جدَّد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني تأكيده على عدم حاجة بلاده إلى قوات قتالية أجنبية، مرجعا ذلك إلى أن تنظيم "داعش" الإرهابي لم يعد يشكّل خطرا في العراق.
يوضّح خبراء أمنيون وعسكريون وسياسيون عراقيون لموقع "سكاي نيوز عربية"، ما وراء هذه التصريحات، وما هي أدوار القوات الأجنبية حاليا في العراق، وأعدادها، وأماكن انتشارها، وإمكانية الاستغناء عنها الآن.
في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، يوم الثلاثاء، قال السوداني إنه لم تعد هناك ضرورة لوجود قوات أجنبية مقاتلة على أرض العراق، لافتا إلى أن تنظيم داعش صار ضعيفا، ولا يشكّل تهديدا يُذكر على الأمن.
واستعان العراق بقوات من التحالف الدولي الذي تشكل لمحاربة تنظيم داعش في عام 2014، وتقوده الولايات المتحدة.
وتحدّث السوداني مرارا عن عدم الحاجة لقوات أجنبية قتالية، ومن ذلك في أغسطس الماضي، قائلا حينها إنه تجري حوارات لتحديد شكل التعاون المستقبلي مع التحالف الدولي.
خريطة الانتشار
تتوزّع أماكن وجود القوات الأميركية في العراق بين عدة مدن في الوسط والشمال والغرب، ووفق الخبير العسكري، العميد أعياد الطوفان، فأماكنها هي:
- مقر السفارة الأميركية في بغداد.
- مقر قيادة العمليات المشتركة في المنطقة الخضراء.
- قاعدة حرير في إربيل.
- قاعدة عين الأسد في الأنبار.
- قاعدة بلد صلاح الدين.
- قاعدة فكتوريا في مطار بغداد.
- قاعدة الإمام علي بن أبي طالب في الناصرية (لم يعلن عنها).
- في منطقة قرة چولان في السليمانية (لم يعلن عنها).
عدد القوات
وفق أعياد الطوفان، فإن عدد القوات يقدّر بالآلاف، ويتركزون بشكل خاص في القواعد العسكرية حرير ومطار أربيل وعيد الأسد وفكتوريا وبلد، كما يوجد 2500 جندي من الحرس الوطني الأميركي لحماية السفارة، منقسمين بين مقرها وقاعدة فكتوريا في مطار بغداد.
ويقدرها المحلل الأمني، علي البيدر، بأنها بين 2500 إلى 5000 تزيد وتنقص حسب الموقف الأمني، ولا توجد إحصائيات رسمية.
لماذا توجد القوات الأجنبية؟
يجيب أعياد الطوفان بأن "المعلَن هو أن القوات الأجنبية تقوم بمهمات استشارية وتدريب، لكن الحقيقة هي أنها تقوم بتسليح وتجهيز الدبابات "إبرامز" وطائرات "إف 16"، وتسهم في الضربات الجوية ونقل قوات جهاز مكافحة الإرهاب في طائراتها خلال العمليات".
وعن الحاجة إليها، ففي تقديره أن "الجيش العراقي لا يزال يعاني من ضعف في مجال القوة الجوية وطيران الجيش والدفاع الجوي والاستخبارات الإلكترونية في جمع المعلومات، ونحن بحاجة ماسة لها في تنفيذ أي عملية أو في حماية الأجواء العراقية من الطائرات المعادية بكل أنواعها، وأيضا الصواريخ والمقذوفات الحربية".
أما عن التصريحات الرسمية بأن الجيش قادر على الدفاع عن حدود الوطن، فيقول الخبير العسكري بأنها "تحتاج إلى مراجعة بعض الشيء؛ بسبب عدم اكتمال الكثير من قواته والصنوف، ناهيك بالمحاصصة الطائفية والمذهبية".
رسائل سياسية
الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، مخلد حازم الدرب، يلفت إلى أن قوات التحالف وقوات من حلف الناتو جاؤوا إلى العراق بطلب من الحكومة بعد دخول داعش للبلاد عام 2014، ثم غيرت صفتها منذ عام 2021 إلى صفة الاستشارة والتدريب، وسلمت القواعد الموجودة بها إلى القوات العراقية.
وعلى هذا، يعتبر الدرب أن تصريحات السوداني "بها نوع من الضبابية، وقد تكون رسائل موجهة لجهات سياسية أخرى".
وعن طبيعة القوات الأميركية الحالية في العراق، يقول الخبير الأمني، إنها، وخاصة الموجودة في قاعدة عين الأسد "قطعات قتالية من القوات الجبلية العاشرة، المعروفة بعملياتها القتالية، ولديها باع كبير في القتال في أفغانستان والعراق".
تجاوز الأزمة الأمنية
من ناحيته، يرى المحلل السياسي والأمني العراقي، علي البيدر، في تصريحات السوداني "نقطة إيجابية".
ويُرجع ذلك إلى أنها "تؤشر إلى أن العراق تجاوز الأزمة الأمنية، وبدأ يتطلع لأولويات التنمية والتقدم الاقتصادي ومعالجة أزمات متوارثة، وهذا يُحسب للحكومة الحالية والحكومات السابقة التي سعت لتعزيز الأمن".
في نفس الوقت، لا يمانع البيدر في استمرار وجود القوات الأجنبية؛ لأنها حاليا "تقوم بدور استخباري ولوجستي وتدريب، وتشارك في تنفيذ عمليات نخبوية، ولا توجد أدوار أخرى، وهذا لا ينقص من سيادة البلاد؛ فالعديد من الدول توجد بها قوات أجنبية".