يتجه "التحالف الدولي لمحاربة داعش" للانتقال من آسيا إلى إفريقيا للعب دور في محاربة الإرهاب في منطقة الساحل وغرب القارة بشكل خاص، على أمل تكرار نجاح تجربة هزيمة داعش في سوريا والعراق.
وثمن خبراء وباحثون في تعليقهم لموقع "سكاي نيوز عربية" هذا التحرك الدولي، موضحين أن هناك شروطا واجب مراعاتها أولا؛ لتثمر هذه الجهود ما تأمله شعوب الساحل وغرب إفريقيا التي تكابد من هجمات تنظيم داعش، وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم القاعدة.
وفي الاجتماع الوزاري للتحالف الذي انعقد، الخميس، في العاصمة السعودية الرياض، اتسعت مجموعة التركيز المعنية بالشأن الإفريقي لمواجهة مخاطر داعش، بانضمام السعودية إلى المجموعة بجانب الولايات المتحدة والمغرب وإيطاليا والنيجر.
وخلال حضوره الاجتماع، قال وزير الخارجية الأميركي أنتونى بلينكن، إن القتال ضد تنظيم داعش لم ينته بعد، لافتا إلى ضرورة مساعدة دول غرب إفريقيا في هذا الصدد.
اختلافات التجربتين
المحلل السياسي التشادي، أبو بكر عبد السلام يعرض الاختلافات بين سوريا والعراق من ناحية، ودول الساحل وغرب إفريقيا من ناحية، والواجب على التحالف الدولي مراعاتها:
• الوضع في غرب إفريقيا مختلف تماما عن الأوضاع في سوريا والعراق؛ لأن في هذين البلدين كان الإرهاب محصورا جغرافيا في جدران وسدود منيعة، فيها مصالح للغرب وحلفاء له.
• أما الإرهاب في إفريقيا، فينتشر في وسطها وغربها، وسط تركيبة ديمغرافية مليئة بالاختلافات، وهذا من أسباب فشل التحالفات التي قاداتها فرنسا، وتدخلت فيها أميركا، في دحر الإرهاب عند حدد النيجير وتشاد ونيجيريا ومالي.
• التحالف الدولي الذي تقوده الرياض وواشنطن، إذا لم يضع خططا إستراتيجية حقيقية، وإذا لم يشرك شُرطي المنطقة (باريس)، ستفشل جهوده كذلك.
شروط النجاح
المحلل السياسي المختص بالشأن الإفريقي، محمد مادي غاباكتي، يرحب بالتحرك الأميركي السعودي، قائلا إن "أي جهد إقليمي ودولي في مواجهة الإرهاب يشكل دعما كبيرا لحكومات المنطقة".
ويأمل غابكتي أن يسفر هذا التحرك عن نجاح مماثل لما فعله التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا والعراق، غير أنه شدد على وجود شروط لتكرار هذا النجاح في إفريقيا:
• أن يفهم المتدخلون في منطقة الساحل وغرب إفريقيا طبيعتها الجغرافية وتحالفات بلدانها مع الدول الأخرى.
• فهم طبيعة المكونات الإثنية والعشائرية وطبيعة السكان المحليين وصرعات الرعاة والمزارعين.
• تقديم الدعم الاقتصادي لدول المنطقة التي تعاني نوبات الجفاف، بالإضافة للفقر، وهي أوضاع تستغلها الجماعات الإرهابية.
• تقديم الدعم الأمني والاستخباراتي لهذه الدو، وإمدادها بالأدوات ووسائل التأمين من تكنولوجيا ورصد ومراقبة الحدود.
ويشير غاباكتي بتلك الأمور إلى أن الجماعات الإرهابية تستغل الصراعات العرقية والقبلية وثأراتها القديمة، ونزاعات الرعاة والمزارعين حول الأراضي والمواشي، في استمالة بعضهم إليها للاستقواء بهم على خصومهم أو على الحكومة.
كذلك تحرص هذه الجماعات على صناعة نقاط ارتكاز إستراتيجية لها على الحدود، لتسهيل الهروب من المطاردات الحكومية من ناحية، وتسهيل عمليات تهريب السلاح والمرتزقة والإرهابيين والمخدرات والأموال والبضائع بين الحدود لتمويل عملياتها من ناحية أخرى.
الهجمات تتصاعد
واتسعت رقعة أنشطة الجماعات الإرهابية في دول غرب إفريقيا بشكل غير مسبوق الأشهر الأخيرة؛ ما أدى لمقتل أكثر من 100 شخص منذ بداية 2023، وتشريد عشرات الآلاف من مناطقهم في مالي بوركينا فاسو ونيجيريا، مستخدمة تكتيكات وتحالفات جديدة.
ووفقا لتقديرات مؤشر الإرهاب لعام 2022، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (مؤسسة عالمية مقرها أستراليا)، فقد فشلت حتى الآن الجهود الإقليمية والدولية في وقف الزيادة المتواصلة في مستويات الإرهاب؛ نتيجة النزاعات الأهلية والنزوح وتغير المناخ واختلال الأمن الغذائي.