أطلقت مصر مؤخراً الاستراتيجية الوطنية للسكان والاستراتيجية العامة للصحة، بهدف تعزيز الاستثمار في الموارد البشرية، وضمان الحقوق الإنجابية.
تتضمن الاستراتيجية المصرية عدد من الجوانب الهامة المتعلقة بالقضية السكانية، من بينها تنظيم الأسرة بشكل كامل، ودمج خدماتها مع الصحة الأولية، والتوعية المجتمعية، واستخدام استراتيجيات تسويقية مبتكرة لتعزيز تنظيم الأسرة.
وجاء الإعلان عن الاستراتيجية في المؤتمر الدولي للصحة والسكان والتنمية المقام في مصر حتى 8 سبتمبر الجاري، بعنوان "سكان أصحاء من أجل تنمية مستدامة"، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبتواجد عدد كبير من خبراء الصحة والسكان من جميع أنحاء العالم.
حلّ القضية السكانية
ويرى عمرو حسن، مستشار وزير الصحة والسكان لشئون السكان وتنمية الأسرة أن الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023 - 2030 من المقرر أن تكون خارطة الطريق للدولة المصرية في مواجهة وحل قضية الزيادة السكانية التي تأكل كل ثمار التنمية.
وتابع حسن في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أنّ "مشروع تنظيم الأسرة هو أكبر مشروع استثماري للدولة المصرية، وسيحقق لها أعظم الفوائد، ووفقاً لبيانات أصدرها المركز المصري للدراسات الاقتصادية في 2020ـ فإن كل جنيه يتم إنفاقه على تنظيم الأسرة يوفّر لمصر151.7 جنيه، موزعين على الصحة والتعليم والإنفاق على دعم الغذاء والإسكان والمرافق الاجتماعية".
وأوضح مقرر المجلس القومي للسكان السابق أنّ مصر تنظر إلى السكان باعتبارهم أحد عناصر القوة الشاملة للدولة، غير أنّ هذا المبدأ ليس مطلقاً، لكنه مشروط بألا تتعدى معدلات الزيادة السكانية قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية بالجودة المناسبة.
ويقول المسؤول المصري أن الأرقام تتحدث عن ارتفاع كبير في الزيادة السكانية، وأبرزها:
- بلغ عدد سكان مصر بالداخل 105 مليون نسمة، يوم الثالث من يونيو عام 2023.
- تقع مصر في المرتبة الرابعة عشر عالمياً من حيث عدد السكان، والثالثة إفريقياً، والأولى على مستوى الدول العربية.
- وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع عدد سكان مصر من 72.8 مليون نسمة وفقاً لتعداد عام 2006 إلى 94.8 مليون نسمة في تعداد عام 2017، ثم إلى 104.5 مليون نسمة في الأول من العام الجاري.
- تعتبر محافظة القاهرة أكبر محافظات مصر من حيث عدد السكان، فقد بلغ عدد سكانها 10.2 مليون نسمة، تليها محافظة الجيزة 9.5 مليون نسمة وذلك في 1 يناير 2023.
- وفقًا لبيانات المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، فقد بلغ معدل الإنجاب الكلي للسيدات اللاتي سبق لهن الزواج في الفئة العمرية "15-49 سنة" (2.85) طفل لكل سيدة عام 2021 مقابل (3.5) طفل لكل سيدة عام 2014.
- أفضل المحافظات في معدلات الإنجاب كانت محافظات بورسعيد ثم الإسكندرية وبعدهم دمياط بمعدل "1.84، 2.10، 2.13" طفل لكل سيدة على التوالي.
- أعلى معدلات الإنجاب كانت محافظات مطروح وبعدها أسيوط ثم سوهاج بمعدل "4.38، 3.77، 3.68" طفل لكل سيدة على التوالي.
- من المتوقع أن يصل عدد السكان عام 2032 إلى 123.7 مليون في حالة ثبات معدل الإنجاب عند 2.85 مولود لكل سيدة، ويصل إلى 146 مليون عام 2042.
- في حالة انخفاض معدل الإنجاب إلى 1.6 مولود لكل سيدة عام 2032 فمن المتوقع أن يصل عدد السكان حوالي 116.7 مليون عام 2032، ويصل إلى 126.5 مليون عام 2042.
- وفقًا لبيانات بحث القوى العاملة لعام 2022، بلغ حجم قوة العمل من السكان "15 سنة فأكثر" 30.1 مليون نسمة، 25 مليون نسمة من الذكور، 5.1 مليون نسمة من الإناث.
- بلغ معدل البطالة 7.2% عام 2022، ويرتفع هذا المعدل بين الإناث ليصل إلى 18.4% مقابل 5% بين الذكور.
التوازن بين النمو الاقتصادي والسكاني
ويرى مستشار وزير الصحة والسكان لشؤون السكان وتنمية الأسرة أنّه لكي يتم الارتقاء بحياة المواطن المصري، فلابد من خفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادي والنمو السكاني، فاستمرار مستويات النمو السكاني على المستويات الحالية سيؤدي إلى تراجع العائد من جهود التنمية، وسَتصعب عملية الحد من البطالة والأمية والاكتفاء الغذائي.
وأردف المسؤول المصري في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أنّ "العدد الضخم من السكان في مصر يرتكزون في 13.7 فقط من مساحة مصر التي تزيد عن مليون كيلو متر مربع، وهو ما بيّن معاناة الدولة من الكثافة السكانية المرتفعة".
إعادة رسم الخريطة السكانية
وتابع أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة أنّ الدولة المصرية تعمل مصر على عدد من المشروعات القومية العملاقة في المدن الجديدة لكي يتم إعادة رسم الخريطة السكانية، من خلال إعادة توزيع السكان على نحو يحقق الأمن القومي المصري.
وأوضح حسن إلى أن مصر لديها فائضاً ضخماً من السكان يزيد على إمكانيات البلد الراهنة، منوهاً أنّ "المجتمع المصري يتناسل بصورة مذهلة تحرمه من التمتع بمستوى معيشي مثل المجتمعات العصرية، لذلك يجب علينا إغلاق هذا الملف خلال السنوات المقبلة حتى لا نظلم الأجيال القادمة إذا ما تركنا لهم الأزمة مضاعفة".