كشفت مصادر مطلعة لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن تراجع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن خطة تشكيل حكومة تسيير أعمال في الوقت الحالي، بسبب "عقبات لوجستية وسياسية وضغوط داخلية وخارجية".
لكن المصادر رجحت أن يتجه البرهان خلال الأيام المقبلة، إلى إجراء تغييرات واسعة في "السلطات الولائية"، وتعزيز النفوذ الأمني في ولايتي الجزيرة ونهر النيل المتاخمتين للخرطوم، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على أكثر من 90 بالمئة من مناطق ومداخل العاصمة.
وأوضح ضابط رفيع في الجيش السوداني، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن قيادات عسكرية ميدانية في الخرطوم أبلغت البرهان بخطورة تشكيل حكومة مقرها مدينة بورتسودان شرقي البلاد، حيث يقيم فيها البرهان منذ خروجه من مقر القيادة العامة في الخرطوم نهاية أغسطس الماضي، بعد حصار استمر أكثر من 4 أشهر.
وقال المصدر لموقع "سكاي نيوز عربية": "هنالك تخوف في أوساط قيادات الجيش من أن يدفع تشكيل حكومة في بورتسودان قوات الدعم السريع للتصعيد أكثر وعزل العاصمة تماما، وبالتالي تعقيد العمليات العسكرية خصوصا في ظل سيطرة الدعم السريع على معظم المقرات العسكرية والمدنية الاستراتيجية في الخرطوم".
وكان نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار قد صرح في منتصف سبتمبر الجاري، أن البرهان سيعلن عن تشكيل حكومة عقب عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأثارت تصريحات عقار ردود فعل واسعة، كان أبرزها تلك التي صدرت عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الذي قال في خطاب صوتي إنه سيرد بتكوين حكومة موازية عاصمتها الخرطوم، في حال أقدم قائد الجيش على الخطوة.
وحذرت قوي الحرية والتغيير - المجلس المركزي، التي تقود الجهود السياسية الحالية لإيقاف الحرب، في بيان، من أن أي خطوة قد يتخذها البرهان لإعلان حكومة تباشر مهامها من بورتسودان ستؤدي إلى تقسم البلاد.
إجراءات ومخاوف
- منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من 5 أشهر، انتقل عدد من الوزارات وبنك السودان المركزي وهيئات حكومية مركزية أخرى إلى بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر التي تطل على البحر وبها الميناء الرئيسي للسودان، لكنها تبعد نحو ألف كيلومتر عن الخرطوم.
- تعاني بورتسودان أزمات كبيرة في إمدادات المياه والكهرباء، ويشتكي آلاف السودانيون الذين نزحوا إليها من العاصمة عقب اندلاع القتال، ارتفاعا كبيرا في تكاليف المعيشة وإيجار المنازل، فضلا عن نقص في الوحدات السكنية.
- قبل نحو 3 أسابيع، نقلت وكالة أنباء السودان الرسمية (سونا) عن وكيل وزارة الخارجية دفع الله الحاج، قوله إن الوزارة حصلت على التصديقات اللازمة لإنشاء مقر لها ومبان رئاسية ومركز للمؤتمرات في المدينة الساحلية، مما أثار تكهنات أن الخطوة ربما تكون بداية لتحويل بورتسودان إلى عاصمة بديلة.
- أثار تصريح الحاج في حينه ردود فعل كبيرة في الأوساط السودانية، حيث اعتبره البعض بمثابة إعلان عن تقسيم البلاد، مشيرين إلى أنه يعبر عن يأس من انتهاء الحرب ومقدمة لتشكيل حكومة جديدة.
إحباط
وقال الصحفي السوداني شوقي عبد العظيم لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الأنباء عن تشكيل حكومة في بورتسودان أصابت الكثير من السودانيين بالإحباط، خصوصا أنها تأتي في ظل تزايد الدعوات الشعبية لوقف القتال والجلوس على طاولة المفاوضات.
وأضاف عبد العظيم: "كان لخبر احتمال انتقال الخارجية إلى هناك مردود سيئ لدى الكثيرين، إذ يشير إلى أن الحرب ستطول وإلى بداية تقسيم البلاد على غرار دول أخرى شهدت حروبا مماثلة".
ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 يعيش السودان فراغا إداريا كبيرا، حيث لم يتمكن البرهان بعد إطاحة حكومة عبد الله حمدوك في ذلك التاريخ من تشكيل حكومة جديدة، في ظل رفض من المجتمع الدولي والإقليمي أي خطوة أحادية يتخذها الجيش من دون الاتفاق مع القوى السياسية الفاعلة في البلاد.
وكان الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر 2022 ينص على نقل السلطة للمدنيين، لكن اندلاع الحرب في منتصف أبريل ألغى كل تلك الخطط وعطل كافة مؤسسات الخدمة المدنية والإدارية.