دخلت الحرب الأكثر دموية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المحاصر، شهرها الثاني على التوالي دون آفاق قريبة لحل سياسي يوقف سقوط مزيد من الضحايا الذين تجاوز 10 آلاف قتيل وأكثر من 24 ألف مصاب.

وحتى الآن، رفضت الحكومة الإسرائيلية مرارا المطالبات الدولية، وفي القلب منها الضغوط الأميركية لإقرار "هدنة إنسانية" ووقف مؤقت للقتال.

وحدد 3 خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" من واشنطن وباريس ولندن، مستقبل هذه الحرب خلال الفترة المقبلة، مع استمرار القصف الإسرائيلي على غزة التي تلقت 12 ألف غارة جوية وقذيفة مدفعية، بجانب إرسال قوات برية قسمت القطاع إلى نصفين، مع تشديد الحصار لتطويق مدينة غزة.

وحذر محللون عسكريون من أسابيع من القتال العنيف على طريقة "منزل إلى منزل" في غزة التي دُمرت الكثير من بنيتها التحتية، في حين يعاني سكانها البالغ أكثر من 2 نسمة من أزمة إنسانية فادحة.

غزة.. شهر من الحرب
حروب الأنفاق

حرب بلا نهاية

يقول محاضر الاستراتيجيات العسكرية بجامعة بورتسموث البريطانية، فرانك ليدويدج، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "مستقبل هذا الصراع هو الفجوة الرئيسية في المواقف الإسرائيلية، إذ إن التحرك نحو وضع نهائي محدد أمر ضروري لأي استراتيجية عسكرية، أو ببساطة كما قال الفيلسوف الصيني سون تزو في كتاب "فن الحرب" إن "التكتيكات بدون إستراتيجية هو الضجيج الذي يسبق الهزيمة".

وحدد ليدويدج، وهو أيضا مؤلف كتاب "خسارة الحروب الصغيرة"، مستقبل الحرب بين إسرائيل وحماس في عدد من النقاط، قائلا:

  •  ما تحتاجه إسرائيل هو إيجاد سبيل لتوفير مسار سياسي، سواء أحببت هي ذلك أم لا.
  •  أما فيما يخص مدى نجاح إسرائيل في تحقيق هدفها المعلن بالقضاء على حماس، فليس لدي أدنى شك في أن العديد من أنصار حماس سيقتلون، وربما سيتم كسر قوتهم العسكرية في الوقت الحالي.
  • هناك نوعان من الصعوبات في هذا الوضع، الأول هو أنه كما اكتشفنا نحن البريطانيين والأميركيين في العراق وأفغانستان، يمكنك قتل العديد من المتمردين، لكن هذا لا يضع حدا للتمرد، وأقول إنه قد يكون للمسار المُتّبع حاليا تداعيات لصناعة المزيد من المتمردين، أما الأمر الثاني وهو المهم أن القضاء على القوة العسكرية لحماس لا يعني القضاء على حماس كفكرة.
  • نهج إسرائيل المستمر في القصف العشوائي إلى حد ما، قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
  •  حتى الآن، لا يعرف أحد مستقبل قطاع غزة في فترة ما بعد الحرب، وإلى أن نعرف لا يمكننا وصف أو اقتراح أن إسرائيل لديها أي شكل من أشكال الاستراتيجية.

"الرهائن أولا"

من جانبه، يعتقد الأكاديمي الفرنسي وأستاذ العلاقات الدولية، فرانك فارنيل، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه من الأهمية بمكان الاعتراف بأنه لا يمكن الشروع رسميا في الجهود الدبلوماسية بشأن قطاع غزة، إلا بعد تأمين الإفراج عن الرهائن الـ 241 الذين تحتجزهم حاليا حماس، حيث ستُمهد هذه الخطوة الحاسمة الطريق لمفاوضات مثمرة.

وأوضح فارنيل رؤيته لمسار الحرب وأولويات الحكومة الإسرائيلية في عدد من النقاط، قائلا:

  • في تطور حديث، قال المتحدث باسم كتائب القسام إن الغارات الجوية الإسرائيلية أسفرت عن خسارة مأساوية لـ 60 رهينة إسرائيلية، في حين كرر رئيس الوزراء نتنياهو التأكيد على أن وقف إطلاق النار لن يتم النظر فيه حتى يتم ضمان العودة الآمنة للرهائن الإسرائيليين.
  •  هناك تعقيد لموقف إطلاق سراح الرهائن، فبينما كانت إسرائيل وحماس على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن، لكن "بسبب التعقيدات غير المتوقعة"، عادت المفاوضات للأسف إلى مرحلتها الأولية، وبينما يحبس العالم أنفاسه.
  •  في الصراع الحالي، اعتمدت إسرائيل نهجا يتماشى مع التهديد غير المسبوق الذي تواجهه، حيث بات القضاء على حماس من قطاع غزة "أمرا إلزاميا" لضمان سلامتها الأمنية.
  • من الضروري أن تفكر الأمم المتحدة، التي كافحت من أجل التوصل إلى حل واضح ومنصف، في عملها في المستقبل لمعالجة هذه المسألة الملحة بفعالية، وهذا يمثل لحظة محورية تتطلب حلا.

أخبار ذات صلة

30 يوما من الحرب.. هل حققت إسرائيل أهدافها؟
بعد شهر على الحرب.. كلفة اقتصادية باهظة في إسرائيل وفلسطين
نتنياهو: إسرائيل ستتولّى "مسؤولية الأمن" في غزة بعد الحرب
شهر على حرب غزة.. اقتصاد إسرائيل يتكبد خسائر طائلة

"صراع طويل الأمد"

ومن واشنطن، يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي، سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الصراع بين إسرائيل وحماس قد يكون طويل الأمد، في حين سيكون أفضل سيناريو هو تسوية تفاوضية ولكن لا يرغب أي من الطرفين في التحدث عنها.

وبشأن مدى نجاح خطة إسرائيل في "تدمير قدرات حماس"، قال مورغان: "لست متأكدا مما إذا كانت خطة إسرائيل ستنجح، وقد أظهرت حماس أنها لم تثبت أنها ناجحة في حكم القطاع أيضا".

ويعتقد الباحث الأميركي أن تصريح الوزير الإسرائيلي بشأن الضربة النووية لقطاع غزة "سيلقي بتداعيات سلبية لا تساعد في حل الأمور أيضا".

وأثار تصريح وزير التراث الإسرائيلي المتطرف، عميحاي إلياهو، موجة من الانتقادات المحلية وعاصفة من التنديد الدولي، عندما قال إن أحد الحلول المطروحة للتعامل مع قطاع غزة الفقير والمحاصر ضربه بقنبلة نووية مع دخول الحرب عليه شهرها الثاني.

أسئلة ما بعد الحرب

وعن مستقبل قطاع غزة بعد هذه الحرب، أضاف مورغان أنه "قد تكون هناك حاجة إلى قوة حفظ سلام لاستعادة النظام وإجراء انتخابات جديدة".

لكن لا تزال العديد من الأسئلة التي تُثار مثل إمكانية السماح لحماس بالمنافسة، ومدى السماح للسلطة الفلسطينية باستعادة سلطتها على غزة، وهذه الأسئلة ليس لها إجابة الآن، ولكن ينبغي النظر فيها بجدية، وفق الباحث الأميركي.