أسبوع بالتمام يقضيه مئات الأطفال الأيتام في مقر حكومي مخصص لرعايتهم بوسط العاصمة السودانية الخرطوم وهم في ظروف قاسية بعد أن انقطع عنهم الغذاء والمتطوعات بإرضاعهم، وذلك نتيجة للمواجهات العسكرية الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتتعالى صرخات هؤلاء الصغار تحت دوي الطائرات وزخات الرصاص المستمر، ومع ذلك تمكن متطوعون من سماع أصوات الاستغاثة البريئة والتحرك بشكل عاجل لجمع تبرعات لإنقاذهم وتوفير الاحتياجات اللازمة لهم، وسط دعوات إلى ضرورة إيجاد مقر بديل في المناطق الآمنة نسبياً في العاصمة لإيوائهم.
ويقيم هؤلاء الأطفال في "دار المايقوما" في ضاحية السجانة التي تبعد القيادة العامة للجيش السوداني بنحو 3 كيلومترات في الاتجاه الجنوبي الغربي وهي منطقة ملتهبة وتشهد اشتباكات مستمرة بين القوات المسلحة والدعم السريع، الشيء الذي زاد مخاوف مهتمين على حياتهم.
الرضاعة انقطعت
ويقول الناشط السوداني الأبرز في منظمات المجتمع المدني ناظم سراج لموقع "سكاي نيوز عربية" إن 300 طفل في دار المايقوما عاشوا ظروفا مأساوية خلال أيام الحرب، حيث نفدت الألبان والأغذية المخصصة لهم نتيجة انقطاع الإمدادات بسبب المواجهات العسكرية، كما لم تتمكن النساء المرضعات المتطوعات من الوصول إلى دار الإيواء طيلة فترة الاشتباكات.
ويضيف: "لقد قمنا بتحركات عديدة وحملة لجمع التبرعات من الجهات الخيرية بغرض توفير الاحتياجات اللازمة للأطفال فاقدي السند، الآن الأمور تمضي بشكل جيد وقد قطعاً شوطا في سبيل إنقاذ هؤلاء الصغار".
وبحسب متطوعة في دار المايقوما تحدثت لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن الدار تتبع إدارياً لوزارة الرعاية الاجتماعية الحكومية في ولاية الخرطوم، ولكن ميزانيات التسيير فيها تعتمد على استقطاب الدعم من الجهات الخيرية بشكل مستمر، ولا تجد التمويل الكافي من الدولة، لذلك لم يكن هناك مخزون كبير من الألبان والمستلزمات الغذائية للأطفال عندما اندلعت الحرب.
من عمر شهور إلى 5 سنوات
وتشير إلى أن الأطفال العالقين حالياً في دار الرعاية المايقوما تتراوح أعمارهم ما بين شهر وحتى 5 سنوات، ويعيشون أوضاعا صعبة للغاية في هذه اللحظات، لكن بعض الجهات شرعت في تقديم المساعدة رغم الظروف الصعبة، حيث تتواصل الاشتباكات المسلحة وسط إغلاق الجسور والطرق الرابطة بين أنحاء العاصمة.
وتأوي دار المايقوما الأطفال فاقدي السند أو مجهولي الأبوين منذ ولادتهم وحتى يبلغوا سن الخامسة وهي تقوم بهذا الدور منذ عقود. ويحظى هؤلاء الصغار بتعاطف وتضامن كبير من أفراد المجتمع السوداني والمنظمات الإنسانية التي لم تتأخر في الاستجابة لنداءات إعانتهم، ولكن ربما حجب دوي الطائرات والمدافع صرخاتهم عن الكثيرين هذه المرة وبات يسمعهم قلة.
ويرى إدريس عبدالله وهو متطوع في إحدى منظمات المجتمع المدني السودانية، ضرورة إجلاء الأطفال فاقدي السند في دار المايقوما إلى مقر بديل في المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم تكون آمنة نسبياً لأن بقاءهم في هذا المكان الملتهب يعني وفاتهم إما جوعا أو خوفا، هذا إن لم يتعرضوا للرصاص والقذائف الطائشة.
ويقول عبدالله لموقع "سكاي نيوز عربية": "إبقاء هؤلاء الأطفال في دار المايقوما سيكون له مردود نفسي كبير عليهم حال كتب لهم النجاة، لأن الأشخاص الكبار لا يستطيعون تحمل رعب الهجمات العسكرية، فما بالك بمصير أطفال دون سن الخامسة من أعمارهم".
ويضيف: "نناشد أطراف الصراع والمنظمات وكافة الجهات المعنية بأن ينقذوا هذه الأصوات البريئة، فهم لا يحتملون أكثر من ذلك وتكفي 7 أيام من الرعب لتدمير حياتهم".