مع تصاعد الاستهدافات لقواعد التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق، على وقع احتدام الحرب الإسرائيلية على غزة، عبرت وزارة الدفاع الأميركية، عن قلقها من تصعيد أوسع للهجمات ضد قواتها في المنطقة خلال الأيام المقبلة.
وقال البنتاغون إن قواته في الشرق الأوسط تحتفظ بحق الدفاع عن النفس مع العمل على تجنب اتساع رقعة الصراع، مشددا على أنه لم يرصد أمرا مباشرا من طهران لوكلائها لزيادة الهجمات ضد القوات الأميركية بالشرق الأوسط.
وأضاف المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، للصحفيين: "لا نرى بالضرورة أن إيران أمرتهم صراحة بتنفيذ مثل هذه الهجمات" .
ومع ذلك، قال رايدر إن الولايات المتحدة تحمل إيران في النهاية المسؤولية عن مثل هذه الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة "بناء على حقيقة أنها مدعومة من إيران".
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد وجه، الاثنين، الأجهزة الأمنية بالتصدي للجهات التي تستهدف تلك القواعد.
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في بيان: "نؤكد رفضنا الهجمات التي تستهدف القواعد العراقية والتي تضم مقرات مستشاري التحالف الدولي، الموجودين بدعوة رسمية من الحكومة، لدعم عمل قواتنا الأمنية من حيث التدريب والتأهيل والاستشارة، وفق آلية واضحة جرى وضعها من قبل القنوات الرسمية والدبلوماسية العراقية".
وأضاف: "القائد العام للقوات المسلحة وجه الأجهزة الأمنية كافة بالقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات، وعدم السماح بأي حال من الأحوال في الإضرار بالأمن والاستقرار اللذين تحققا بفضل التضحيات الجسام لأبناء قواتنا المسلحة، بمختلف صنوفها وتشكيلاتها".
ويأتي هذا بعد أن أمرت واشنطن بإجلاء الموظفين غير الأساسيين من سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل، في بيان صدر الأحد، عن وزارة الخارجية الأميركية .
البيان المتزامن مع تصاعد التوتر في المنطقة، كشف بأن أمر الإجلاء "يعود إلى التهديدات الأمنية المتزايدة التي تطال طواقم الولايات المتحدة ومصالحها" .
ويشمل الأمر "أفراد أسر الموظفين، والموظفين غير الأساسيين" في البعثة الدبلوماسية الأميركية في العراق.
"المهمة الصعبة"
يقول مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري ، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- البيان الصادر عن السوداني بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، يؤشر لتعاظم القلق الجدي لدى بغداد من تحول العراق لساحة اشتباك مفتوحة مع الولايات المتحدة وحتى مع إسرائيل، والمترافق مع تعهد أميركي واضح برد عنيف حال تعرض المصالح الأميركية لهجمات في العراق وغيره من دول المنطقة.
- لكن من الصعب على الحكومة والسوداني شخصيا ضبط الفصائل المسلحة، خاصة أن قسما كبيرا منها يمثل ما يشبه جناحا عسكريا لقوى الإطار التنسيقي، وهو القوة الأكبر المؤسسة للحكومة الحالية التي يترأسها السوداني.
- لهذا فهو، أي السوداني لا يمكنه الذهاب بعيدا في مواجهة هذه الجماعات، بالنظر لما سيحمله ذلك من تداعيات على مستقبله السياسي، خاصة أنه جزء من قوى الإطار التنسيقي.
- وفي هذا المعنى، فإن بيان السوداني هو محاولة لإرضاء واشنطن وتبديد هواجسها من وجود تلكؤ عراقي في حماية قواعد التحالف ىإدانة استهدافها، وتأكيد على أن العراق يعارض هذه الهجمات ولا يريد الانخراط في حرب غزة.
"اختبار حاسم"
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- هذا الموقف يعكس ولا شك حرص السوداني على حماية الدولة لنفوذها وسيادتها، وإنهاء الفوضى الأمنية بالبلاد، عبر بسط سيطرة الحكومة لمواجهة قوى الفوضى واللا دولة الهادفة لخلق الأزمات، وبما يحرج بغداد ويقوض علاقاتها الدولية.
- ولهذا فالسوداني أمام اختبار حاسم لطي ملف الجماعات المسلحة المنفلتة، والتي تتصرف كدولة داخل الدولة، وقراره هذا مؤشر على حرصه على النأي بالعراق عن صراع المحاور والاصطفافات الإقليمية والدولية، والتأسيس لمرحلة جديدة عنوانها تعضيد الدولة وحماية مصالح العراق العليا.
- لدى العراق الإرادة والقوة الكفيلة بالتغلب على تحدي هذه الفصائل المسلحة، وهو قادر أمنيا واستخباريا على كشفها وكبح جماحها، ووقف اعتداءاتها على القواعد والمقار العسكرية والدبلوماسية للدول الصديقة والحليفة للعراق.