أثار حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن تطور العلاقات بين السعودية وإسرائيل، اهتمامًا بارزًا في وسائل الإعلام الغربية، في الوقت الذي يتوقع مراقبون أن تساهم تلك التصريحات في تعزيز مسار تطبيع العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة.
وكشف وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، أن الإطار العام لاتفاق لإقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل بوساطة أميركية "قد يصبح جاهزاً بحلول مطلع العام المقبل".
ماذا قال ولي العهد السعودي؟
• الأمير محمد بن سلمان، قال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأميركية، تعليقا على المفاوضات بشأن العلاقة مع إسرائيل، أنها "تتقدم يوما بيوم".
• أكد ولي العهد السعودي في الوقت ذاته على أن القضية الفلسطينية مهمة لتطبيع العلاقات.
• قال: "بالنسبة لنا القضية الفلسطينية مهمة للغاية. نحتاج لحل هذا الجزء... ولدينا استراتيجية مفاوضات جيدة تتواصل حتى الآن".
• أضاف: "أريد حقا أن أرى حيـاة جيدة للفلسطينيين، لذا أود إكمال المفاوضات مع إدارة بايدن لضمان ذلك"، لافتا إلى أنه ولأول مرة تبدو المفـاوضات حول التطبيـع مع إسرائيل حقيقية وجادة و"سنرى كيف تسير".
• "يجب أن نرى إلى أين سنصل. نأمل أننا سنصل إلى مكان سيسهل حياة الفلسطينيين ويجعل إسرائيل لاعبا في الشرق الأوسط"، وفق حديث ولي العهد السعودي، مضيفًا: "إذا أحدثنا خرقا بالتوصل لاتفاق يمنح الفلسطينيين احتياجاتهم ويجعل المنطقة هادئة، فسنعمل مع أي شخص يقود إسرائيل".
• أشار إلى أنه في حال نجحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأن تعقد اتفاقا بين المملكة وإسرائيل فسيكون أضخم اتفاق منذ انتهاء الحرب الباردة.
موقف نتنياهو
وجرى بث مقابلة الأمير محمد بن سلمان، بعد وقت قصير من لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما كان كلاهما في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأثار بايدن مخاوف بشأن معاملة الحكومة الإسرائيلية اليمينية للفلسطينيين، حيث حث نتنياهو على اتخاذ خطوات لتحسين الأوضاع في الضفة الغربية في وقت يتزايد فيه العنف في الأراضي المحتلة.
وخلال الاجتماع، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي إمكانية العمل مع الإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع السعودية.
وأضاف "مثل هذا السلام سوف يسهم كثيرا في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتحقيق المصالحة بين العالم الإسلامي والدولة اليهودية وتعزيز السلام الحقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين. إنه شيء في متناول اليد".
بدوره، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين إنه من الأفضل لقادة السعودية وإسرائيل "الحديث عن مدى قربهم من بعضهم البعض وأين يعتقدون أنهم موجودون في هذه العملية"، مضيفًا أن بلاده تشجع تطبيع العلاقات لأنه "أمر جيد ليس فقط لإسرائيل والمملكة العربية السعودية، بل نعتقد أنه جيد للمنطقة بأكملها".
مستقبل العلاقات
وحدد الباحث الأميركي المتخصص في الشؤون السياسية والأمن القومي سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، مستقبل العلاقات بين السعودية وإسرائيل، في عدد من النقاط قائلًا:
أعتقد أن الرياض وتل أبيب أقرب من أي وقت مضى لتطبيع العلاقات بينهما، وهنا أود ذكر الاقتباس الذي تم استخدامه في كثير من الأحيان بأن "الدول ليس لديها حلفاء، ولكن لديها مصالح مشتركة"، وبالتالي تشترك كل من السعودية وإسرائيل في مصلحة في عدم امتلاك إيران لسلاح نووي يهددهما.
التوقيت هو الأمر الحاكم في تلك القضية، وما كان بالإمكان أن يتم الاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، لكن ربما يكون لنتنياهو أولويات داخلية أخرى يهتم بالتعامل معها، ولذا فقد يكون رئيس وزراء إسرائيل المقبل هو الذي يبرم الصفقة مع المملكة.
هناك دلالة من حديث ولي عهد السعودي بشأن كون الاتفاق يسهل حياة الفلسطينيين ويجعل إسرائيل لاعباً في الشرق الأوسط، وقد يفكر البعض في هذا الأمر سياسيا، لكن هذا له أبعاد اقتصادية ضخمة.
واتفق مع ذلك، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، الذي قال في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، إن ولي العهد السعودي يستهدف تطوير العلاقات مع إسرائيل بالتوازي مع التقدم في القضية الفلسطينية ومع تحسين العلاقات مع إيران والولايات المتحدة.
حوافز.. وكوابح
وفي تقدير الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، فالسعودية في أقرب فرصة للتطبيع مع إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، لكن ليس في عام 2023، وربما في النصف الثاني من العام 2024، قائلًا: "إذا كانت هناك مجموعة من المحفزات للتطبيع، فهناك أيضا كوابح".
ووفق "سمير"، فإن على رأس تلك الحوافز الداعمة لتطبيع مسار العلاقات، ممر "الهند ـــ أوروبا" الذي تم الإعلان عنه في قمة العشرين، وستكون الرياض وتل أبيب ضمن هذا المشروع الكبير، كما أن هناك مساعٍ أميركية لإنجاز اتفاق مع السعودية يتوازى مع الإنجاز الذي حدث في "الاتفاق الإبراهيمي" في عهد ترامب.
وأوضح أن الشرق الأوسط بات أكثر تقبلًا لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، فضلًا عن الدور الجديد للسعودية والانفتاح على كافة المستويات خلال السنوات الأخيرة.
لكن تبقى القضية الفلسطينية حجر عثرة أمام سرعة الوصول إلى اتفاق بين الرياض وتل أبيب، حسبما ذكر خبير العلاقات الدولية، مع تعثر مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتصاعد الصراع في الشهور الأخيرة.