يشهد السودان ارتفاعا مستمرا في أسعار مجمل السلع الاستهلاكية، وسط شح وندرة في بعض المنتجات الغذائية الأساسية، لا سيما في العاصمة الخرطوم، وذلك بعد 11 يوما من المعارك الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما أدى لتفاقم الوضع المعيشي للمواطنين.
ومنذ صبيحة اندلاع المواجهات العسكرية، توقفت عمليات الإمداد للأسواق بالسلع المختلفة، بعد إغلاق المصانع والشركات الكبرى أبوابها وغياب وسائل النقل بسبب عدم وجود ممرات آمنة تربط أنحاء العاصمة الخرطوم، مما ألقى بظلال سلبية على أسعار مجمل المنتجات، التي زادت بصورة جنونية.
إلى أين وصلت الأسعار؟
- حسب بكري صالح، أحد التجار في سوق ليبيا غربي مدينة أم درمان، والذي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن سعر السكر ارتفع بنسبة تصل إلى 50 بالمئة عما كان عليه قبل نشوء الصراع المسلح.
- زاد سعر طحين القمح بنسبة 30 بالمئة.
- زيت الطعام زاد بنسبة 45 بالمئة.
- ارتفعت أسعار البصل والأرز والخضروات والبيض واللحوم بنسب تتراوح بين 50 إلى 60 بالمئة.
الخبز ثابت
- بالرغم من ارتفاع سعر طحين القمح في الأسواق، فإن الخبز لا يزال يحافظ على سعره السابق، الذي يباع بواقع 50 جنيها للرغيف الواحد.
- بالرغم من ذلك، فإن هناك نقصا حادا في الخبز.
- السب أن غالبية مطاحن الغلال تقع في المنطقة الصناعية بمدينة بحري شمالي العاصمة، وهي من أكثر المناطق تأثرا بالاشتباكات العسكرية بعد الخرطوم.
- مع ذلك قال مواطنون إنهم شاهدوا سيارات نقل محملة بالطحين وهي في طريقها إلى الأحياء السكنية، لإمداد المخابز وتغطية العجز.
ماذا يقول مواطنون؟
سلمان الطيب، وهو من سكان أمبدة غربي أم درمان، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية":
- "يضطر السكان للاصطفاف أمام المخابز لفترات زمنية طويلة تصل إلى 3 ساعات في حدها الأقصى، للحصول على الخبز".
- "هناك العديد من المخابز في منطقتنا أغلقت أبوابها تماما، بسبب نفاد مخزونها من الدقيق، أما التي لا تزال تحتفظ ببعض الطحين لم تتمكن من العمل بكامل طاقتها، بسبب تذبذب التيار الكهربائي، الذي ينقطع باستمرار".
- "لا يوجد وقود للاستعانة بمولدات محلية، مما خلق أزمة حقيقية في الخبز".
توقف إمدادات السلع
بكري صالح الذي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، وهو صاحب متجر، أشار إلى توقف عمليات الإمداد بالسلع المختلفة، مما دفع تجار البيع بالجملة إلى رفع أسعار السلع التي يحتفظون بها في المخازن. وأضاف:
- "دفعنا هذا، كتجار للبيع بالتجزئة، إلى زيادة الأسعار تماشيا مع الارتفاع الحاصل، وقد وضعنا أرباحا طفيفة تعيننا على الاستمرار في العمل".
- "هناك صعوبات بليغة في ترحيل السلع والمنتجات، مع ذلك فإن عددا من السلع، من بينها السكر، قد تنفد في أية لحظة، في ظل توقف المصانع المحلية وحركة عمليات الاستيراد".
وتفجر الصراع المسلح في وقت كان يعيش فيه السودان أزمة اقتصادية طاحنة، تجلت في تراجع مريع في قيمة العملة الوطنية "الجنيه" وارتفاع معدل التضخم وغلاء الأسعار، وسط عجز ملياري في الميزانية العامة، قاد لفشل الدولة في الوفاء برواتب العاملين في الخدمة العامة، رغم ضعفها.
"شهران بلا راتب"
ويحكي المعلم السوداني، أحمد عبد الله، لموقع "سكاي نيوز عربية"، الأزمة الصعبة التي يعيشها وغيره من المواطنين، قائلا:
- "أدخل الشهر الثاني على التوالي دون أن أحصل على راتب، مما جعلني في أواجه ظروفا معيشية قاسية، في ظل تصاعد جديد لأسعار السلع الاستهلاكية، نتيجة استمرار المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع".
- "نفد كل ما عندي من مال، وليس هناك أي أمل في صرف رواتب العاملين في الخدمة العامة، فنحن نعيش حالة اللا دولة الآن، في ظل فوضى الصراع المسلح".
- "هذا وضع صعب للغاية، فالأسعار اشتعلت بصورة جنونية وتوقفت الأعمال. لا خيار إلا وقف المعارك بشكل فوري، لأن استمرارها يعني الحكم بالإعدام على شعب كامل".
ماذا يقول خبير الاقتصاد؟
توقع المحلل الاقتصادي، أحمد خليل، مزيدا من التصاعد في أسعار السلع خلال الفترة المقبلة، إذا استمرت المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقال:
- "سيستمر الارتفاع بسبب توقف الإنتاج بشكل كامل، وسيتحول الاقتصاد من تنموي إلى اقتصاد حرب، توجه فيه الأولويات إلى دعم العتاد الحربي، مما ينعكس سلبا على الأسواق".
- "تشهد الولايات الإقليمية هدوءا نسبيا فيما يستمر العمل في غالبية القطاعات الإنتاجية، لكنها ستتأثر بدورها مع مضي الوقت بالصراع المحتدم في الخرطوم، والذي أوقف الحياة فيها بصورة كاملة".
- "لا سبيل أمامنا غير الوصول لوقف دائم لإطلاق النار، والتوصل إلى حل فوري لهذه الأزمة".