أثارت المواجهات الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، المخاوف بشأن الوضع في الجنوب الليبي الذي يعاني من تحديات أمنية واجتماعية كبيرة بالفعل.
وتمثل السودان ثقلا "جيوسياسيا" مهما في المنطقة، وسقوطها في صراع طويل ومدمر "سينعكس سلبا على ليبيا"، كما يحذر الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، الذي يخشى أن تؤدي المواجهات إلى فرار المسلحين إلى الجنوب الليبي "كملاذ آمن لهم".
تحذير من الجماعات الإرهابية
ويمكن أن تسعى الجماعات الإرهابية إلى استغلال الاضطرابات الأمنية الكبيرة في السودان، والوضع الهش في الجنوب الليبي، من أجل تنفيذ عمليات تستهدف عدة دول في الإقليم، واستهداف مصالح للدول الكبرى في المنطقة الحيوية بالبحر الأحمر، وفق قشوط.
كما أن استمرار الصراع وتوسع نطاقه، يعني انطلاق موجات من اللاجئين والمهاجرين من أماكنهم، حسب قشوط، حيث سيمثل الأمر عبئا مضافا، ولذلك من مصلحة الجميع في المنطقة أن تستقر الأوضاع سريعا.
تشديد الحدود
وخرجت دعوات من النشطاء السياسين في الجنوب، وبينهم أحمد هميل، للجيش الليبي من أجل التحرك وتشديد التأمين بالمواقع الحدودية مع السودان، وذلك لمنع تسلل أي مقاتلين أو أسلحة، بما قد يتسبب في تأزيم الوضع في البلاد.
ويشهد الجنوب الليبي استقرارا نسبيا خلال الفترة الماضية بسبب الجهود المضنية للجيش الوطني، لكن تلك النجاحات مهددة في ظل الصراع الدائر حاليا في السودان، والانفلات الأمني الذي تشهده نتيجة المواجهات، وفق هميل، الذي يرى أن حربا طويلة الأمد هناك ستنعكس سلبيا وتمثل "خطرا حقيقيا" على فزان.
الجيش الليبي ينأى عن الصراع
ولكن رغم ما يعانيه الجنوب الليبي من ترهل أمني، وما يجري تداوله حول تحوله إلى قاعدة لوجيستية لإمداد أي من أطراف الصراع في السودان، توجد هناك العديد من العوامل التي تحول دون تحقق هذا السيناريو، كما يرى الكاتب المتخصص في الشأن الأفريقي عمر حسين.
أول تلك العوامل هو الإرادة الواضحة للجيش الوطنى الليبي فى البعد عن الصراع الدائر في السودان، لعلمه بهشاشة الوضع الأمني في ليبيا، وعدم احتماله أي "مشكلة أمنية مستوردة"، كما يوضح حسين.
ونفى الجيش الليبي، في بيان الخميس، "نفيا قاطعا" تقديم الدعم لطرف ضد الآخر في السودان، مؤكدا دعم استقرارها وأمنها وسلامة شعبها، وعرض لعب دور الوساطة لوقف القتال فورا، وفتح المجال للحوار بالطرق السلمية.
اتفاق لحماية واردات النفط
وهناك اتفاق ضمني بين الأطراف الأوروبية الفاعلة في المشهد الليبي للحفاظ على استقرار البلاد "خوفا من أن يؤثر أي أزمة جديدة على واردات النفط إلى أوروبا"، كما يشير الباحث في الشأن الأفريقي، حيث يحوز الجنوب الليبي على نحو 60 في المئة من إجمالي إنتاج البلاد من النفط.
كما أن التعاطي العربي مع الوضع في السودان، والتوافق على إطفاء الحرب والضغط على طرفي الصراع، وليس دعم طرف على حساب آخر، سيسهم في تحجيم الوضع، وتقويد الحرب وحصرها، وبالتالي منع انتشارها إلى الجنوب الليبي، حسب حسين.