أدخلت الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان أدبيات وظواهر جديدة جسدت معاناة المدنيين في البلاد.

ومن بين أبرز هذه الظواهر إطلاق لقب "أطفال البوكو" على المواليد الجدد الذين ولدوا بلا أوراق ثبوتية وبطرق بدائية في المنازل في ظل صعوبة الوصول إلى المستشفيات التي خرج نحو 70 في المئة منها عن الخدمة بسبب القصف المستمر والدمار الهائل الذي لحق بها.

كما برزت أيضا ظاهرة "الشوافين" وهم الأشخاص الذين يقدمون خدمة مدفوعة الأجر للوصول إلى البيوت التي هجرها أهلها خصوصا في الأحياء الشرقية من العاصمة.

ولقب "البوكو" كان يطلق في الأصل على السيارات التي كانت تدخل خلال السنوات الأخيرة إلى البلاد عن طريق التهريب ولا تكون مصحوبة بأوراق رسمية، وكان يتم ترخيص بعضها بعد إجراءات معقدة تتضمن التأكد من مصدرها عبر "الإنتربول".

وتقول آمنة وهي من السكان القلائل الذين بقوا في أحد أحياء الخرطوم الشرقية التي هجرها نحو 90 في المئة من سكانها بسبب وقوعها في قلب مناطق الاشتباك، إنها اكتشفت بالصدفة هذا المسمى الجديد.

وأوضحت آمنة لموقع "سكاي نيوز عربية": "أردت الحصول على بعض الماء من بيت مجاور، فطرقت الباب سائلة عن صاحبة البيت فردت عليّ ابنتها بأن والدتها مع حفيدتها (البوكو) فاستغربت في بادئ الأمر من ذلك حتى عرفت لاحقا أن الطفلة ولدت خلال الأيام الأولى من الحرب في البيت ولم تصدر لها شهادة ميلاد بسبب تعثر الوصول إلى المستشفيات فأطلقوا عليها ذلك اللقب".

وفي أعقاب اندلاع المعارك، اضطرت مئات الحوامل في السودان إلى وضع مواليدهن داخل البيوت بمساعدة قابلات محليات رغم أن القانون السوداني يمتع ممارسة مهنة التوليد داخل البيوت.

وفي ظل الظروف الأمنية الحالية التي يعيشها السودان تجد الكثير من النساء الحوامل صعوبة بالغة في الوصول إلى المستشفيات مما يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة أو حدوث مضاعفات خطيرة.

لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة، فعلى الرغم من التسهيلات الاستثنائية التي تقدمها بعض دول الجوار للفارين من الحرب، إلا أن المواليد الجدد يشكلون في الكثير من الأحيان عقبة كبيرة أمام الأسر الراغبة في السفر إلى خارج البلاد فرارا من الحرب مثلهم مثل مئات الآلاف من الأسر التي اضطرت لذلك، حيث لا يمكن استخراج أي أوراق رسمية تمكّن هؤلاء من اصطحاب أولئك الأطفال خصوصا بالنسبة للأسر التي لديها إقامات في دول أخرى أو جوازات أجنبية.

أخبار ذات صلة

مقتل عشرات الرضع والأطفال في دار للأيتام بالخرطوم
"على النوتة".. حملة شعبية لإنقاذ سكان الخرطوم من الجوع

ظاهرة "الشوافين"

أصبحت ظاهرة "الشوافين" مصدر رزق للكثير من محبي المخاطرة خصوصا بعد أن عطلت الحرب أكثر من 80 في المئة من الأعمال اليومية التي يعتمد عليها نحو 60 في المئة من سكان الخرطوم في معيشتهم.

وبات من المألوف أن يعرض أشخاص أرقام هواتفهم في وسائل التواصل الاجتماعي عارضين خدمة الذهاب إلى البيوت المهجورة في المناطق المشتعلة في العاصمة وجلب أغراض محددة لصاحب المنزل الفار من القتال، أو مراقبة المنزل وإعلام صاحبه بحاله وفيما إذا كان قد تعرض لأضرار.

ويقول محمود الذي حصل موقع "سكاي نيوز عربية" على رقمه من إحدى المجموعات، إنه اضطر لممارسة هذا العمل الخطير بعد أن تقطعت به سبل العيش وفقد لأكثر من 40 يوما عمله الذي كان يعيل به أسرته.

وأضاف محمود لموقع "سكاي نيوز عربية": "نقوم بهذه المهمة بحذر شديد وبعد تقديم ضمانات محددة لصاحب المنزل. نواجه مخاطر كبيرة لكننا في بعض الأحيان ننجح في إخراج أوراق أو أغراض ثمينة ونسلمها لصاحبها مقابل مبلغ مالي جيد نسبيا".

وفي العادة يمارس هذه المهنة الجديدة سائقي "التوك توك" أو عمال الصيانة المعروفين منذ سنوات لسكان الحي لذلك تتوافر الثقة بين الطرفين في معظم الأحيان.