اضطرت أميرة عبد الرحمن، الطالبة في السنة الرابعة بكلية الطب في إحدى الجامعات الخاصة في السودان، إلى الفرار مع أسرتها خارج البلاد، وذلك بعد أسبوع من اندلاع القتال الذي دخل شهره الثالث بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأميرة واحدة من أكثر من مليون طالب في الجامعات السودانية بات مستقبلهم "في مهب الريح"، بعد أن أدت الحرب إلى إغلاق الجامعات ومؤسسات التعليم في البلاد بشكل عام، وسط أنباء عن ضياع مئات الآلاف من الملفات والوثائق الأكاديمية في عدد كبير من المؤسسات التي تعرضت لأعمال نهب وحرق وتدمير.
وكانت الحرب بداية مأساة كبيرة شهدها طلاب الجامعات السودانية، مثل أميرة التي كشفت لموقع "سكاي نيوز عربية" عن خططها في الالتحاق من البداية بإحدى جامعات البلدان العربية، في ظل صعوبة التحويل.
وفقدت جامعات كبيرة، مثل جامعة الخرطوم، تصنيفاتها الأكاديمية المتقدمة بسبب الدمار الكبير الذي لحق بمؤسسات التعليم العالي خلال العقود الثلاثة الماضية، مما أفقدها فرص تحويل طلابها إلى جامعات أخرى خارج السودان.
كما يواجه مئات الآلاف من الطلاب أيضا مشكلة كبيرة في الحصول على أي مستندات أو وثائق، تثبت تسجيلهم في الجامعات التي كانوا يدرسون بها.
وبحسرة شديدة يتحدث لموقع "سكاي نيوز عربية" عادل سعيد، الذي كان في بداية السنة الأخيرة بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، قائلا: "بعد مرور أكثر من 70 يوما من اندلاع الحرب أصبح الأمل يتلاشى لدينا. لا نعرف مصيرنا".
وتابع: "انتظرنا كثيرا لنرى اليوم الذي نجني فيه ثمرة 18 عاما من الدراسة، لكن يبدو أن ذلك اليوم بات بعيد المنال في ظل استمرار الحرب وعدم وجود أي مؤشرات على انتهائها، وفي ظل الدمار الكبير الذي لحق بالجامعات وسيحتاج إصلاحه لسنين بعد انتهاء الحرب".
وكان سعيد ومئات الآلاف من طلاب الجامعات السودانية يعانون أصلا ضياع أكثر من عامين دراسيين قبل الحرب، بسبب الإغلاقات العديدة التي شهدتها الجامعات السودانية خلال الأعوام الأربع الماضية، على خلفية الاضطرابات السياسية.
وتعرض العديد من منشآت الجامعات، من مكتبات ومعامل وغيرها، لدمار كبير تقدر خسائره بأكثر من 3 مليارات دولار، وفق مصادر محلية.
ورغم تأكيد بعض الجامعات سلامة وثائق وسجلات طلابها، فإن أكثر من 60 بالمئة من الجامعات والمعاهد والكليات العليا المتخصصة الحكومية والأهلية، البالغ عددها نحو 280 مؤسسة تعليمية، تعرض إلى التخريب خلال الحرب.
وأعلن بعض الجامعات الخاصة عن خطط لاستئناف الدراسة عن بُعد عبر الوسائط الإلكترونية، إلا أن الأمر يبدو شبه مستحيل، خصوصا بالنسبة لآلاف الطلاب الذي اضطرتهم ظروف الحرب للنزوح مع أسرهم إلى أماكن نائية لا يتوافر فيها إنترنت أو كهرباء.