أعاد الهجوم الذي استهدف محيط معبد اليهود "الغريبة" في جزيرة جربة التونسية، الثلاثاء، إلى الواجهة المخاوف بشأن تجدد تنفيذ عمليات إرهابية أو جرائم تمس السلم الاجتماعي في البلاد، خاصة أنه تزامن مع احتفالات دينية سنوية تشهدها الجزيرة ويحضرها آلاف اليهود من جنسيات مختلفة.

ورغم أن الحزن يخيم على "جزيرة الأحلام" بعد الحادث الذي أدى إلى مقتل 5 أشخاص، فإن أبناء وزوار المدينة من اليهود والمسلمين، خرجوا لأزقة جربة للتأكيد على أن مساعي تشويه صورة المدينة والبلاد لن تنجح.

وقال رئيس هيئة تنظيم زيارة الغريبة بيريز الطرابلسي لموقع "سكاي نيوز عربية": "سنبقى نحب تونس مهما حصل".

وتحدث بيريز عن يوم الحادث، بالقول: "لقد كانت الأجواء في اليوم الأخير من زيارة الغريبة ممتازة حتى الساعة الثامنة من مساء الثلاثاء، حيث شهدنا احتفالات رائعة خلال أيام الزيارة والتقينا أفواجا من الزوار لم تجتمع في جربة منذ سنوات".

وأضاف: "في مساء الثلاثاء أصر عدد منهم على القيام بجولة في الجزيرة، وعند نهاية جولتهم على طريق العودة إلى معبد الغريبة في حدود الساعة الثامنة سمعوا صوت إطلاق الرصاص. كنت في مكتبي عندما هرع إلى بعض الزوار لإعلامي بسماعهم صوت الرصاص قرب مدخل المعبد، وبعدها وصلتنا روايات مختلفة تتحدث عن اعتداء وعن تبادل لإطلاق النار، ثم جاء من طمأننا بخصوص تأمين المكان، وبعدها نقلونا إلى الفنادق عقب الانتهاء من العملية الأمنية".

وتابع: "جرت العادة أن يمكث عدد من الزوار داخل معبد الغريبة حتى بعد انتهاء الاحتفالات لآخر وقت. وفي توقيت الحادث بقي تقريبا قرابة الـ500 زائر وقد عاشوا حالة من الهلع شبيهة بما حصل عام 1985 وعام 2002. قد يتطلب الأمر منا بضع سنوات لاستعادة ثقة الزوار الأجانب، أما المعتدين فلن ينالوا غايتهم وهي تشويه سمعة تونس وجربة، مدينة التعايش".

"أحداث لا تؤثر فينا"

وفي السياق ذاته، قالت الناشطة في المجتمع المدني بجربة أني قابلة لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا تؤثر فينا هذه الأحداث، فنحن هنا نعيش جنبا إلى جنب طيلة حياتنا، مسلمون ويهود، ونستقبل الجميع برحابة صدر من أجل التعايش والسلام. لكنني لا أستطيع أن أخفي أن الحزن خيم على جزيرة جربة بسبب ما حدث".

وتابعت: "يوم الحادث لم أكن حاضرة رغم أنني يوميا أزور الغريبة، لكن علمت من الأهالي أنهم كانوا يحتفلون في سلم حتى سمعوا صوت إطلاق نار ظنوه في البداية ألعاب نارية، ثم تأكدوا أنه رصاص غادر، وللأسف كان البعض من الزوار مازال في الحافلة وقرب سيارات الشرطة، وقد أصيب عدد منهم إصابات متفاوتة وقتل شخصان".

وذكرت أني أنها تعيش في جربة منذ سنوات طويلة وتحديدا في منطقة حومة السوق، حيث يعيش المسلمون، وليس في منطقة حارة اليهود، مبرزة أن علاقتها بجيرانها المسلمين "جيدة جدا وكل أصدقائها منهم".

أخبار ذات صلة

تونس.. ارتفاع عدد قتلى هجوم الكنيس اليهودي في جربة
حادث الكنيس اليهودي بجربة.. جنسيات القتلى ومصير منفذ الهجوم

وقالت الناشطة إن "العملية الغادرة لم تكن متوقعة خاصة أن الأجواء كانت آمنة جدا والتنظيم محكم والأمن موجود بكثافة"، مشيرة إلى أن "التدخل السريع لقوات الأمن الذين ضحوا بحياتهم وموقف وزارة الداخلية التي نقلت حقيقة ما جرى دون مواربة طمأن الكثير من زوار جربة".

"إنها بلدنا ولن نتخلى عنها"

أما الناشطة في المجتمع المدني سهام بن علي فأكدت: "سمعنا أول إطلاق للنار في حدود الساعة الثامنة وكانت الأصوات تأتي من يمين المعبد أين توجد المدرسة والفضاء الخارجي، حيث تعود الزوار على التجمع والغناء، ثم شاهدنا تدخل قوات الشرطة والجيش وسمعنا إطلاق نار مكثف من الجهة الخلفية للمعبد. وفي الأثناء تم تجميع كل الزوار داخل المعبد وبدأت حدة إطلاق النار تخفت إلى أن جاء وقت إجلاء كل الزوار على متن حافلات مؤمنة".

وتضيف سهام: "ما بقي في ذهني هو ما ردده وزير السياحة التونسي السابق روني طرابلسي أمام الجميع في الحافلة. إنها تونس بلدنا ولن نتخلى عنها".

وتابعت أنها تأسف لما حدث، خاصة وقد فقدت صديقها التونسي اليهودي ابن جزيرة جربة أفيال حداد، الذي توفي في الهجوم، وقد كان العائل الوحيد لعائلة محدودة الدخل، ويعمل في مجال المصوغ، وعرف بأخلاقه العالية حتى سمي بين أصدقائه بـ"سفير السلام".

"يوم صعب"

أما جلال الهنشيري، مدير جامعة النزل بالجنوب الشرقي، فقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "فقدنا أبناءنا للأسف لكن هذه الجرائم تحدث في كل أنحاء العالم، ونحمد الله أن المعاملة الأمنية التونسية كانت ناجعة، وبعد يوم صعب عادت الحياة العادية في جربة".

وأضاف: "يوم أمس (الثلاثاء) كنت قريبا من مكان الحادث وسط مجموعة من التونسيين خارج المعبد، وقد وقعت الأحداث قرب مرآب السيارات حيث واجه رجل الأمن المسلح وأرداه قتيلا. وقد عشنا قرابة ساعتين من الإرباك والخوف والرعب، ورغم ذلك ستبقى جربة متضامنة مع أبنائها، وأبوابها مفتوحة أمام السياح والزوار رغم محاولات الإساءة لصورة تونس".

يشار إلى أن وزارة الداخلية في تونس كانت قد أعلنت أن رجل أمن قتل زميله وافتك سلاحه ثم عمد إلى إطلاق النار بشكل عشوائي في محاولة للوصول إلى محيط معبد الغريبة، وقد تصدت له قوات الأمن ومنعته من بلوغ المعبد وأردته قتيلا، وأسفرت الحادثة عن وفاة 3 رجال أمن وإصابة 5 آخرين، ومقتل اثنين من زوار المعبد وإصابة 4 آخرين.