بينما كان الطالب المصري محمود عاطف يتهيأ للتخرج من كلية طب الأسنان في إحدى جامعات الخرطوم والعودة إلى مصر للانطلاق نحو حياته العملية بعد 5 سنوات من الدراسة بعيدا عن عائلته، وفيما كانت أحلام المستقبل تداعب خيال الطبيب الشاب، فإذا بشظايا طائشة أطلقت في الحرب تستقر في ظهره، ليتبدل حلمه نحو العودة سالما إلى بلده واستكمال علاجه وسط أهله وتأجيل ما دون ذلك من أحلام.
وتحت وابل القصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بادر أصدقاء الطالب محمود بنقله إلى إحدى مستشفيات الخرطوم لإنقاذ زميلهم الذي أثرت إصابته على النخاع الشوكي لتجرى له جراحة عاجلة لتثبيت العمود الفقري.
مشهد تكرر مع زميلته الطالبة بكلية الهندسة مي عوض، التي كانت تقيم في الخرطوم مع إخوتها وأصيبت بشظايا في الساق، لينفطر قلب أمها المقيمة بالولايات المتحدة والتي أصبح كل همها إنقاذ ابنتها وإجلائها إلى مصر بأسرع وقت.
حالتان إنسانيتان حظيتا باهتمام خاص من وزارة الهجرة المصرية التي أجرت تنسيقا مكثفا مع الأجهزة المعنية لإجلائهما جوا على متن إحدى الطائرات المروحية التابعة للقوات المسلحة المصرية، قبل أن يتم نقلهما مباشرة لإحدى المستشفيات المصرية لعلاجهما.
رعاية صحية ونفسية
وزيرة الهجرة المصرية السفيرة سها جندي أكدت أن الطالب محمود والطالبة مي يتلقيان الرعاية الصحية اللازمة وتتم متابعة حالتهما الصحية على مدار الساعة، مشيرة إلى أن حالتهما أكثر استقرارا الآن.
وأشارت وزيرة الهجرة إلى أن الطالبين المصابين تم نقلهما على متن احدى طائرات الإجلاء من بورتسودان، وتم التواصل والتنسيق أيضا مع الهلال الأحمر المصري، والذي استقبل الطالبين لدى وصولهما إلى الحدود المصرية.
وقال مدير مستشفى هليوبوليس، أحمد الخولي، إن حالة الطالبة مي مستقرة والأطباء يعملون على تقديم الدعم النفسي لها ولإخوتها العائدين عقب ما تعرضوا له ، مشيرا إلى تخصيص جناح بالكامل للطوارئ للعائدين من السودان، بجانب التنسيق مع استشاريين في الطب النفسي للتخفيف من وطأة الصدمة، وما شاهدوه من مآس خلال الحرب الجارية، ليشعروا بالأمن والأمان في بلدهم.
وأكد الطبيب محمد وهيب، أستاذ العظام المشرف على علاج مي، استمرار المتابعة اللحظية للحالة، موضحا أن الحالة جيدة وستتحسن أكثر في وقت قصير بينما يعمل الطبيب محمد رضا، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، على تهيئة الطالبة نفسيا قبل إجراء العملية الجراحية المطلوبة.
جهود لإعادة المصريين
وأضافت وزيرة الهجرة أن جهودا كبيرة بذلت منذ بداية الأحداث لإعادة المصريين الموجودين في السودان عبر مختلف المنافذ، سواء المنافذ البرية أو المنافذ الجوية، مشيرة إلى أنه حتى هذه اللحظة هناك تنسيق مستمر لعودة المصريين من معبر قسطل ومعبر أرقين وبورتسودان.
وأشادت السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج بجهود الطلبة المصريين في السودان وممثلي مركز وزارة الهجرة للحوار لحرصهم على التنسيق الدائم والمستمر لإجلاء الطلاب الموجودين في السودان خلال الأحداث الجارية والتنسيق أيضا لإجلاء المرضى وكبار السن والعائلات من الأماكن المختلفة كأولوية أولى، حيث كان الطلاب من أعضاء مركز وزارة الهجرة للحوار آخر الراحلين من السودان.
وتابعت السفيرة سها جندي أنه منذ اندلاع الأزمة عقدت فورا لقاء افتراضيا مع أكثر من 100 من الطلبة المصريين بالسودان، وعدد من أولياء الأمور للاستماع اليهم والاطمئنان على أوضاعهم في ظل حالة الاضطراب التي يعيشها البلد الشقيق.
وبلغ عدد من تم اجلاؤهم من السودان برا وجوا منذ بدء الأزمة حتى مساء الأحد 6960 مصريا من أصل 10 آلاف مصري يشكلون قوام الجالية المصرية هناك
وحول مستقبل الطلاب العائدين واستكمال دراستهم أكدت الوزيرة الهجرة أن الحكومة تدرس كل السيناريوهات والبدائل، وأن هناك لجنة وطنية مشكلة معنية بذلك، لوضع كافة المقترحات التي يمكن تنفيذها مستقبل الطلاب الدارسين في السودان من العائدين.