لا تستوعب زينب كيف لا يمكنها السفر مع ابنها خارج المغرب دون الحصول على موافقة والده الذي لم يف بالتزاماته الاجتماعية والمادية بعد الطلاق، حسب تعبيرها.
وتقول زينب لموقع "سكاي نيوز عربية": "انطلاقا من تجربتي الخاصة، فإن منع الأب لابنه من السفر خارج البلاد أو من دخول إحدى المدارس التي تختارها الأم، يكون في غالب الأحيان بدافع "الانتقام" ولا يتعلق الأمر بمصلحة الابن".
وترى المتحدثة أن الولاية على الأبناء يجب أن ترفق بالحضانة التي يمنحها القانون للأم التي تتكفل برعاية الأطفال ودراستهم بعد الطلاق.
وتفاعلا مع مطلب زينب وغيرها من النساء المغربيات، تقدم فريق حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) بمقترح يقضي بتغيير المادتين 236 و238 من مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) الخاص بالولاية على الأبناء.
تعديل القانون
وكشف مقترح الفريق البرلماني عن وجود صعوبات أمام الأم التي يمنع عليها الحصول على الوثائق الضرورية لقضاء مصالح أبنائها، سواء خلال العلاقة الزوجية عند إهمال الأب لبيت الزوجية أو بعد الطلاق وحصول الأم على الحضانة.
وتنص المادة 236 من مدونة الأسرة على أن "الأب هو الوالي على أولاده بحكم الشرع، ما لم يجرد من ولايته بحكم قضائي، وللأم أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأولادها في حالة حصول مانع للأب".
فيما تحدد المادة 238 من المدونة شروط ولاية الأم على الأولاد في حالات محددة من بينها غياب الأب أو وفاته أو فقدانه للأهلية، أو كونه مبحوثا عنه من أجل جنحة إهمال الأسرة أو أثناء قضائه عقوبة حبسية بسبب جنحة أو جناية.
مراعاة مصلحة الأبناء
تقول النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، حورية ديدي، إن هذه المبادرة التشريعية تأتي بناء على الصعوبات التي تواجه الأمهات في الحصول على الوثائق الإدارية لأطفالهن سواء الوثائق الثبوتية أو الخاصة بالاستشفاء والتمدرس، أو استخراج جواز السفر.
وتعتبر ديدي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أنه من غير المقبول تعطيل مصالح الأطفال وحرمانهم من حقوقهم الأساسية مثل الصحة والتمدرس بسبب غياب الأب أو فقدان أهليته.
وتضيف المتحدثة، أن مقترح القانون لا يطالب بتجريد الأب من الولاية الشرعية على الأبناء بل منح الحق للأم في القيام بالإجراءات الإدارية الخاصة بأبنائها بما يحفظ المصلحة الفضلى للأطفال ويراعي حقوقهم.
وتوضح النائبة البرلمانية، أن هناك حالات عدة لأطفال حرمن من حقوقهم الأساسية وعلى رأسها التعليم، بسبب غياب الوصي الشرعي وصعوبة إسقاط الولاية عنه.
ورقة للابتزاز
وتطالب عدد من الفعاليات الحقوقية والنسائية منذ سنوات بتعديل المقتضيات المتعلقة بالولاية الشرعية على الأبناء، بما يتماشى مع الاتفاقية الدولية التي صادقت عليها المملكة.
تقول عائشة لخماس، المحامية ورئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي بالمغرب، إن ولاية الأب على الأبناء قد تتحول في كثير من الأحيان إلى ورقة ابتزاز في وجه الأم خاصة خلال فترة النزاع في العلاقة الزوجية أو بعد الطلاق.
وتضيف لخماس أنه وأمام تعنت الأب في الموافقة على إجراء إداري يصب في مصلحة الابن، فإن العديد من النساء يجدن أنفسهن مضطرات إلى التنازل عن مستحقات النفقة مقابل الحصول على تصريح الوالد لتنفيذ الإجراء.
وتؤكد المتحدثة أن الأم التي يمنحها القانون حق حضانة الأطفال بعد الطلاق تواجه صعوبات في تدبير مصالح أبنائها أو الحصول على الوثائق الإدارية بسبب الولاية القانونية المطلقة للأب.
وترى المحامية والناشطة الحقوقية، أنه بات من الضروري اليوم ربط حق الحضانة بالولاية بما يخدم
مصلحة الأبناء
وتعتبر لخماس، أن حصر الولاية بيد الوالد هو "تمييز في حق النساء وعدم مراعاة لمصلحة الأبناء الذين يعتبرون الضحية الأولى لهذه التشريعات التي لا تتوافق مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب".
ويأتي النقاش حول تغيير النصوص المتعلقة بالولاية الشرعية للأب بالتزامن مع إطلاق ورش إعادة النظر في مقتضيات مدونة الأسرة التي تم إقرارها سنة 2014.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد دعا في خطاب بمناسبة عيد العرش، يوليو الماضي، إلى إعادة النظر في مدونة الأسرة من خلال "تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك.
تشدد المحامية عائشة لخماس، على أن قانون مدونة الأسرة يحتاج إلى مراجعة جذرية من أجل تحقيق المساواة والعدل بين الرجل والمرأة، مع وضع الآليات الكفيلة بتطبيق مقتضياته لحل مشاكل الأسرة.