أثار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الجدل، بعد تصريحاته بشأن تولى إسرائيل "المسؤولية الأمنية الشاملة" في غزة "لفترة غير محددة" بعد انتهاء الحرب.
وذكر مراقبون وخبراء أن تلك التصريحات تستدعي معها تصويت الكنيست الإسرائيلي في مارس الماضي على إلغاء قانون "فك الارتباط" الذي يعود لعام 2005 وتم بموجبه إخلاء المستوطنات من قطاع غزة، و4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية.
وأكد الخبراء أن سياق إلغاء القانون تمهيدا لإعادة السيطرة على غزة وقتها، يختلف كُليا عن السياق الراهن حيث تتصاعد العمليات العسكرية بين حماس والجيش الإسرائيلي مع تجاهل المطالب الدولية بوقف إطلاق النار.
مستقبل نتانياهو السياسي
يقول اللواء محمد رشاد وكيل جهاز المخابرات المصرية الأسبق إن المستقبل السياسي لنتانياهو انتهى، ولن يستمر في رئاسة الحكومة حتى يمكنه تنفيذ ما يُصرح به حول مستقبل الوضع في غزة بعد الحرب.
وأضاف رشاد في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه بعد انتهاء الحرب "ستتشكل لجنة تحقيق إسرائيلية، لمحاكمة القادة السياسيين والعسكريين الحاليين على الفشل جراء عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي".
ووفق رشاد فإن نتانياهو "يتحمل ما تعرضت له إسرائيل من اختراق كبير".
ويرى وكيل المخابرات المصرية الأسبق أن احتمالات عودة السيطرة الاسرائيلية على غزة محكومة بالفشل، لعدة أسباب هي:
• لإسرائيل تجربة مريرة في غزة أثناء حكم أرييل شارون رئيس الوزراء الراحل، حيث جرى استنزاف قواته داخل القطاع وانتهى التواجد الإسرائيلي هناك بخطة فك الارتباط وإخلاء المستوطنات.
• هذه التجربة المريرة من استنزاف القوات الإسرائيلية قابلة للتكرار وكذلك الوقوع في مستنقع جديد، حال الإقدام على السيطرة الأمنية على غزة أو تمركز قوات لإسرائيل بداخل القطاع.
• غزة اليوم ليست بالسهولة التي يمكن السيطرة عليها أمنيا، خصوصا في ظل الوجود الفاعل والكبير لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وعناصر الحركتين المنتشرة بالقطاع.
• تسعى إسرائيل اليوم لاستعادة هيبة الدولة وتبييض وجه الجيش والاستخبارات، لاسيما أن إسرائيل دولة تابعة لهذين الجهازين وليس العكس، وليس أمامها سوى استمرار التصعيد بأي ثمن.
• لم يقدم نتانياهو للمجتمع الاسرائيلي ما يُعيد هيبة الدولة حتى الآن، بما في ذلك حديثه الفضفاض حول السيطرة الأمنية على غزة مستقبلا.
• إعلام إسرائيل والإعلام الخارجي الداعم لها يحاول تصدير صورة بأنها هي المسيطرة، لكن ذلك لا ينطلي على المجتمع الإسرائيلي، بسبب استمرار الخسائر وبقاء الرهائن بقبضة حماس.
مستقبل غزة
تعليقا على تصريحات نتانياهو بشأن الوضع المستقبلي غزة، قال السفير السيد شلبي مساعد وزير الخارجية المصري السابق إن المراقبين "يجمعون على أن هناك وضعا جديدا اليوم، وفي ظل الأوضاع الراهنة وتصاعد المواجهات ليس هذا هو الوقت الأنسب لتقرير مستقبل غزة، سواء بالسيطرة الإسرائيلية على القطاع أو غيرها".
واعتبر شلبي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل تضمنت مناقشة وضع غزة المستقبلي، وذلك لتحقيق الهدف الاستراتيجي لإسرائيل وهو إزاحة حماس والفصائل الفلسطينية عن استمرارها في إدارة القطاع.
وأكد شلبي أن "الأمر المُلّح والعاجل الآن هو وقف إطلاق النار والاتفاق على هدنة إنسانية وسياسية وإدخال المزيد من المساعدات للمدنيين في غزة".
وفيما يتعلق بسيناريوهات إدارة غزة، قال شلبي إن "السلطة الفلسطينية أعلنت عن موقفها من مسألة إدارة القطاع سياسيا أو أمنيا، وربطت قبولها ذلك بتسوية شاملة للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين، وهذا موقف عقلاني ومتوازن ويجب أن يكون موقفا عربيا جماعيا، لاتساقه مع مبادئ وقرارات الشرعية الدولية".
وكان نتانياهو قد قال في مقابلة بثتها شبكة "أي بي سي"، إن غزة "يجب أن يحكمها أولئك الذين لا يريدون الاستمرار على طريقة حماس، وإسرائيل ستتولى لفترة غير محددة، المسؤولية الأمنية الشاملة لأننا رأينا ما يحدث عندما لا نملكها".
ونشرت "فايننشال تايمز"، قبل أيام، تقريرا بعنوان "إسرائيل تخطط لقطع الصلات بغزة بعد الحرب"، نقل تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، أبرزهم وزير الدفاع، يوآف غالانت، في كلمة بـ"الكنيست"، قال فيها: "لن تتحمل إسرائيل أي مسؤولية في المستقبل عن حياة المدنيين في غزة والصراع الجاري سيحقق واقعا أمنيا جديدا".