تشهد مدينة الزاوية، غربي ليبيا، انتفاضة شعبية كبيرة وعمليات إغلاق طرق وحصار منشآت حكومية ومليشياوية، بعد تداول مقطع فيديو يظهر مرتزقة أفارقة لدى إحدى الميليشيات المسلحة في المدينة يعذبون شبابا ليبيين.
وظهر في الفيديو المرتزقة يعتدون بالضرب والجلد على الشباب، بالإضافة إلى سبهم، فيما تحدثت مصادر محلية عن وفاة شاب تحت التعذيب واختطاف شقيقه في المدينة الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا من العاصمة طرابلس.
غلق المدينة
فور انتشار الفيديو، قام أهالي في الزاوية بعدة احتجاجات وفق المصادر:
- أغلق محتجون، منذ فجر الخميس، الطريق الساحلي من نقطة مروره بالمدينة، حيث قطعوا الطريق بسياراتهم.
- سعى آخرون إلى التوجه لمقرات المجموعات المسلحة وإخراج المخطوفين فيها.
- أغلق محتجون مقر المجلس البلدي والمحكمة وباقي مداخل الزاوية.
- احتشد البعض قرب مصفاف الزاوية، حيث أغلقوا صمامات الخطوط التي تنقل النفط والغاز.
- تجمعت أعداد قرب مقر مديرية الأمن، وأبعدوا بعض السيارات المسلحة، منددين بتردي الوضع الأمني في المدينة التي "تشهد ارتفاعا كبيرا لمعدلات الجريمة".
يأتي هذا بعد شهر من إلقاء مديرية أمن تاجوراء القبض على 15 تشاديا بعد انتشار فيديو لهم يعذبون فيه شخصين قيل إنهما ليبيان.
التحذير من تسييس الحراك
في نفس الوقت، حذر نشطاء في المدينة من "تسييس الحراك" أو القفز عليه من أي طرف يسعى إلى استغلال انتفاضة شباب الزاوية، وفق ما نقله الناشط من الزاوية حمزة السميعي الذي قال كذلك إن الشباب خرجوا من أجل الإصلاح و"وضع حد للمجموعات المسلحة وتجاوزاتها".
ويُحمِّل كثير من السكان المجلس البلدي ومديرية الأمن، إضافة للمليشيات، المسؤولية عن الغياب التام لأي مظاهر استقرار في الزاوية، وانتشار الأعمال المخالفة للقانون، وقيام بعض الأشخاص المعروفين بإعطاء الغطاء الاجتماعي للمجرمين لمواصلة أنشطتهم، كما يضيف السميعي.
مطالب الحراك
عرض حراك شباب الزاوية مطالبه على خلفية الواقعة:
- إلغاء تحالف المجموعات المسلحة المسمى بـ"القوة الأمنية المشتركة"، وإعادة هيكلتها؛ حيث يرى البعض أنها تضم خارجين عن القانون يتسترون وراء العمل الأمني الرسمي.
- ضبط المرتزقة الذين ظهروا في فيديو التعذيب.
- إيقاف عمل مديرية الأمن بالكامل وامتثال عناصرها للقضاء.
- انتخاب مجلس بلدي جديد، وإيقاف جميع أعضاء المجلس الحالي ومحاسبتهم.
- محاسبة المتورطين في عمليات تهريب الوقود والهجرة غير الشرعية.
- إعادة هيكلة الأجهزة العاملة مع مصفاة الزاوية بالتنسيق مع حرس المنشآت النفطية ليمنعوا التهريب.
صفيح ساخن
"بلغت الحالة الأمنية في الزاوية مرحلة خطيرة، بل وتزداد سوءا، فما أن تهدأ يوما حتى تنفلت فيها الأوضاع مجددا؛ لتبقى دائما على صفيح ساخن بشكل يجعل من استقرارها مستبعدا قريبا"، كما يرى الباحث السياسي الليبي محمد قشوط.
ويُرجع قشوط ذلك إلى أن طريقة العلاج لن تكون سهلة في مدينة "أصبحت بسبب من يسيطرون عليها تستنسخ تجربة العصابات الكولومبية من جرائم خطف وقتل وبيع ممنوعات بشكل علني".
والحل المتوفر الآن بحسب رأيه، هو أن "الأهالي ليس أمامهم سوى أن يعتمدوا على أنفسهم في إجبار تلك المجموعات على إنهاء العبث بمدينتهم".
فوضى طويلة
انتشرت فوضى المليشيات منذ انحلال المؤسسات الرسمية وانتشار الفوضى في البلاد عام 2011، وسقوط الحدود في يد عصابات سهَّلت تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
والأحد الماضي، شهدت الزاوية مواجهات عند أحد مداخلها، راح ضحيتها 4 أشخاص، بين مجموعات مسلحة متصارعة على النفوذ.
ونهاية فبراير، اندلعت مواجهات في منطقة المطرد قُتل فيها شخصان، وأصيب اثنان آخران، وسبق ذلك مواجهات في منطقة ضي الهلال، راح ضحيتها بعض شباب المدينة، بحسب بيان المنطقة العسكرية الساحل الغربي.