تتواصل ردود الفعل الغاضبة في ليبيا بشأن بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في البلاد الذي يقلل من شأن خريطة الطريق التي تم التوافق عليها بين مجلس النواب ومجلس الدولة، وسط اتهامات للبعثة بالعمل "ضد التوافق الليبي".
انتقادات ليبية
- أكدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، في بيان، الثلاثاء، أن بيان البعثة الذي يصف جهود المجلسين للتوافق حول خريطة الطريق، التي تتضمن تشكيل حكومة تمهد للانتخابات، بأنها "أحادية"، هو أمر "مضلل وخبيث".
- كان 60 نائبا ليبيا وصفوا، الأسبوع الماضي، ممارسات بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في الفترة الأخيرة بأنها باتت "مشوبة بنوع من الغموض" وكأنما باتت "تعمل ضد التوافق الليبي".
وكانت البعثة أصدرت بيانا، في 26 الشهر الماضي، انتقدت فيه اتجاه مجلسي النواب والدولة لتشكيل حكومة جديدة تتولى مهمة التحضير للانتخابات، ووصفت هذه الخطوة بأنها "أحادية".
طلب دعم الشعب
بتعبير المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، فإن بيان البعثة حمل تناقضات؛ ففي الوقت الذي تدعو فيه إلى الذهاب مباشرة للانتخابات من أجل الاستقرار، تعارض خطة المجلسين المقرر أن تنتهي بإجراء الانتخابات.
ويضيف شارحا الموقف الحالي كما يراه:
- يأتي موقف البعثة عاكسا للدول الغربية الفاعلة في المشهد الليبي.
- ليبيا واقعة ضحية للاستقطاب الدولي الحاد؛ نتيجة الصراع بين الدول الغربية من طرف والصين وروسيا في طرف آخر؛ لذا لا يوجد اتفاق دولي على رؤية واحدة بشأن حل أزمتها.
- لا يملك مجلسا النواب والدولة أوراقا حالية لتمرير خريطة الطريق سوى "الاستنجاد بالشعب" وإعطائه "وعدا صادقا برد الأمانة الانتخابية له"، وهو القادر على الضغط على الجميع لتنفيذ إرادته.
- على البعثة الأممية تركيز جهودها على الأطراف المعرقلة، التي تسببت في حالة القوة القاهرة، وحالت دون إجراء الانتخابات في ديسمبر 2021 لتضمن بقاء سيطرتها على البلاد.
- العملية الانتخابية مرتبطة بتحقيق الاستقرار، وهذا لن يتسنى إلا بعودة السيادة وهيبة الدولة في المنطقة الغربية، حيث تنتشر المجموعات المسلحة والميليشيات العقائدية والإجرامية.
- ولن تعود هيبة الدولة إلا عبر سبيل واحد، وهو جمع "أمراء الحرب" على مائدة واحدة، ووضع اتفاق بينهم يقضي بنزع أسلحتهم وتفيكك مجموعاتهم المسلحة، وإعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية.
تغيير الموقف الدولي
من جانبه، يرى الباحث السياسي الليبي، محمد قشوط، بصيص أمل في التوافق الذي حدث بين مجلسي النواب والدولة.
ويُرجع ذلك الأمل إلى:
• هذا الاتفاق قد يدفع الأطراف الدولية الداعمة لحكومة عبد الحميد الدبيبة (المنتهية ولايتها وترفض تسليم السلطة قبل إجراء انتخابات)، إلى مراجعة مواقفها؛ لأن ذريعة الاختلاف بين المجلسين حول القوانين الانتخابية انتهت.
• لم يعد هناك مطلب للوصول إلى الانتخابات سوى وجود حكومة جديدة تبسط سلطتها على ربوع البلد، وتستطيع أن تتولى الإشراف على الانتخابات.
• يعول الكثيرون الآن على التوافق الحادث بين مصر وتركيا من أجل تمرير خريطة الطريق الجديدة.
في الوقت نفسه، يوجه قشوط نقده إلى البعثة الأممية، قائلا إنها ما زالت "تحتفظ بموقف ضبابي"، مستشهدا بحديث يدور عن محاولة لتجاوز مجلسي النواب والدولة، وتشكيل لجنة جديدة تتولى إدارة المشهد، تكرارا لما فعلته مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا سابقا، ستيفاني ويليامز.
دعم أميركي منتظر
يرجح عضو مجلس النواب، علي التكبالي، أن تسعى الدول الغربية والولايات المتحدة إلى دعم تشكيل حكومة جديدة موحدة، تشرف على انتخابات وطنية تنهي المراحل الانتقالية،، وذلك في إطار سعيها للحفاظ على مصالحها، ومنها ضمان تواصل الإمدادات النفطية نحو أوروبا.
وتسبب تعطل الانتخابات، وانتشار الفوضى الأمنية والسلاح، في قيام جماعات بإغلاق الحقول والموانئ النفطية عدة مرات، كلما أرادت الضغط على الحكومة لتحقيق مطالبها الخاصة بتوزيع الثروة أو المناصب أو الحصول على خدمات.