أظهرت اعتداءات للمستوطنين الإسرائيليين على فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة مؤخرا، صحة التحذيرات المتتالية من خطورة اتجاه الحكومة الإسرائيلية لتسليح المستوطنين وإعطائهم الضوء الأخضر في حرية استخدامها تحت بند الدفاع عن النفس.
ضمن هذه الاعتداءات حوادث قتل وتهجم كما حدث في نابلس والقدس، وتوزيع منشورات تتوعد السكان بالتهجير إلى الأردن على غرار ما حدث في نكبة 1948، مما دفع للتنبؤ باندلاع انتفاضة في الضفة تزيد حدة التوترات في المنطقة المشتعلة.
وقتل فلسطيني يسمى بلال صالح (40 عاما) برصاصة في صدره أطلقها مستوطن، السبت، في بلدية الساوية بنابلس، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، بينما قال مستوطن آخر إن مطلق النار جندي خارج الخدمة.
ووفق تصريح رئيس بلدية الساوية محمود حسن لـ"فرانس برس"، فإن صالح قتل وهو يقطف الزيتون مع عائلته في أرضهم قرب السياج الأمني المحيط بمستوطنة راشليم.
تهديد بالتهجير
ويوم السبت أيضا، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن منشور يُعتقد أن مستوطنين وزعوه في الضفة، يهددون فيه أهلها بالترحيل القسري إلى الأردن.
وجاء في المنشور أن "حركة حماس ارتكبت أكبر خطأ تاريخي معلنة الحرب علينا"، في إشارة إلى الهجوم المباغت الذي شنته الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر الجاري.
ولا يحمل المنشور توقيع أي جهة، لكنه خاطب الفلسطينيين بـ"أهالي العدو في الضفة اليهودية"، وتابع: "أردتم نكبة مثيلة بـ1948، فوالله سننزل على رؤوسكم الطامة الكبرى قريبا"، مضيفا أن أمامهم فرصة "للهروب إلى الأردن (...) قبل أن نطردكم بالقوة".
صحيفة "هآرتس" تحدثت أيضا، الخميس، عن تعرض سائق حافلة في القدس للاعتداء من مستوطن في المدينة، وحسب الشكوى التي تلقتها الشرطة، أمر المستوطن السائق أن يقول "حماس حقيرة"، فلما رفض اعتدى عليه وعدد من رفاقه بالضرب المبرح.
وحسب شركة الحافلات في المدينة، فإن نصف السائقين العرب في القدس يتغيبون عن العمل لأنهم يخشون تهديدات يهود مسلحين.
مليشيات بن غفير
وسبق أن حذرت جهات إسرائيلية من أن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، ينشئ "ميليشيا مسلحة" تحت إمرته، من شأنها أن تفجر الوضع في إسرائيل والضفة الغربية معا.
والخميس أعلن بن غفير عبر حسابه على منصة "إكس"، "تويتر" سابقا، إنشاء "فرق احتياطية في المجالس الإقليمية وفي المدن من خلال الآلاف من المتطوعين الذين سيتم تجنيدهم وتزويدهم بالأسلحة ووسائل الحماية"، مشيرا إلى أن "عدد الفرق بلغ 600".
وشوهد الوزير الإسرائيلي وهو يوزع بنادق هجومية على مستوطنين، وقال على "إكس": "تم حتى الآن شراء نحو 4 آلاف قطعة سلاح من أصل نحو 20 ألف قطعة، سيتم شراؤها"، مضيفا أنه تم بالفعل "توزيع نحو ألفي قطعة سلاح على عشرات المستوطنات في المناطق الشمالية والساحلية"، كما سيتم "توزيع المزيد من الأسلحة على المزيد من المستوطنات".
وتتزامن تحركات وزير الأمن القومي مع وصول مبيعات الأسلحة النارية للمدنيين في إسرائيل لمستويات غير مسبوقة، بسبب مخاوف من حدوث المزيد من الاضطرابات.
والأربعاء الماضي، طالب الرئيس الأميركي جو بايدن بأن يتوقف المستوطنون الإسرائيليون عن مهاجمة الفلسطينيين، قائلا إن هذه الهجمات بمثابة "صب البنزين" على النيران المشتعلة بالفعل، و"يجب أن يتوقف ذلك الآن".
السيناريو الأسوأ
مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية أحمد رفيق عوض الله، يستعرض لموقع "سكاي نيوز عربية" نتائج إقدام بن غفير على تسليح المستوطنين:
- استفزازات المستوطنين، خاصة بعد التوزيع المجاني للسلاح عليهم، قد تؤدي إلى تطورات لا تحمد عقباها، في ظل حالة الشحن داخل إسرائيل بصفة عامة وفي مجتمع المستوطنين بصفة خاصة.
- أعمال بن غفير قد تؤدي إلى عسكرة المجتمع، وهذا دليل على انعدام الأمن فيه، وعسكرة المجتمع دعوة للعنف على الطرف الضعيف، وعلامة على فشل المجتمع والدولة.
- العسكرة ستزيد كذلك احتمال ارتكاب مخالفات قانونية أكثر وأكثر وانتشار الجريمة، فضلا عن التنكيل بالفلسطينيين وهو الهدف الأساسي.
- التوسع في التسليح من دون معايير قد يؤدي إلى تحويل المستوطنين إلى قتلة منفلتين، وهو أمر بالغ الخطورة، خاصة أنهم بجانب الفلسطينيين ويستعملون نفس الطرق ويسكنون في ذات المناطق، والاحتكاكات سهلة الحدوث.
- هذا كله قد يولد رد فعل فلسطينيا واندلاع انتفاضة عارمة في الضفة الغربية المحتلة.