بميزانية توقعية إجمالية تقدر بـ120 مليار درهم، (حوالي 11.7 مليار دولار)، على مدى خمس سنوات، أطلق المغرب ورشا ضخما لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال.
وتغطي الصيغة الأولى من البرنامج الذي قُدم بين يدي الملك محمد السادس، الأقاليم والعمالات الستة، المتأثرة بالزلزال، وهي مراكش والحوز وتارودانت وشيشاوة وأزيلال وورزازات، مستهدفة 4.2 مليون نسمة.
أربع ركائز
ترتكز الورش التي أطلقها المغرب على أربع ركائز أساسية، حسب ما جاء في بيان الديوان الملكي:
- إعادة إيواء السكان المتضررين، إعادة بناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية.
- فك العزلة وتأهيل المجالات الترابية.
- تسريع امتصاص العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتأثرة بالزلزال.
- تشجيع الأنشطة الاقتصادية والشغل، وكذا تثمين المبادرات المحلية.
كما يتضمن البرنامج، وكما وجّه بذلك الملك، إحداث منصة كبرى للمخزون والاحتياطات الأولية بكل جهة، وذلك قصد التصدي بشكل فوري للكوارث الطبيعية.
تصور جديد للعالم القروي
في تعليقه على الموضوع، قال الدكتور رشيد ساري، رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إن الخطة التي أطلقها المغرب من أجل إعادة إعمار المناطق التي دمرها الزلزال، تحمل في طياتها مؤشرات غير مسبوقة في التعامل مع العالم القروي.
وأضاف في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه المبادرة الملكية "سيكون لها ما بعدها"، إذ ستتحول القرى التي كانت تُعتبر في أحيان كثيرة عالة على الاقتصاد الوطني، إلى قوة إنتاجية تستجيب لحاجياتها وتساهم في الاقتصاد، وهنا مربط فرس النموذج التنموي الجديد، الذي سيشجع الأنشطة الاقتصادية والشغل، وتثمين المبادرات المحلية.
تحدي التمويل
لفت الخبير الاقتصادي إلى أن 12 مليار دولار هو رقم ثقيل، سيتطلب تظافر الجهود وتوحيد التصورات، بغرض تحقيق الأهداف المُسطرة لهذا المشروع الكبير.
فوفق بلاغ الديوان الملكي، سيتم تأمين التمويل لهذا البرنامج "انطلاقا من الاعتمادات المرصودة من الميزانية العامة للدولة، ومساهمات الجماعات الترابية والحساب الخاص للتضامن المخصص لتدبير الآثار المترتبة على الزلزال، وكذا من خلال الدعم والتعاون الدولي."
في هذا الصدد، شدد ساري على أن توفير 2.4 مليار دولار سنويا، لمدة خمسة أعوام سيشكل تحديا مهما لا سيما بالنسبة للموازنة العامة للبلاد، التي ستبحث عن موارد إضافية لضمان التمويل.
تحقيق الرفاهية
أكد المحلل الاقتصادي أن الهدف من هذا البرنامج ليس فقط سد حاجيات سكان القرى وتوفير بعض المكاسب البسيطة لهم فحسب، بل تسعى الخطة إلى القطع مع مفهوم "المغرب غير النافع"، التي يُطلقه بعض المحللين على المناطق غير المساهمة في الاقتصاد، بحيث سيتم فك العزلة عن كافة المناطق، وهو مشروع أطلقه المغرب منذ سنوات يهدف إلى تعزيز مكانة القرى وتثمين مبادراتها كل حسب إمكانياتها."
وأضاف: "إذا كان البرنامج الجديد يشمل في مرحلة أولية ست مناطق، فإنه من الجلي أنه يشكل اللّبنة الأولى لمشروع ثوري يهدف إلى تحقيق الرفاهية لسكان المناطق القروية والنائية في كافة التراب الوطني، أي بما يشمل32 ألفا و150 قرية."
"أهمية الإنصات الدائم"
وتعتبر جلسة العمل التي انعقدت أمس الأربعاء، الثالثة من نوعها، وتأتي امتدادا للتوجيهات التي أعطاها الملك خلال اجتماعي 9 و14 سبتمبر، والتي وضعت أسس برنامج إعادة بناء القرى المتضررة من الزلزال.
ودعا الملك محمد السادس، الحكومة إلى تنزيل الرؤية التي تم تقديمها على مستوى كل من الأقاليم والعمالة المتضررة. وشدد مجددا على "أهمية الإنصات الدائم للساكنة المحلية، قصد تقديم الحلول الملائمة لها، مع إيلاء الأهمية الضرورية للبعد البيئي والحرص على احترام التراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش كل منطقة."