قررت مريم العلوي، أم لطفلة واستاذة تعليم ابتدائي من مدينة مكناس المغربية التكفل بطفلة أصبحت يتيمة بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب وسط البلاد، ليل الجمعة والسبت، وأودى بحياة الآلاف بينهم الكثير من الآباء.
وبتأثر كبير، قالت مريم لموقع "سكاي نيوز عربية" إن قرارها هذا جاء للتخفيف من مأساة هؤلاء الأطفال الذين دمرت حياتهم وفقدوا ينبوع الحنان بفعل الزلزال الذي كان مركزه إقليم الحوز.
وأضافت: "أريد أن أتكفل بيتيمة من يتامى الزلزال. أمنحها بيتا يأويها وحضنا كبيرا يدفئ صدرها وإخوة يحبونها".
وتتابع: "لم نفكر أنا زوجي مسبقا في فكرة التكفل بطفل، لكن هذه الفاجعة ودموع الصغار أمام جثامين ذويهم فطرت قلبي. أنا مقتنعة أنني وأسرتي مؤهلون نفسيا وماديا لاستضافة طفل جديد بيننا".
100 ألف طفل تأثروا
ومريم واحدة من كثير من المغاربة الذي هبوا من أجل كفالة الأطفال الذين فقدوا آباءهم من جراء الزلزال.
وتشير التقارير الأولية لمنظمة "يونيسف" المنشورة على موقعها الرسمي إلى أن حوالى 100 ألف طفل قد تأثروا بالزلزال القوي الذي ضرب المغرب.
وعكس مريم، كانت نادية، ربة بيت وأم لطفلتين مقيمة بضواحي العاصمة الرباط، تفكر دائما في التكفل بطفل يتيم أو متخلى عنه وتأكدت أن الوقت قد حان لتخطو هذه الخطوة "المؤجلة" بعد هذا الزلزال المدمر.
وتظن الشابة الثلاثينية أن معظم الأطفال اليتامى سيتم نقلهم إلى دور أيتام أو مؤسسات خيرية أو يتم التكفل بهم من طرف أحد أقاربهم.
وفي حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" أوضحت أنها تريد تقديم مساعدة مادية شهرية ليتيم سيعيش داخل بيئة أسرية أو دار أيتام.
وتؤكد: "سأساهم إلى جانب مبلغ مالي شهري في تطبيبه ورعايته واقتناء حاجياته اليومية من ملبس وكتب مدرسية".
وتتابع: "قد يقضي معنا الأعياد والعطل المدرسية وفقا للقانون الداخلي للمؤسسة التي سينتمي إليها، سأكون أذنا منصتة لأحلامه ومشاكله وأفراحه وقلبا يحنو عليه".
مهووسة بالتكفل
ومن كندا، تعبر صوفيا خيلي، أم لطفلين عن هوسها منذ صغرها بضرورة كفالة طفل وتربيته مع أبناءها من صلبها.
وبعد زواجها وتوالي السنوات، والانشغال بحياتها اليومية، تأخرت الخطوة، إلى أن تكفلت بطفل عن بعد عبر جمعية كندية تطرح فكرة التكفل بأطفال في المغرب.
وتشرح لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلة: "الجمعية تطرح فكرة التكفل بطفل مغربي مقيم مع أحد الأبوين وفي الغالب الأم، أو التكفل بالأسرة وتحدد مبلغا ماليا يبعث شهريا للجهة المكفولة".
وتتابع: "قمنا أنا وزوجي في البداية بالتكفل بطفل مغربي وبعدها أصبحنا متطوعين وتحولنا رفقة أبنائي إلى أعضاء نشيطين في الجمعية لمدة تفوق عشر سنوات".
وبعد الزلزال، استرجعت المهاجرة المغربية رغبتها الأساسية المتمثلة في كفالة طفل مغربي لينتقل ويعيش في بيتها في كندا، لذلك قررت التواصل مع الجمعيات المغربية والمحامين لكفالة طفل في أقرب الآجال.
وتقول: "تواصلت مع نائب برلماني كندي حول إمكانية تبني يتامى الزلزال في المغرب، كما حصل مع أطفال زلزال هايتي، خصوصا أن العديد من الأصدقاء عبروا عن نفس الرغبة. وحاليا سنوجه رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، لتسهيل الأمر قانونيا".
تحريم التبني وجواز الكفالة
وبحسب تصريح المحامي، حاتم بكار، لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن المغرب يعتمد في جزء كبير من القانون المنظم للأسرة على المرجعية الإسلامية، لذا "فإن التبني محرم شرعا وممنوع قانونا، وبالتالي، فهو يقبل الكفالة كصيغة قانونية تسمح بمراعاة احتياجات طفل وتنشئته".
وعن شروط التكفل بالأطفال، يوضح المحامي أنه "يجب على الشخص، سواء كان رجلا أو امرأة أو زوجان، الراغب في كفالة طفل، أن يقوم بتقديم طلب إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين، مرفقا بالوثائق اللازمة التي تثبت هويته وخلو سجله من السوابق القانونية. وأن يكون مسلما، مستقرا نفسيا، له دخل مادي يغطي احتياجات الطفل".
وبعد فتح ملف الكفالة، يحال على النيابة العامة التي تأمر بإجراء بحث مع الشرطة القضائية حول طالب التكفل، وذلك "لدراسة محيط المتكفل والتأكد من حفظ كرامة الطفل وضمان عيش كريم له والوقوف على مدى صلاحية المسكن المستقبل له".
الكفالة نوعان
وفي حال قبول الملف، تفتح مسطرة التكفل، التي تتم عن بعد أو عن قرب، وحسب تفسير حاتم بكار، فإن "الكفالة عن بعد تهم الأشخاص الذين يفضلون التكفل بمصاريف طفل متخلى عنه أو يتيم أو بأبويه عن طريق وسطاء مثل جمعيات المجتمع المدني، دار الأيتام، دور الرعاية...".
ويضيف: "أما الكفالة عن قرب، فتخص الشخص الذي يختار إيواء الطفل المتكفل به في منزله الخاص وتوفير كل احتياجاته اليومية".
وينصح الراغبين في كفالة يتامى الزلزال بالتنسيق مع السلطات المحلية التي تتوفر على المعلومات الدقيقة حول وضعية الأطفال في المناطق المنكوبة وربما التسجيل في لوائح في انتظار استقرار الأوضاع.