تزامنا مع تقارير تتحدث عن رفض الجيش السوداني لصيغة أفريقية تنص على لقاء مباشر بين قائدي الجيش عبدالفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو خلال الأيام القليلة المقبلة؛ حذر محللون من نفاد فرص الحل السلمي في البلاد.
في وقت يتسع فيه الرفض الشعبي للقتال الدائر بين الطرفين منذ منتصف أبريل والذي خلف نحو 10 آلاف قتيل وجريح في العاصمة الخرطوم وولايات دارفور الخمس بغرب البلاد إضافة إلى خسائر مادية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات.
ويسعى مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الافريقي للجمع بين طرفي القتال وتنفيذ خطته التي أعلنها في الخامس والعشرين من يونيو والتي تدمج بين رؤية منبر جدة الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وأطراف عربية أخرى إضافة إلى مقترحات الهيئة الحكومية للتنمية "الايقاد" والتي تنص على إجراءات تؤدي لوقف الحرب وإطلاق عملية سياسية تفضي لانتقال السلطة من العسكر للمدنيين.
وتستند خطة الحل على 6 نقاط أساسية تشمل:
■ وقف إطلاق النار الدائم وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.
■ إخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50-كيلومترا عن الخرطوم
■ نشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة
■ معالجة الأوضاع الإنسانية السيئة الناجمة عن الحرب
■ إشراك قوات الشرطة والأمن في عملية تأمين المرافق العامة
■ البدء في عملية سياسية لتسوية الأزمة بشكل نهائي
وبدا واضحا حجم التعويل على خطة الاتحاد الأفريقي من خلال التحركات الحالية التي تقوم بها قيادات سياسية ومدنية والتي وصلت الجمعة إلى العاصمة الأثيوبية اديس ابابا بعد لقاءها الأسبوع الماضي الرئيس اليوغندي يوري موسفيني باعتباره الرئيس الحالي لمجلس السلم والأمن الأفريقي والذي يتمتع بنفوذ كبير داخل الاتحاد الافريقي وفي المحيطين الإقليمي والدولي.
ويضم وفد القوى المدنية السودانية قياديين كبار في تحالف الحرية والتغيير وممثلين لحركات سلام جوبا والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر 2022.
إطار مناسب
رغم رفض وزارة الخارجية السودانية للخطة الإفريقية وقبلها لمقترحات الايقاد؛ يرى محللون انها تشكل إطارا مناسبا للحل.
وفي هذا السياق؛ تشير الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن إلى دخول طرفي الصراع مرحلة نفاد الفرص التي منحها لهما المجتمع الدولي وذلك عبر تهيئة طاولة التفاوض لأكثر من مرة.
وتقول الحسن لموقع سكاي نيوز عربية إن الفرصة الحالية ربما تكون الأخيرة إذ إن عدم الاستجابة لها سيعزز اتجاه المجتمع الدولي نحو خيار التدخل بقوات دولية للفصل بين القوتين المتصارعتين خاصة أن هنالك إجماع غربي وافريقي على أن لا بديل لوقف إطلاق النار سوى العودة للعملية السياسية. وتشير الحسن إلى أن سبب عدم انفتاح الجيش نحو الحل السلمي يعود لتأثير عناصر الحركة الإسلامية الذين يتخوفون من أن يؤدي اي حل سلمي للقضاء على أحلامهم في العودة من جديد سيما ان الحل السياسي المطروح يطرح ورقة الديمقراطية وعودة الحكم المدني.
ويرى المحلل والكاتب الصحفي وائل محجوب أن خطة الاتحاد الأفريقي يمكن ان تشكل آخر محاولات الحل السلمي لإنهاء الحرب وتسليم السلطة من العسكر للمدنيين؛ مشيرا إلى أن رفضها سينفتح الباب أمام خيارات اخرى من بينها تدخل أفريقي بدعم وإسناد أميركي واوروبي ومباركة دول عربية مهمة.
وينبه محجوب إلى أهمية الاتحاد الافريقي؛ معتبرا أنه سيشكل المظلة الأساسية التي سيتم العمل من خلالها لإنهاء الحرب خلال المرحلة المقبلة؛ خصوصا أن خطته التي تضمنت مقترحات الايقاد وخطوات مبادرة جدة تحظى بدعم أقليمي ودولي واسع.
ضغط شعبي كبير
مع تزايد سقوط الضحايا المدنيين نتيجة القصف المكثف في الأحياء السكنية والتدهور المريع في الأوضاع المعيشية والإنسانية تتزايد الأصوات المطالبة بوقف الحرب ورفض الدعوات المنادية بالتحشيد الشعبي لصالح القتال.
وفي حين نزح نحو 3 ملايين شخص من مناطق الحرب في الخرطوم ودارفور؛ يعاني ملايين السودانيين من صعوبات كببره في تغطية المصروفات اليومية التي تضاعفت في العديد من مدن البلاد؛ في ظل توقف مرتبات معظم الموظفين بسبب الأضرار الكبيرة التي تعرض لها النظام المصرفي وتوقف عجلة الإنتاج في البلاد. وقدر مختصون حجم الخسائر المباشرة والغير مباشرة التي لحقت بالاقتصاد السوداني وخصوصا قطاعي الصاغة والمصارف بأكثر من 6 مليارات دولار حتى الآن.
ولا يزال مصير الملايين من طلاب المدارس والجامعات مجهولا بعد ان تسببت الحرب في فرار مئات الآلاف منهم إلى مناطق داخلية وبلدان مجاورة. ويعتبر القطاع الصحي الأكثر تأثرا بالحرب حيث خرج أكثر من 60 في المئة من مستشفيات العاصمة عن الخدمة وفقا لنقابة اطباء السودان كما يعاني العدد القليل من المستشفيات المتوافرة في الأقاليم من نقص حاد في الأدوية والمعينات الطبية.