القتال بقوة".
وأوضحت تسوكرمان أن اجتماع الدوحة يناقش تمديد وقف إطلاق النار من أجل إطلاق سراح المزيد من الرهائن، وهو ما تضغط الولايات المتحدة من أجله.
وتعتقد الخبيرة الأميركية أن ما يُعقد من الصفقة الجديدة التي من شأنها إطلاق حماس سراح جميع الرهائن الذين بحوزتها مقابل إنهاء الحرب في غزة، أن بعض الرهائن في حوزة جهات أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي، التي تريد التفاوض على اتفاقات منفصلة لوقف إطلاق النار.
وأضافت: "يبدو أن الولايات المتحدة منفتحة على استمرار المجهود الحربي من قبل إسرائيل طالما لم يتم تهديد المزيد من المدنيين في جنوب غزة".
قبل هذا الاجتماع ، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار، ستستأنف العمليات العسكرية حتى يتم تحقيق أهداف تل أبيب كاملة، كما يواجه انتقادات شديدة من الداخل الإسرائيلي فيما يتعلق بشروط وقف إطلاق النار حاليا.
وأوضحت تسوكرمان أنه على الرغم من الاعتبارات السياسية الشخصية لنتنياهو، فمن غير المرجح أن تُنهي إسرائيل الحرب في هذه المرحلة حيث سينظر إليها على أنها رضوخ للضغوط الدولية، كما أنها لن تتجنب تكرار هجوم 7 أكتوبر، إذ أن "الحصار الكامل لن يكون كافيا على الأرجح لتجنب مثل هذه الحوادث في المستقبل".
تهديد إسرائيلي
يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت القناة 12 الإسرائيلية، أنه في الأيام الأخيرة، تكهنت إسرائيل بأنه سيتم تمرير عرض للإفراج عن جميع الرهائن مقابل جميع الأسرى الأمنيين ووقف القتال في غزة، لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا إنه سيتم رفض مثل هذا الاقتراح باعتبار أن "عودة المختطفين وتدمير قدرات حماس العسكرية هدفان متوازيان لا يحل أحدهما محل الآخر".
وهدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بحل الحكومة الإسرائيلية في حال التوصل لوقف شامل للحرب في غزة.
وباتت الخلافات بشأن غزة تهز أركان حكومة نتنياهو، فمع تزايد الدعوات الغربية والدولية لوقف شامل لإطلاق نار في قطاع غزة في ضوء الهدنة المؤقتة، تشتعل جذوة التحدي من قبل بن غفير، حيث أعلنها بكل صراحة وبلا مواربة بأنه سيحل الحكومة في حال التوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
كما طرح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، ورقة اعتراضه، ولفت إلى أن وقف الحرب مقابل إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة "خطة للقضاء على إسرائيل"، مشيرا إلى أن الجهود مستمرة للقضاء على حماس.