مع اقتراب الانتخابات المحلية في العراق، الأولى منذ عام 2013، وضعت المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات، حدودا بشأن الإنفاق الانتخابي للحد مِن دور "المال السياسي" في التأثير على الناخبين واتجاهات التصويت.
ويضع محللان سياسيان عراقيان في تعليقهما لموقع "سكاي نيوز عربية"، شروط نجاح خطوة المفوضية، وما يمكن أن يعيقها، في ظل منافسة حامية متوقّعة بين الكيانات السياسية حول مناصب المحافظات في الانتخابات المرتقبة ديسمبر المقبل.
تعليمات المفوضية
نقلت وكالة الأنباء العراقية، الأربعاء، عن المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، قولها إن مِن بين تعليمات الحد الأعلى للإنفاق على الحملات:
- تبدأ مدة الإنفاق الانتخابي من تاريخ بدء الحملة الانتخابية حتى يوم الصمت الانتخابي الذي يحدّد بقرار من مجلس المفوضين.
- الحد الأعلى للإنفاق الانتخابي للمرشّح يكون من مبلغ قدره 250 دينارا مضروبا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية المرشح عنها.
- سقف الإنفاق الانتخابي للحزب والتحالف السياسي من المبلغ المخصّص 250 دينارا مضروبا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية، ومضروب بعدد المرشحين لقائمة الحزب أو التحالف السياسي في الدائرة.
- التقارير المالية النهائية للحملة الانتخابية يتم تقديمها للمفوضية خلال مدة 30 يوما من تاريخ إعلان النتائج الأوَّلية.
- يجب أن تتضمن هذه التقارير تفاصيل المساهمات العينية والنفقات الداخلة لحساب الحملة الانتخابية، إضافة إلى تفاصيل النفقات المصروفة من حساب الحملة، مع وجود كل المستندات الثبوتية وإجراء الكشف النهائي.
ووفق وسائل إعلام محلية، أعلنت مفوضية الانتخابات، الثلاثاء، تسجيل 53 تحالفا سياسيا للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، بينما تنشط تلك التحالفات في الحشد الجماهيري.
من أسباب شدة المنافسة حول هذه الانتخابات، أن مجالس المحافظات المنتخبة لها دور في اختيار المحافظين ومسؤولي المحافظة المسؤولين عن مشاريعها وتوجيهها، وقد يكون لذلك تأثير كذلك في انتخابات مجلس النواب.
عقوبات "مطلوبة"
يؤكّد المحلل السياسي العراقي، ياسين عزيز، على أهمية قرار مفوضية الانتخابات بالحد من الإنفاق المفتوح على الحملات الانتخابية، مشددا في نفس الوقت على أن "الأهم هو تنفيذ القرار، والتزام الكيانات السياسية والمرشحين على شكل مستقلين به".
يستدل عزيز بأنه من متابعة الانتخابات السابقة "نجد أن فرض أي قرار لن يكون سهلا دون تعهد أو ميثاق يلزم الجميع باحترام قرارات المفوضية، ووجود عقوبات رادعة للمخالفين".
هذه العقوبات تشمل حرمان المرشح أو الكيان السياسي الذي يدعمه من خوض الانتخابات لمدد متفاوتة، وفق عزيز، الذي يذكِّر بأن الإنفاق المفرط واستغلال المال السياسي أدَّيا سابقا "لتفشي الفساد" في الانتخابات.
كما يتوقع المحلل العراقي أن تطبيق القرار الجديد "سيفسح المجال بنوعٍ مِن الإنصاف لجميع المرشحين، سواء كانوا ممن تدعمهم كيانات سياسية تمتلك المال أو كانوا مستقلين".
مصادر تمويل "مجهولة"
بدوره، يصف المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، قرار المفوضية بتحديد سقف للإنفاق الانتخابي بـ"الشكلي" إن لم يتضمن آليات لتنفيذه.
في تقديره، فإن هذه الآليات "غائبة لحد كبير"، متوقعا ألا تلتزم معظم الكتل والتيارات المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، وسوف يتم إنفاق الأموال دون قيد أو شرط.
يُرجع البيدر توقعاته إلى:
- مصادر تمويل التيارات السياسية غير معروفة.
- بعض الإنفاق غير مرئي، ولا يمكن السيطرة عليه، ولا يمكن حصر نشاط تلك التيارات أو حتى المرشحين الأفراد، في ظل غياب الرقابة.
- أنشطة إقامة الولائم وتوزيع الأموال وإقامة المشاريع لن تكون هناك رقابة عليها.
- المشكلة ليست في الحد الأدنى أو الأعلى للإنفاق، الأهم هو صناعة بيئة انتخابية نظيفة، حيث إن معظم التيارات تتحايل على القانون.
- هناك أيضا مشكلة الخروقات التي تحدث يوم الاقتراع، وهو الأمر الذي يتطلّب التصدي له من مؤسسات الدولة، وحال نجاح ذلك فستكون صنعت المستحيل.