استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجمعة، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي وصل إلى القاهرة لعقد قمة مباحثات ثنائية بقصر الاتحادية، تستهدف بالأساس العمل على الدفع نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، واستكمال جهود تعزيز المساعدات الإنسانية، فضلا عن التطرق لملف الوساطة في تحرير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس منذ 7 أكتوبر الماضي.
وبحسب مصدر دبلوماسي مصري، فإن زيارة أمير قطر تأتي في سياق التنسيق بين الجانبين مع كل الأطراف المعنية؛ لمعالجة الأزمة الراهنة في قطاع غزة، بعد ما يزيد عن شهر على اندلاع الصراع.
وقال المصدر لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "من المأمول أن تكون لزيارة أمير قطر نتائج مفيدة بالنسبة لمسار الحرب في غزة، إذ للقاهرة والدوحة تأثير كبير في مجريات الأمور، وعلى اتصال بالأطراف المعنية في تلك الأزمة".
وأضاف: "نتوقع أن يكون لتلك الزيارة نتائج إيجابية وإسهام في تخفيف حدة التوتر وصولا إلى وقف إطلاق النار، بجانب المضي قدما في وساطة تحرير الرهائن، وتنسيق المواقف بين البلدين في هذا الصدد".
وتتزامن زيارة أمير قطر إلى مصر مع إعلان البيت الأبيض تنفيذ إسرائيل هدنة لمدة 4 ساعات يوميا شمالي قطاع غزة، للسماح للمدنيين بالفرار من مناطق القتال.
جهود مشتركة للوساطة
تبذل مصر وقطر جهودا مشتركة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس" مقابل وقف إطلاق النار ليوم أو يومين في قطاع غزة، أو مقابل عملية لتبادل الأسرى بين الجانبين.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر مصرية لـ"سكاي نيوز عربية"، أن القاهرة تقترب من التوصل إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة، تشمل تبادل أسرى.
وفي السياق ذاته، نقلت "فرانس برس" عن مصدر مقرب من حركة حماس وجود مفاوضات مع إسرائيل بوساطة قطرية حول "هدنة من 3 أيام" في مقابل إطلاق سراح 12 رهينة "نصفهم أميركيون".
وأكد المصدر أن إحراز تقدم حول الهدنة متوقف حاليا على "مدة" الهدنة و"شمال قطاع غزة الذي يشهد عمليات قتالية واسعة النطاق"، في حين تنتظر قطر الرد الإسرائيلي.
وبالتزامن مع تلك الأنباء، ذكر مصدر لوكالة رويترز أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي.آي.آيه" وليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" ديفيد بارنيا ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اجتمعوا، الخميس، لبحث معالم اتفاق على إطلاق سراح الرهائن والوصول لهدنة.
وتحتجز حماس نحو 240 رهينة بين إسرائيليين وأجانب، وفق السلطات الإسرائيلية، منذ السابع من أكتوبر، عندما شنت هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل أوقع نحو 1400 قتيل.
أجندة عربية واحدة
اعتبر الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير علي الحفني، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن زيارة أمير قطر تأتي على وقع عملية التنسيق التي تمت خلال الفترة الماضية، وجمعت القاهرة والدوحة وأطراف أخرى فاعلة في هذا الصراع، في الوقت الذي تتمثل الأجندة الرئيسية للمباحثات في الدفع باتجاه وقف إطلاق النار ووضع حد لهذه الحرب، وإنهاء معاناة الفلسطينيين داخل قطاع غزة.
وفي رأي الحفني فإن هناك "العديد من الملفات التي تُعنى بها القاهرة والدوحة"، حددها في عدد من النقاط:
- الدفع نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتوصل إلى هدنة إنسانية ممتدة تحمي المدنيين من ويلات الدمار والقتال المستمر لما يزيد عن 34 يوما.
- إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وضرورة وصولها إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني كل الأهوال داخل القطاع.
- الملف الثالث الأكثر أهمية هو الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ 7 أكتوبر، وهو ملف شائك تهتم به العديد من الدول الغربية، وتعطي واشنطن وتل أبيب اهتمامًا خاصًا به.
- الدفع مع المجتمع الغربي والدول الفاعلة في الصراع لأطروحة حل الدولتين، وإقامة سلام عادل، لأنه السبيل الوحيد لمنع تكرار هذه الأحداث والمآسي والمعاناة للمدنيين.
وقال الأمين العام للمجلس المصري للشئون الخارجية، إن "القاهرة والدوحة لهما شبكة تواصل وعلاقات لا تنقطع مع مختلف الأطراف التي تلعب دورًا في تطور هذه الأوضاع التي نشهدها منذ 7 أكتوبر، ومرجح أن تستمر بعض الوقت، وبالتالي من المهم أن يكون هناك تواصل بينهما على مستوى قادة الدول لتحقيق تطور ملموس في الملفات المطروحة بشأن القضية الفلسطينية".
وأضاف: "الأولوية للإسراع بالتوصل لوقف إطلاق النار، فكلما تم التبكير في ذلك، كلما منعنا سقوط المزيد من الضحايا والأبرياء، وهذا ما نريد تحقيقه ليتم إعطاء مزيد من التركيز والاهتمام للشعب الفلسطيني".
من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، خالد العزي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن زيارة الأمير تميم بن حمد إلى مصر لها أبعاد كثيرة لما تحمله من رسائل، وكذلك بالنسبة لدور مصر المحوري في المنطقة والوقوف أمام الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة.
ولفت إلى أن قطر كان لها موقف تفاوضي لتمثيل وجهة نظر العرب عبر العلاقات المميزة مع الأطراف الفاعلة في الصراع، وبالتالي تنسق الجهود مع مصر في تلك التحركات خلال هذه الزيارة على مستوى القمة.